الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
فإن قلت : فالعلم بهذه الرخص هل يجب على المسافر تعلمه قبل السفر أم يستحب له ذلك ، فاعلم أنه إن كان عازما على ترك المسح والقصر والجمع والفطر وترك التنفل راكبا وماشيا لم يلزمه علم شروط الترخص في ذلك لأن الترخص ليس بواجب عليه .

وأما علم رخصة التيمم فيلزمه لأن ; فقد الماء ليس إليه إلا أن يسافر على شاطئ نهر يوثق ببقاء مائه أو يكون معه في الطريق عالم يقدر على استفتائه عند الحاجة فله أن يؤخر إلى وقت الحاجة .

إما إذا كان يظن عدم الماء ولم يكن معه فيلزمه التعلم لا محالة .

فإن قلت : التيمم يحتاج إليه لصلاة لم يدخل بعد وقتها فكيف يجب علم الطهارة لصلاة بعد لم تجب ، وربما لا تجب ? فأقول : من بينه وبين الكعبة مسافة لا تقطع إلا في سنة فيلزمه قبل أشهر الحج ابتداء السفر .

ويلزمه تعلم المناسك لا محالة إذا كان يظن أنه لا يجد في الطريق من يتعلم منه لأن الأصل الحياة واستمرارها وما لا يتوصل إلى الواجب إلا به فهو واجب .

وكل ما يتوقع وجوبه توقعا ظاهرا على الظن ، وله شرط لا يتوصل إليه إلا بتقديم ذلك الشرط على وقت الوجوب فيجب تقديم تعلم الشرط لا محالة كعلم المناسك قبل وقت الحج ، وقبل مباشرته .

فلا يحل إذن للمسافر أن ينشئ السفر ما لم يتعلم هذا القدر من علم التيمم .

وإن ، كان عازما على سائر الرخص فعليه أن يتعلم أيضا القدر الذي ذكرناه من علم التيمم وسائر الرخص فإنه إذا لم يعلم القدر الجائز لرخصة السفر لم يمكنه الاقتصار عليه .

فإن قلت إنه : إن لم يتعلم كيفية التنفل راكبا وماشيا ماذا يضره وغايته إن صلى أن تكون صلاته فاسدة وهي غير واجبة فكيف يكون علمها واجبا ? فأقول : من الواجب أن لا يصلى النفل على نعت الفساد فالتنفل مع الحدث والنجاسة وإلى غير القبلة ومن غير إتمام شروط الصلاة وأركانها حرام فعليه أن يتعلم ما يحترز به عن النافلة الفاسدة حذرا عن الوقوع في المحظورات .

، فهذا بيان علم ما خفف عن المسافر في سفره .

التالي السابق


(فإن قلت: فالعلم بهذه الرخص) المذكورة (هل يجب على المسافر تعلمه قبل السفر أم يستحب له ذلك، فاعلم أنه إن كان عازما) أي: قاصدا في نيته (على ترك المسح والقصر والجمع والفطر وترك التنفل راكبا وماشيا لم يلزمه علم الترخص في ذلك) لاستغنائه عنه، و (لأن الترخص ليس بواجب عليه، وأما علم رخصة التيمم فيلزمه; لأن فقد الماء ليس إليه إلا أن يسافر على شط نهر) أو بحر (يوثق ببقاء مائه) أو إدامة سفره على ذلك الشط من غير أن يعدل عنه، (أو يكون معه في الطريق عالم يقدر على استفتائه عند الحاجة) إليه، (فله أن يؤخر إلى وقت الحاجة أما إذا كان يظن عدم الماء) بأن لم يستمر على شط النهر (ولم يكن معه عالم) يستفتي منه (فيلزمه التعلم لا محالة، فإن قلت: التيمم يحتاج إليه لصلاة لم يدخل بعد وقتها فكيف يجد علم الطهارة لصلاة بعد لم تجب، وربما لا تجب؟ فأقول: من بينه وبين الكعبة مسافة) أي: بعد (لا تقطع إلا في سنة) مثلا .

(فيلزمه قبل) دخول (أشهر الحج ابتداء السفر ويلزمه تعلم المناسك) والآداب المتعلقة بالحج (لا محالة إذا كان يظن أنه لا يجد في الطريق من يتعلم منه) تلك المناسك؛ (لأن الأصل الحياة واستمرارها) إلى أن يصل إلى المقصود، (وما لا يتوصل إلى الواجب إلا به فهو واجب) لتوقفه عليه، (وكل ما يتوقع وجوبه توقعا ظاهرا غالبا على الظن، وله شرط لا يتوصل إليه إلا بتقديم ذلك الشرط على وقت الوجوب فيجب تقديم الشرط لا محالة كعلم المناسك قبل وقت الحج، وقبل مباشرته فلا يحل إذا للمسافر أن ينشئ السفر ما لم يتعلم هذا القدر الذي ذكرناه من علم التيمم، فإن كان عازما على سائر الرخص فعليه أن يتعلم أيضا القدر الذي ذكرناه من علم التيمم وسائر الرخص فإنه إذا لم يعلم القدر الجائز لرخصة السفر لم يمكنه الاقتصار عليه، فإن قلت: إن لم يتعلم كيفية التنفل راكبا وماشيا ماذا يضره وغايته إن صلى أن تكون صلاته فاسدة وهي غير واجبة فكيف يكون علمها واجبا؟ فأقول: من الواجب أن لا يصلي النفل على نعت الفساد) أي: وصفه (فالنفل مع) وجود (الحدث والنجاسة وإلى غير القبلة من غير إتمام شروط الصلاة و) من غير تمام (أركانها حرام) لا يحل فعله (فعليه أن يتعلم ما يحترز به عن النافلة الفاسدة) ويحتاط فيها (حذار عن الوقوع في المحذور، فهذا بيان علم ما خفف على المسافر سفره) وبه تم القسم الأول .




الخدمات العلمية