الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
وكان يقول : إن لي عند ربي عشرة أسماء أنا محمد ، وأنا أحمد ، وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر ، وأنا العاقب ، الذي ليس بعده أحد ، وأنا الحاشر يحشر الله العباد على قدمي ، وأنا رسول الرحمة ، ورسول التوبة ، ورسول الملاحم والمقفى ، قفيت الناس جميعا ، وأنا قثم ، قال أبو البختري والقثم الكامل الجامع والله أعلم .

التالي السابق


ولنعد إلى شرح كلام المصنف ، قال : (وكان صلى الله عليه وسلم يقول : إن لي عند ربي عشرة أسماء أنا محمد ، وأنا أحمد ، وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر ، وأنا العاقب ، الذي ليس بعده أحد ، وأنا الحاشر يحشر العباد على قدمي ، وأنا رسول الرحمة ، ورسول التوبة ، ورسول الملاحم ، والمقفي ، قفيت الناس جميعا ، وأنا قثم ، قال أبو البختري والقثم الكامل الجامع) .

اعلم أن الأسماء جمع اسم ، وهو كلمة وضعت بإزاء شيء متى أطلقت فهم منها إذ هي إما معرفة أو مخصصة قبل ، والاسم عين المسمى ؛ لقوله تعالى : سبح اسم ربك الأعلى وقوله تعالى : بغلام اسمه يحيى ثم قال : يا يحيى فنادى الاسم ، ورد بأنه يلزم عليه أن من قال النار احترق لسانه ، والعسل ذاق حلاوته ، وهو بديهي البطلان ، ولا حجة في الآيتين ؛ لأن سبح بمعنى اذكر ، أو على حقيقته ، وأريد بتنزيه الاسم نفسه ، إذ أسماؤه تعالى توقيفية ، فيجب تنزيهها عن أن يخترع له تعالى ما لم يصح عنه ، أو عن رسوله ، لقصور من عداهما عن أن يحيط بما يناسب جلاله العلي ، ومعنى النداء : يا أيها الغلام المسمى يحيى .

فالصواب أنه غيره كما عرف من الحد ، وقد تقدم بحث ذلك في شرح كتاب قواعد العقائد من هذا الكتاب ، هذا إن أريد اللفظ وهو الذي الكلام فيه ، ومنه : وعلم آدم الأسماء كلها فإن أريد به الذات فعينه ، ومنه : ما تعبدون من دونه إلا أسماء أو الصفة ، كما يقول الأشعري : انقسم عنده أقسامها فإن رجع للذات كالله فعينه أو للفعل ، كالخالق فغيره ، أو لصفة الذات كالتعليم فليس عينه إذ علمه تعالى زائد على ذاته ، ولا غيره لعدم انفكاكه عنه من الجانبين ، بناء على أن الغيرين موجودان ، يجوز الانفكاك بينهما ، ثم إن أسماء سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم - قد تعرض جماعة لتعدادها فمنهم من بلغها تسعة وتسعين موافقة لتعداد أسمائه تعالى الحسنى ، الواردة في الحديث فقال القاضي عياض : خصه الله تعالى أن سماه بنحو من ثلاثين اسما من أسمائه الحسنى ، وقال ابن دحية في المستوفى : إذا فحص عنها من الكتب المتقدمة والقرآن والسنة بلغت ثلاثمائة .

وبلغها بعض الصوفية إلى ألف كأسمائه تعالى ، وقد جمعها البدر البلقيني في مجلد حافل ، وكذا ابن دحية في المستوفى ، والمراد حينئذ ما يشمل الأوصاف ، فإذا اشتق له من كل وصف من أوصافه المختصة به ، أو الغالبة عليه ، أو المشتركة بينه وبين الأنبياء بلغت ذلك العدد بزيادة ، وقد وصلها جماعة كالقاضي عياض وابن العربي ، وابن سيد الناس ، إلى أربعمائة فأول ذلك الأسماء على الإطلاق محمد ، وهو علم منقول من اسم مفعول المضعف سمي به نبينا -صلى الله عليه وسلم - لكثرة خصاله المحمودة .

روى البيهقي من طريق أبي بكر الحميدي ، قال حدثنا سفيان ، ثنا أبو الزناد ، عن الأعرج عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "ألا تعجبون كيف يصرف الله عز وجل عني شتم قريش ، ولعنهم يسبون مذمما ، ويلعنون مذمما ، وأنا محمد " .

وروى البخاري في الصحيح عن علي بن عبد الله ، عن سفيان ، وقد سماه به جده عبد المطلب بإلهام من الله تعالى له ، بذلك رجاء أن يحمده أهل السماء ، وأهل الأرض ، وقد حقق الله رجاءه ، وأنزل الله تصديقه في القرآن ، فقال : محمد رسول الله ، الاسم الثاني : أحمد وابتدأ بهذين الاسمين لإنبائهما عن كمال الحمد المنبئ على كمال ذاته ، والراجع إليه سائر أوصافه إذ صيغة التفعيل منبئة عن التضعيف ، والتكثير إلى ما لا نهاية له ، وصيغة أفعل منبئة عن الوصول لغاية ليس وراءها منتهى إذ معناه أحمد الحامدين لربه ؛ لأنه يفتح عليه يوم القيامة بمحامد لم يفتح بها على أحد قبله ، فيحمد ربه بها ، ولذلك يعقد له لواء الحمد ، ثم لم يكن محمدا حتى كان أحمد حمد ربه ، فنباه وشرفه ، ولذلك تقدم في قول موسى عليه السلام : "اللهم اجعلني من أمة محمد " ، وقول عيسى عليه السلام اسمه أحمد ، قدمه على محمد ؛ لأن حمده لربه كان قبل حمد الناس له ، فلما وجد وبعث كان محمد بالفعل ، فبأحمد ذكر قبل أن يذكر بمحمد " ، وكذلك في الشفاعة يحمد ربه بتلك المحامد التي لم يفتح بها على أحد قبله ، فيكون أحمد الحامدين لربه ، ثم يشفع فيحمد على شفاعته ، فتقدم أحمد ذكرا أو وجودا أو دنيا وأخرى ، هذا حاصل كلام السهيلي .

وجرى عليه القاضي في الشفاء وغيره ، وهو أظهر من دعوى ابن القيم في أحمد أنه قيل فيه : إنه بمعنى مفعول ، أي أنه أول الناس بأن يحمد ، فهو بمعنى محمد ، وإن تفاوتا في أن محمدا أكثر خصاله [ ص: 162 ] يحمد عليها ، وأحمد هو الذي يحمد أفضل مما يحمد غيره ، ولو أريد أنه أكثر حمدا لربه لكان الأولى به الحماد .



*ومن مزاياهما مساواتهما الجلالة حروفا ، ومن مزايا الأول موافقته لمحمود من أسمائه ، ومن ثم قال حسان رضي الله عنه :


وشق له من اسمه ليجله فذو العرش محمود وهذا محمد

وورد عند أبي نعيم أنه سمي بهذا الاسم قبل الخلق بألفي عام ، وهذا إن صح يعكر على ما مر عن السهيلي في تأخره عن أحمد وجودا ، وورد عن كعب أن اسم محمد مكتوب على ساق العرش ، وفي السماوات السبع ، وفي قصور الجنة ، وغرفها ، وعلى نحور الحور ، وعلى قصب آجام أهل الجنة ، وورق طوبى ، وسدرة المنتهى ، وعلى أطراف الحجب ، وبين أعين الملائكة ، قيل : ووجد مكتوبا بأعلى ورد بالهند ، وعلى جنب سمكة ، وأذن أخرى ، قال ابن قتيبة : ومن إعلام نبوته أنه لم يسم به أحد قبله ؛ صيانة لهذا الاسم ، كما صين يحيى عن ذلك ، وخشية من وقوع لبس ، نعم لما قرب زمانه وبشر أهل الكتاب بقربه ، سمى قوم أولادهم بذلك رجاء أن يكون هو وغفلوا عن أنه تعالى أعلم حيث يجعل رسالاته وأشهرهم خمسة عشر .

الاسم الثالث : الماحي ، وقوله : "يمحو الله بي الكفر " ، أي : من مكة والمدينة ، وسائر بلاد العرب ، وغيرها ، مما زوي له صلى الله عليه وسلم ووعد أن يبلغه ملك أمته ، أو المراد أن يمحوه بمعنى يدحضه ، ويظهر عليه بالحجة ، والغلبة ، قال الله تعالى : ليظهره على الدين كله أو أنه يمحو سيئات من اتبعه ، أي : آمن فيمحو عنه ذنب كفره ، وسائر ما عمله فيه ، قال تعالى : قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف ، وقال صلى الله عليه وسلم : "الإسلام يهدم ما قبله " ، وخص صلى الله عليه وسلم بهذا ؛ لأنه لم يمح الكفر بأحد مثل ما محي به صلى الله عليه وسلم إذ بعث وقد عم الكفر الأرض ، وأكثرهم لا يعرفون ربا ولا معادا ، بل منهم من يعبد الحجر ، أو الكواكب أو النار ، فمحي ذلك به صلى الله عليه وسلم ، وظهر دينه على كل دين ، وبلغ مبلغ الجديدين وسار مسار القمرين .

الاسم الرابع : العاقب ، وهو الذي يخلف من كان قبله في الخير ، ومنه عقب الرجل ولده ، ويفسر أيضا بالذي ليس بعده ، أحد أي من الأنبياء والرسل ؛ لأن العاقب وهو الآخر ، وهو عقب الأنبياء أي آخرهم صلى الله عليه وسلم .

الاسم الخامس : الحاشر : وقوله على قدمي بتخفيف الياء على الإفراد وتشديدها على التثنية ، وفي رواية على عقبي ، أي : على أثري ، وزمان نبوتي ورسالتي إذ لا نبي بعده ، أو يقدمهم وهم خلفه ، أو على أثره في المحشر إذ هو أول من تنشق الأرض عنه صلى الله عليه وسلم .

الاسم السادس : رسول الرحمة ، أي : التراحم بينهم الحاصل ببركته صلى الله عليه وسلم ، قال تعالى : فألف بين قلوبكم رحماء بينهم أو المراد أنه تعالى جعل ذاته نفسها رحمة ، قال تعالى : وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ، ومن ثم أخبر عن نفسه أنه رحمة مهداة .

رواه البيهقي بلفظ : "إنما أنا رحمة مهداة " ، فحينئذ تعلق به الخلق مؤمنهم وكافرهم .

الاسم السابع : رسول التوبة ، أي : إن قبول التوبة بشروطها ، من جملة ما حققه الله تعالى ببركته على هذه الأمة .

الاسم الثامن : رسول الملاحم ، جمع ملحمة ، وهي الحرب لاشتباك الناس فيها كاشتباك السدي باللحمة ، ولكثرة لحوم القتلى فيها ، ولم يجاهد نبي قط وأمته ما جاهد صلى الله عليه وسلم ، وأمته كيف وهم يقاتلون الأعور الدجال ، ومن معه من اليهود ، وغيرهم .

وفي القاموس : سمي نبي الملاحم ؛ لأنه سبب لالتحامهم واجتماعهم .

الاسم التاسع المقفي أي التابع للأنبياء عليهم السلام - فكان آخرهم يقال : قفوت وقفيت إذا تبعت وقافة كل شيء آخره .

الاسم العاشر : قثم وقد فسره أبو البختري بأنه الكامل الجامع ، يقال : قثم له من المال أعطاه قطعة جيدة ، واسم الفاعل قثم مثل عمر على غير قياس ، وبه سمي وهو معدول عن قائم تقديرا ، ولهذا لا ينصرف للعلمية والعدل التقديري ، وحيث فرغنا مما يتعلق بالعبارة فلنذكر التخريج .

قال العراقي : لفظ المصنف : رواه ابن عدي في الكامل من حديث علي ، وجابر ، وأسامة بن زيد ، وابن عباس ، وعائشة بإسناد ضعيف ، وله ولأبي نعيم في الدلائل من حديث أبي الطفيل لي عند ربي عشرة أسماء ، قال أبو الطفيل : حفظت منها ثمانية ، فذكرها بزيادة ونقص ، وذكر سيف ابن وهب ، أن أبا جعفر قال : إن الاسمين : طه ويس ، وإسناده ضعيف ، وفي الصحيحين من حديث جبير بن مطعم لي أسماء أنا محمد ، وأنا أحمد ، وأنا الحاشر ، وأنا الماحي [ ص: 163 ] وأنا العاقب ، ولمسلم من حديث أبي موسى والمقفي ، ونبي التوبة ، ونبي الرحمة ، ولأحمد من حديث حذيفة ، ونبي الملاحم ، وسنده صحيح اهـ .

قلت : رواه البخاري ، عن أبي اليمان ، أخبرني شعيب ، عن الزهري ، أخبرني محمد بن جبير بن مطعم ، عن أبيه ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم - يقول : إن لي أسماء : أنا محمد ، وأنا أحمد ، وأنا الماحي ، الذي يمحو الله بي الكفر ، وأنا الحاشر يحشر الناس على قدمي ، وأنا العاقب ، الذي ليس بعده أحد .

ورواه مسلم عن عبد بن حميد ، عن أبي اليمان ، ورواه البخاري أيضا من طريق مالك ، عن الزهري ، ومسلم أيضا من طريق ابن عيينة ، وعقيل عن الزهري ، وعند مسلم من رواية عبد بن حميد ، عن عبد الرزاق ، عن معمر ، عن الزهري ، وأنا العاقب .

قال : قلت للزهري : وما العاقب ؟ قال : الذي ليس بعده نبي ، قال البيهقي : ويحتمل أن يكون تفسير العاقب من قول الزهري كما عرفت ، وهذا قد رده ابن دحية ، في المستوفى ، وأطال فيه وأثبت أنه من تفسيره صلى الله عليه وسلم ، كما بينته روايات غيره .

وفي لفظ لمسلم الذي ليس بعده أحد ، ورواه البيهقي من طريق محمد بن ميسرة ، عن الزهري ، وفيه ، وأنا العاقب ، يعني الخاتم ومن طريق جعفر بن أبي وحشية ، عن نافع بن جبير ، عن سليم عن أبيه ، رفعه : "أنا محمد ، وأنا أحمد ، وأنا الحاشر ، والماحي ، والخاتم ، والعاقب " ، وروى البخاري في تاريخه الصغير ، والأوسط ، والحاكم وصححه ، وأبو نعيم والبيهقي ، وابن سعد كلهم من طريق عقبة بن مسلم ، عن نافع بن جبير ، أنه دخل على عبد الملك بن مروان ، فقال له عبد الملك : أتحصي أسماء رسول الله صلى الله عليه وسلم - كما كان أبوك يعدها ، قال : نعم هي ستة محمد ، وأحمد وخاتم وحاشر وعاقب وماح ، فأما الحاشر فبعث مع الساعة نذيرا لكم بين يدي عذاب شديد ، وأما عاقب فإنه عقب الأنبياء ، وأما ماح فإن الله تعالى محا به سيئات من اتبعه ، وروى البيهقي من طريق الأعمش ، عن عمرو بن مرة ، عن أبي عبيدة ، عن أبي موسى قال : "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم - سمى لنا نفسه أسماء ، فقال : أنا محمد ، وأحمد ، والحاشر ، والمقفي ، ونبي التوبة ، والملحمة " .

ورواه أبو داود الطيالسي عن المسعودي ، عن عمرو بن مرة ، بلفظ : "سمى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم - نفسه أسماء ، منها ما حفظنا ، ثم ذكرهن . رواه مسلم عن إسحاق بن إبراهيم ، عن جرير ، عن الأعمش ، وذكر النقاش ، في تفسيره أنه صلى الله عليه وسلم ، قال لي في القرآن سبعة أسماء ، محمد ، وأحمد ويس وطه ، والمدثر ، والمزمل ، وعبد الله ، وقال أبو محمد مكي بن أبي طالب ، في كتاب الهداية ، عن النبي صلى الله عليه وسلم - قال لي عند ربي عشرة أسماء ، فذكر أن منها طه ويس ، وإسناده في ذلك ضعيف جدا .

وقول العراقي ، ولأبي نعيم في الدلائل من حديث أبي الطفيل إلى قوله : ضعيف ، قلت : أورده ابن دحية في المستوفى عن شيخه أبي طاهر السلفي عن أبي علي الحسن بن حمزة ، عن أبي الحسين بن خشيش ، عن أبي جعفر بن رحيم ، عن عبد الله التمار ، عن محمد بن عمران بن أبي ليلى ، عن إسماعيل بن يحيى التميمي ، عن سيف بن وهب ، قال : سمعت أبا الطفيل ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم - : "لي عشرة أسماء عند ربي عز وجل - " ، قال أبو الطفيل : حفظت ثمانية ونسيت اثنين ، أنا محمد وأنا أحمد ، والفاتح ، والخاتم ، وأبو القاسم ، والحاشر ، والعاقب ، والماحي ، قال : فحدثت بهذا الحديث أبا جعفر ، فقال : يا سيف ألا أخبرك بالاسمين ، قلت بلى ، قال : يس وطه ، قال ابن دحية : هذا السند لا يساوي شيئا يدور على وضاع وضعيف .

قال أحمد سيف بن وهب ضعيف الحديث ، وقال يحيى ، كان هالكا من الهالكين ، وقال النسائي : ليس بثقة ، وإسماعيل بن يحيى التميمي يروي الموضوعات عن الثقات ، لا تحل الرواية عنه ، قاله أبو حاتم .

وقال الدارقطني : كذاب متروك ، وقال الأزدي : ركن من أركان الكذب ، لا تحل الرواية ، عنه وأما قيم فذكره ابن فارس اللغوي في كتابه المنبئ في أسماء النبي صلى الله عليه وسلم - وهو في خمسة أوراق ، وأسند أبو إسحاق الحربي في غريب الحديث ، له فيه حديثا ونصه :

قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم - : "أتاني ملك الموت فقال : أنت قثم ، وخلقك قيم ونفسك مطمئنة " ، قال : قثم أي مجتمع الخلق القثوم الجموع وخلقك قيم أي مستقيم ، قال ابن دحية فالقثم من معنيين ، أحدهما القثم ، وهو الإعطاء سمي بذلك ؛ لأنه كان أجود بالخير من الريح المرسلة ، يعطي فلا يبخل ، ويمنح ولا يمنع ، الثاني : أنه من القثم وهو الجمع ، يقال للرجل الجموع [ ص: 164 ] للخير : قثوم وقثم ، رواه ابن فارس عن الخليل بن أحمد ، وإنما سمي به ؛ لأنه جمع المناقب كلها ، ولم تكن فضيلة ولا خلة جليلة إلا وقد كان لها جامعا ، وقد تسمى به لبركته أهل بيته ، منهم قثم بن العباس ، وهو أصغر من أخيه عبد الله ، وكان سنه يوم توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم - إحدى عشرة سنة ، ذكره أحمد بن كامل بن شجرة ، في تاريخه ، وكان قثم يشبه النبي صلى الله عليه وسلم - استشهد بسمرقند ، ولا عقب له ، وكان خرج إليها مع سعيد بن عثمان بن عفان ، في أيام معاوية .

ومنهم قثم بن العباس بن عبيد الله بن عباس ، وكان قد ولي اليمامة من قبل المنصور .

(تنبيه)

الحصر الذي أفاده تقديم الجار والمجرور في رواية الشيخين ، وكذا الترمذي والنسائي إضافي لا حقيقي ، والمعنى أسماء خمسة أختص بها لم يسم بها أحد قبلي ؛ إذ هي مشهورة في الأمم الماضية ، أو موجودة في الكتب المتقدمة ، وإنما قلنا إنه حصر إضافي لورود الروايات بزيادة على ذلك ، منها ما تقدم ، ومنها أنه تعالى سماه في القرآن رسولا نبيا أميا ، وسماه شاهدا ومبشرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا وسماه رؤوفا رحيما ، وسماه مذكرا ونعمة وهاديا وسماه عبدا صلى الله عليه وسلم .




الخدمات العلمية