الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
وأصيبت رجل بعض أصحابه صلى الله عليه وسلم فمسحها بيده فبرأت من حينها .

التالي السابق


(و) من معجزاته صلى [ ص: 190 ] الله عليه وسلم أنه (أصيبت رجل بعض أصحابه فمسحها بيده فبرئت من حينها) قال العراقي : رواه البخاري في قصة قتل أبي رافع اهـ .

قلت : قال البخاري : حدثنا يوسف بن موسى ، ثنا عبيد الله بن موسى ، أخبرنا إسرائيل عن أبي إسحاق ، عن البراء قال : " بعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم - إلى أبي رافع اليهودي رجالا من الأنصار وأمر عليهم عبد الله بن فلان ، وكان أبو رافع يؤذي رسول الله -صلى الله عليه وسلم - ويعين عليه ، وكان في حصن له بأرض الحجاز ، فلما دنوا منه وقد غربت الشمس ، وراح الناس بسرحهم قال عبد الله لأصحابه : اجلسوا مكانكم ، فإني منطلق فمتلطف للبواب فلعلي أدخل قال : فأقبل حتى دنا من الباب ، ثم تقنع بثوبه ، كأنه يقضي حاجته ، وقد دخل الناس ، فهتف به البواب يا عبد الله ، إن كنت تريد أن تدخل فادخل ؛ فإني أريد أن أغلق الباب ، فدخلت فكمنت ، فلما دخل الناس أغلق الباب ، ثم علق الأقاليد على وتد ، قال : فقمت إلى الأقاليد ففتحت الباب ، وكان أبو رافع يسمر عنده ، وكان في علالي ، فلما أن ذهب عنه أهل سمره صعدت إليه ، فجعلت كلما فتحت بابا أغلقته علي من داخل ، قلت : إن القوم قد نذروا بي لم يخلصوا إلي حتى أقتله ، فانتهيت إليه فإذا هو في بيت مظلم وسط عياله ، لا أدري أين هو من البيت ؟ قلت : يا أبا رافع ، قال : من هذا ؟ فأهويت نحو الصوت فأضربه ضربة بالسيف وأنا دهش ، فما أغني شيئا ، فصاح قال : فخرجت من البيت فأمكث غير بعيد ، ثم دخلت إليه فقلت : ما هذا الصوت يا أبا رافع ؟ قال : لأمك الويل إن رجلا في البيت ضربني قبل بالسيف ، قال : فأضربه ضربة أثخنته ولم أقتله ، ثم وضعت صدر السيف في بطنه حتى أخذ في ظهره ، فعلمت إني قد قتلته ، فجعلت أفتح الأبواب بابا فبابا حتى انتهيت إلى درجة ، فوضعت رجلي وأنا لا أدري إلا أني قد انتهيت إلى الأرض فوقعت في ليلة مقمرة فانكسرت ساقي فعصبتها بعمامة ، ثم انطلقت حتى جلست عند الباب فقلت : لا أبرح الليلة حتى أعلم أقتلته فلما صاح الديك قام الناعي على السور ، فقال : أنعي أبا رافع ، فانطلقت إلى أصحابي فقلت : النجاء النجاء قتل الله أبا رافع ، فانتهيت إلى النبي -صلى الله عليه وسلم - وحدثناه ، فقال : ابسط رجلك ، فبسطتها فمسحها فكأني لم أشكها قط .

ورواه الحسن بن سفيان في مسنده عن إسحاق بن إبراهيم ، قال : أخبرنا عبيد الله بن موسى وعند الإسماعيلي في المستخرج ، ورواه الإسماعيلي أيضا عن المنيعي ، أخبرنا أبو بكر بن أبي شيبة ، عن عبيد الله بن موسى ، وقال موسى بن عقبة قال ابن شهاب : قال ابن كعب : "فقدموا على رسول الله -صلى الله عليه وسلم - وهو على المنبر ، فقال أفلحت الوجوه قالوا : أفلح وجهك يا رسول الله ، قال : أقتلتموه ؟ قالوا : نعم قال : ناولوني السيف فسله ، فقال : أجل هذا طعامه في ذباب السيف " .

وأخرج البخاري ، عن أحمد بن عثمان بن حكيم الأودي عن شريح بن سلمة ، عن إبراهيم بن يوسف بن إسحاق ، عن أبيه ، عن أبي إسحاق قال : " سمعت البراء قال : بعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم - إلى أبي رافع عبد الله بن عتيك ، وعبد الله بن عتبة في أناس معهم " ، فساق الحديث نحو سياق حديث عبيد الله بن موسى إلا أنه ليس فيه ، فقال : " ابسط رجلك " إلخ ، وقد رواه البيهقي في الدلائل من طريق محمد بن الحسن الخثعمي ، عن أحمد بن عثمان .




الخدمات العلمية