الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
ومنها أن يتقي مواضع التهم صيانة لقلوب الناس عن سوء الظن ولألسنتهم عن الغيبة ؛ فإنهم إذا عصوا الله بذكره وكان هو السبب فيه كان شريكا ؛ قال الله تعالى : ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم وقال صلى الله عليه وسلم : كيف ترون من يسب أبويه فقالوا : وهل من أحد يسب أبويه فقال ؟ : نعم ، يسب أبوي غيره فيسبون أبويه .

وقد روي عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كلم إحدى نسائه فمر به رجل فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : يا فلان ، هذه زوجتي صفية ، فقال : يا رسول الله ، من كنت أظن فيه فإني لم أكن أظن فيك ، فقال : إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم .

وزاد في رواية إني خشيت أن يقذف في قلوبكما شيئا ، وكانا رجلين فقال : " على رسلكما إنها صفية " الحديث .

وكانت قد زارته في العشر الأواخر من رمضان وقال عمر رضي الله عنه : من أقام نفسه مقام التهم فلا يلومن من أساء به الظن .

ومر برجل يكلم امرأة على ظهر الطريق فعلاه بالدرة فقال يا أمير المؤمنين إنها امرأتي فقال هلا : حيث لا يراك أحد من الناس ؟ .

[ ص: 273 ]

التالي السابق


[ ص: 273 ] (ومنها أن يتقي مواضع التهم صيانة لقلوب الناس عن سوء الظن) به (و) صيانة (لألسنتهم عن الغيبة؛ فإنهم إذا عصوا الله بذكره وكان هو السبب فيه كان شريكا؛ قال تعالى: ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم ) أي: لا تسببوا لسب آلهتهم فيجر إلى تجاوزهم عن الحدود ويجهلون فيسبون الله -عز وجل- وتكونوا أنتم السبب في ذلك .

(وقال -صلى الله عليه وسلم-: كيف ترون من يسب أبويه) أي: يشتمهما (فقالوا: وهل من أحد يسب أبويه؟) هذا لا يكون (قال: نعم، يسب أبا غيره) وفي نسخة: أبوي غيره (فيسبون أبويه) .

قال العراقي: متفق عليه من حديث عبد الله بن عمرو نحوه .

(قال أنس) -رضي الله عنه- (إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كلم أحد نسائه فمر به رجل) ورآه يكلمها (فدعاه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقال: يا فلان، هذه زوجتي صفية، فقال: يا رسول الله، من كنت أظن فيه فإني لم أكن أظن فيك، فقال: إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم) رواه أحمد والشيخان وأبو داود من حديثه، وقد تقدم مفصلا في كتاب الصوم (و) زاد (في رواية) أخرى فقال: (إني خشيت أن يقذف في قلوبكما شيئا، وكانا رجلين فقال: "على رسلكما إنها صفية" الحديث، وكانت قد زارته في العشر الأواخر من رمضان) فشيعها إلى منزلها. رواه الشيخان وأبو داود وابن ماجه من حديث صفية، وقد تقدم شرح هذا الحديث في كتاب أسرار الصوم .

(وقال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: من أقام نفسه مقام التهم فلا يلومن من أساء الظن به) نقله الذهبي في مناقب عمر والإسماعيلي كذلك (ومر) -رضي الله عنه- (برجل يكلم امرأة على ظهر الطريق فعلاه بالدرة) أي: رام أن يضربه بها (فقال) (يا أمير المؤمنين إنها امرأتي) أي: ليست بأجنبية (فقال: فهلا حيث لا يراك الناس؟) أورده الذهبي والإسماعيلي كله في مناقب عمر .




الخدمات العلمية