الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
وآداب تشييع الجنازة لزوم الخشوع وترك الحديث وملاحظة الميت والتفكر في الموت والاستعداد له وأن يمشي أمام الجنازة بقربها والإسراع بالجنازة سنة .

التالي السابق


(وآداب تشييع الجنازة دوام الخشوع وترك الحديث وملاحظة الميت) والاعتبار به (والتذكر في الموت والاستعداد له) بما أمكن من صالح الأعمال كتقديم الصدقات وصلة الأقارب والتسبيح والتهليل وقراءة سورة الإخلاص والتنصل عن المذام والحقوق وخلوص التوبة وإدراك ما فاته من الخيور وغير ذلك (وأن يمشي أمام الجنازة بقربها) فإنه شفيع لها، والشفيع يتقدم، هذا المذهب الشافعي -رحمة الله عليه- ويدل له حديث ابن عمر: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يمشي بين يديها وأبو بكر وعمر، وقال أبو حنيفة -رحمه الله تعالى-: المشي خلفها أفضل؛ لما رواه البراء بن عازب قال: أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- باتباع الجنازة، وعن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "حق المسلم على المسلم خمس" وذكر منها الاتباع لا يقع إلا على التوالي، وكان - رضي الله عنه- يمشي خلفها، وقال: إن فضل الماشي خلفها على الماشي أمامها كفضل الصلاة المكتوبة على النافلة، وإن أبا بكر وعمر كانا يعملان ذلك لكنهما يسهلان على الناس .

وعن ابن عمر مثله، وروي عن ابن عمر أنه مشى خلف الجنازة فسأله نافع: كيف المشي في الجنازة، خلفها أم أمامها؟ فقال: أما تراني أمشي خلفها؟ وعن أنس أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- وأبا بكر وعمر كانوا يمشون أمام الجنازة، وبها علم أن في المشي أمامها فضيلة، والمشي خلفها أفضل لما فيه من الأمر والنهي والفعل والحث عليه؛ ولهذا مشى ابن عمر خلفهما وهو الراوي لمشي النبي -صلى الله عليه وسلم- أمامها لأن المشي خلفها أمكن للمعاونة عند الحاجة إليها إذا نابت نائبة فكان أولى، ولا يستقيم قول من قال: إن الشفيع يتقدم عادة؛ لأن الشفاعة في الصلاة وهم يتأخرون عنها عندها؛ ولأن الشفيع عادة إذا خيف عليه بطش المشفوع عنده فيمنعه الشفيع ولا يتحقق ذلك هنا .

(والإسراع بالجنازة سنة) وقال العراقي: متفق عليه من حديث أبي هريرة: "أسرعوا بالجنازة" الحديث اهـ .

قلت: "وتمامه فإن تك صالحة فخير تقدمونها إليه وإن تك سوى ذلك فشر تضعونه عن رقابكم". وكذلك رواه أحمد وأصحاب السنن، وقد روي أيضا من حديث ابن عمر فيه "عن أعناقكم" بدل "عن رقابكم" ثم المسنون أن يسرع بالميت وقت المشي بلا خبب وحده بحيث لا يضطرب الميت على الجنازة، وعن أبي موسى الأشعري قال: مرت [ ص: 303 ] برسول الله -صلى الله عليه وسلم- جنازة تمخض مخض الزق، فقال: "عليكم بالقصد" وعن أبي مسعود قال: سألنا نبينا -صلى الله عليه وسلم- عن المشي بالجنازة فقال: ما دون الخبب والمستحب أن يسرع بتجهيزه كله .




الخدمات العلمية