الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
وجاء رجل إلى عبد الله بن المبارك فشكا إليه بعض ولده فقال : هل دعوت عليه ؟ قال : نعم ، قال : أنت أفسدته .

ويستحب الرفق بالولد ، رأى الأقرع بن حابس النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقبل ولده الحسن فقال إن لي عشرة من الولد ما قبلت واحدا منهم فقال صلى الله عليه وسلم : إن من لا يرحم لا يرحم .

وقالت عائشة رضي الله عنها : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما : اغسلي وجه أسامة فجعلت أغسله وأنا أنفة فضرب يدي ، ثم أخذه فغسل وجهه ثم قبله ، ثم قال : قد أحسن بنا إذ لم يكن جارية .

التالي السابق


(وجاء رجل إلى عبد الله بن المبارك) -رحمه الله تعالى- (فشكا إليه بعض ولده فقال: هل دعوت عليه؟ قال: نعم، قال: أنت أفسدته) يشير بذلك إلى أن دعوة الوالد في ولده مستجابة فلا ينبغي للوالد أن يدعو عليه فيتسبب لإفساد حاله (ويستحب الرفق بالولد، رأى الأقرع بن حابس) التميمي، من المؤلفة قلوبهم، (النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقبل ولده الحسن فقال) الأقرع: (إن لي عشرة من الولد ما قبلت واحدا منهم) فنظر إليه (فقال: إن من لا يرحم لا يرحم) أي: من لا يكون من أهل الرحمة [ ص: 320 ] لا يرحمه الله، قال العراقي: رواه البخاري من حديث أبي هريرة. انتهى .

قلت: وكذلك رواه أحمد ومسلم والترمذي ورواه ابن ماجه من حديث جرير وكلهم اقتصروا على القطعة الأخيرة منه، ورواه البخاري أيضا في الأدب المفرد بتمامه .

(وقالت عائشة -رضي الله عنها-: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يوما: اغسلي وجه أسامة) هو ابن زيد بن حارثة بن شراحيل القضاعي حب رسول الله وابن حب رسول الله (فجعلت أغسله وأنا أنفة) يقال: أنف من كذا إذا استكبر أو استحى وفي رواية "وأنا أتقيه" أي: أتحذره (فضرب بيدي، ثم أخذه فغسل وجهه ثم قبله، ثم قال: قد أحسن بنا إذ لم يكن جارية) .

قال العراقي: لم أجده هكذا ولأحمد من حديث عائشة أن أسامة عثر بعتبة الباب فدمي فجعل النبي -صلى الله عليه وسلم- يمصه ويقول: لو كان أسامة جارية لحليتها ولكسوتها حتى أنفقها، وإسناده صحيح. اهـ .

قلت: ما أورده المصنف نقله الذهبي في ترجمة أسامة في كتابه سير النبلاء عن مجالد عن الشعبي عن عائشة بلفظ أتم منه، فدل على أن للحديث أصلا هكذا وجدته بهامش المغني وبخط الحافظ ابن حجر أخرجه ابن سعد من الوجه الذي أخرجه أحمد وزاد فقال: "يا عائشة أميطي عنه فتقذرته" اهـ .

قلت: وكذلك رواه من هذا الوجه ابن أبي شيبة في المصنف وابن ماجه والبيهقي.




الخدمات العلمية