والنظرة الأولى إذا لم تقصد لا يؤاخذ بها ، والمعاودة يؤاخذ بها ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=94498قال صلى الله عليه وسلم : لك الأولى ، وعليك الثانية . أي : النظرة وقال العلاء بن زياد
nindex.php?page=hadith&LINKID=94498لا تتبع بصرك رداء المرأة ؛ فإن nindex.php?page=treesubj&link=19368_19370النظر يزرع في القلب شهوة وقلما يخلو الإنسان في ترداده عن وقوع البصر على النساء والصبيان ، فمهما تخايل إليه الحسن ، تقاضى الطبع المعاودة ، وعنده ينبغي أن يقرر في نفسه أن هذه المعاودة عين الجهل ؛ فإنه إن حقق النظر ، فاستحسن ؛ ثارت الشهوة ، وعجز عن الوصول فلا يحصل له إلا التحسر ، وإن استقبح لم يلتذ وتألم لأنه قصد الالتذاذ فقد فعل ما آلمه ، فلا يخلو في كلتا حالتيه عن معصية وعن تألم ، وعن تحسر ، ومهما حفظ العين بهذا الطريق اندفع عن قلبه كثير من الآفات ، فإن أخطأت عينه ، وحفظ الفرج مع التمكن فذلك يستدعي غاية القوة ، ونهاية التوفيق فقد روي عن
أبي بكر بن عبد الله المزني أن قصابا أولع بجارية لبعض جيرانه ، فأرسلها أهلها في حاجة لهم إلى قرية أخرى ، فتبعها وراودها عن نفسها ، فقالت له : لا تفعل لأنا ؛ أشد حبا لك منك لي ولكني ، أخاف الله . قال فأنت تخافينه وأنا لا أخافه ؟! فرجع تائبا ، فأصابه العطش حتى كان يهلك فإذا برسول لبعض أنبياء بني إسرائيل فسأله ، فقال : ما لك ؟ قال : العطش . قال : تعال حتى ندعو الله بأن تظلنا سحابة حتى ندخل القرية . قال ما لي : من عمل صالح فأدعو فادع أنت . قال أنا : أدعو وأمن أنت على دعائي فدعا الرسول وأمن هو ، فأظلتهما سحابة حتى انتهيا إلى القرية ، فأخذ القصاب إلى مكانه ، فمالت السحابة معه ، فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم : زعمت أن ليس لك عمل صالح ، وأنا الذي دعوت وأنت الذي أمنت ، فأظلتنا سحابة ثم تبعتك لتخبرني بأمرك ، فأخبره فقال الرسول : إن التائب عند الله تعالى بمكان ليس أحد من الناس بمكانه وعن .
أحمد بن سعيد العابد عن أبيه قال : كان عندنا
بالكوفة شاب متعبد ، لازم المسجد الجامع ، لا يكاد يفارقه ، وكان حسن الوجه ، حسن القامة ، حسن السمت ، فنظرت إليه امرأة ذات جمال وعقل ، فشغفت به وطال عليها ذلك ، فلما كان ذات يوم وقفت له على الطريق ، وهو يريد المسجد فقالت له: يا فتى، اسمع مني كلمات أكلمك بها، ثم اعمل ما شئت .
فمضى ولم يكلمها، ثم وقفت له بعد ذلك على طريقه وهو يريد منزله ، فقالت له : يا فتى ، اسمع مني كلمات أكلمك بها فأطرق مليا وقال لها : هذا موقف تهمة ، وأنا أكره أن أكون للتهمة موضعا . فقالت له : والله ما وقفت موقفي هذا جهالة مني بأمرك ، ولكن معاذ الله أن يتشوف العباد إلى مثل هذا مني ، والذي حملني على أن لقيتك في مثل هذا الأمر بنفسي لمعرفتي أن القليل من هذا عند الناس كثير ، وأنتم معاشر العباد على مثال القوارير أدنى شيء يعيبها ، وجملة ما أقول لك إن جوارحي كلها مشغولة بك ، فالله الله في أمري وأمرك . قال : فمضى الشباب إلى منزله ، وأراد أن يصلي فلم يعقل كيف يصلي ، فأخذ قرطاسا وكتب كتابا ، ثم خرج من منزله وإذا ، بالمرأة واقفة في موضعها ، فألقى الكتاب إليها ، ورجع إلى منزله وكان ، فيه بسم الله الرحمن الرحيم ، اعلمي أيتها المرأة إن الله عز وجل إذا عصاه العبد حلم ، فإذا عاد إلى المعصية مرة أخرى ستره فإذا لبس لها ملابسها غضب الله تعالى لنفسه غضبة تضيق منها السماوات والأرض والجبال والشجر والدواب ، فمن ذا يطيق غضبه ، فإن كان ما ذكرت باطلا ، فإني أذكرك يوما تكون السماء فيه كالمهل وتصير الجبال كالعهن وتجثو الأمم لصولة الجبار العظيم ، وإني والله قد ضعفت عن إصلاح نفسي ، فكيف بإصلاح غيري ، وإن كان ما ذكرت حقا ، فإني أدلك على طبيب هدى يداوي الكلوم الممرضة والأوجاع المرمضة ذلك الله رب العالمين ، فاقصديه بصدق المسألة ؛ فإني مشغول عنك بقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=18وأنذرهم يوم الآزفة إذ القلوب لدى الحناجر كاظمين ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=19يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور ، فأين المهرب من هذه الآية ؟ ثم جاءت بعد ذلك بأيام فوقفت له على الطريق فلما رآها من بعيد أراد الرجوع إلى منزله كيلا يراها ، فقالت : يا فتى ، لا ترجع ، فلا كان الملتقى بعد هذا اليوم أبدا إلا غدا بين يدي الله تعالى ثم بكت بكاء شديدا ، وقالت: أسأل لك : الله الذي بيده مفاتيح قلبك أن يسهل ما قد عسر من أمرك . ثم إنها تبعته ، وقالت : امنن علي بموعظة أحملها عنك ، وأوصني بوصية أعمل عليها فقال لها : أوصيك بحفظ نفسك من نفسك وأذكرك قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=60وهو الذي يتوفاكم بالليل ويعلم ما جرحتم بالنهار ، قال : فأطرقت وبكت بكاء شديدا أشد من بكائها الأول ، ثم إنها أفاقت ولزمت بيتها ، وأخذت في العبادة فلم تزل على ذلك حتى ماتت كمدا ، فكان الفتى يذكرها بعد موتها ، ثم يبكي ، فيقال له : مم بكاؤك وأنت قد أيأستها من نفسك ؟ فيقول : إني قد ذبحت طمعها في أول أمرها ، وجعلت قطيعتها ذخيرة لي عند الله تعالى فأنا أستحي منه ، أن أسترد ذخيرة ادخرتها عنده تعالى .
تم كتاب كسر الشهوتين بحمد الله تعالى وكرمه، يتلوه إن شاء الله تعالى كتاب آفات اللسان، والحمد لله أولا وآخرا وظاهرا وباطنا، وصلاته على سيدنا محمد خير خلقه، وعلى كل عبد مصطفى من أهل الأرض والسماء وسلم تسليما كثيرا .
كتاب آفات اللسان .
وهو الكتاب الرابع من ربع المهلكات من كتاب إحياء علوم الدين .
.
وَالنَّظْرَةُ الْأُولَى إِذَا لَمْ تُقْصَدْ لَا يُؤَاخَذُ بِهَا ، وَالْمُعَاوَدَةُ يُؤَاخَذُ بِهَا ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=94498قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَكَ الْأُولَى ، وَعَلَيْكَ الثَّانِيَةُ . أَيْ : النَّظْرَةُ وَقَالَ الْعَلَاءُ بْنُ زِيَادِ
nindex.php?page=hadith&LINKID=94498لَا تُتْبِعْ بَصَرَكَ رِدَاءَ الْمَرْأَةِ ؛ فَإِنَّ nindex.php?page=treesubj&link=19368_19370النَّظَرَ يَزْرَعُ فِي الْقَلْبِ شَهْوَةً وَقَلَّمَا يَخْلُو الْإِنْسَانُ فِي تَرْدَادِهِ عَنْ وُقُوعِ الْبَصَرِ عَلَى النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ ، فَمَهْمَا تَخَايَلَ إِلَيْهِ الْحُسْنُ ، تَقَاضَى الطَّبْعُ الْمُعَاوَدَةَ ، وَعِنْدَهُ يَنْبَغِي أَنْ يُقَرِّرَ فِي نَفْسِهِ أَنَّ هَذِهِ الْمُعَاوَدَةَ عَيْنُ الْجَهْلِ ؛ فَإِنَّهُ إِنْ حَقَّقَ النَّظَرَ ، فَاسْتَحْسَنَ ؛ ثَارَتِ الشَّهْوَةُ ، وَعَجَزَ عَنِ الْوُصُولِ فَلَا يَحْصُلَ لَهُ إِلَّا التَّحَسُّرُ ، وَإِنِ اسْتَقْبَحَ لَمْ يَلْتَذَّ وَتَأَلَّمَ لِأَنَّهُ قَصَدَ الِالْتِذَاذَ فَقَدْ فَعَلَ مَا آلَمَهُ ، فَلَا يَخْلُو فِي كِلْتَا حَالَتَيْهِ عَنْ مَعْصِيَةٍ وَعَنْ تَأَلُّمٍ ، وَعَنْ تَحَسُّرٍ ، وَمَهْمَا حَفِظَ الْعَيْنَ بِهَذَا الطَّرِيقِ انْدَفَعَ عَنْ قَلْبِهِ كَثِيرٌ مِنَ الْآفَاتِ ، فَإِنْ أَخْطَأَتْ عَيْنُهُ ، وَحَفِظَ الْفَرْجَ مَعَ التَّمَكُّنِ فَذَلِكَ يَسْتَدْعِي غَايَةَ الْقُوَّةِ ، وَنِهَايَةَ التَّوْفِيقِ فَقَدْ رُوِيَ عَنْ
أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيِّ أَنَّ قَصَّابًا أُولِعَ بِجَارِيَةٍ لِبَعْضِ جِيرَانِهِ ، فَأَرْسَلَهَا أَهْلُهَا فِي حَاجَةٍ لَهُمْ إِلَى قَرْيَةٍ أُخْرَى ، فَتَبِعَهَا وَرَاوَدَهَا عَنْ نَفْسِهَا ، فَقَالَتْ لَهُ : لَا تَفْعَلْ لِأَنَّا ؛ أَشَدُّ حُبًّا لَكَ مِنْكَ لِي وَلَكِنِّي ، أَخَافُ اللَّهَ . قَالَ فَأَنْتِ تَخَافِينَهُ وَأَنَا لَا أَخَافُهُ ؟! فَرَجَعَ تَائِبًا ، فَأَصَابَهُ الْعَطَشُ حَتَّى كَانَ يَهْلِكُ فَإِذَا بِرَسُولٍ لِبَعْضِ أَنْبِيَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَسَأَلَهُ ، فَقَالَ : مَا لَكَ ؟ قَالَ : الْعَطَشُ . قَالَ : تَعَالَ حَتَّى نَدْعُوَ اللَّهَ بِأَنْ تُظِلَّنَا سَحَابَةٌ حَتَّى نَدْخُلَ الْقَرْيَةَ . قَالَ مَا لِي : مِنْ عَمَلٍ صَالِحٍ فَأَدْعُوَ فَادْعُ أَنْتَ . قَالَ أَنَا : أَدْعُو وَأَمِّنْ أَنْتَ عَلَى دُعَائِي فَدَعَا الرَّسُولُ وَأَمَّنَ هُوَ ، فَأَظَلَّتْهُمَا سَحَابَةٌ حَتَّى انْتَهَيَا إِلَى الْقَرْيَةِ ، فَأَخَذَ الْقَصَّابُ إِلَى مَكَانِهِ ، فَمَالَتِ السَّحَابَةُ مَعَهُ ، فَقَالَ لَهُ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : زَعَمْتَ أَنْ لَيْسَ لَكَ عَمَلٌ صَالِحٌ ، وَأَنَا الَّذِي دَعَوْتُ وَأَنْتَ الَّذِي أَمَّنْتَ ، فَأَظَلَّتْنَا سَحَابَةٌ ثُمَّ تَبِعَتْكَ لِتُخْبِرْنِي بِأَمْرِكَ ، فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ الرَّسُولُ : إِنَّ التَّائِبَ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى بِمَكَانٍ لَيْسَ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ بِمَكَانِهِ وَعَنْ .
أَحْمَدَ بْنِ سَعِيدٍ الْعَابِدِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ : كَانَ عِنْدَنَا
بِالْكُوفَةِ شَابٌّ مُتَعَبِّدٌ ، لَازَمَ الْمَسْجِدَ الْجَامِعَ ، لَا يَكَادُ يُفَارِقُهُ ، وَكَانَ حَسَنَ الْوَجْهِ ، حَسَنَ الْقَامَةِ ، حَسَنَ السَّمْتِ ، فَنَظَرَتْ إِلَيْهِ امْرَأَةٌ ذَاتُ جَمَالٍ وَعَقْلٍ ، فَشُغِفَتْ بِهِ وَطَالَ عَلَيْهَا ذَلِكَ ، فَلَمَّا كَانَ ذَاتَ يَوْمٍ وَقَفَتْ لَهُ عَلَى الطَّرِيقِ ، وَهُوَ يُرِيدُ الْمَسْجِدَ فَقَالَتْ لَهُ: يَا فَتَى، اسْمَعْ مِنِّي كَلِمَاتٍ أُكَلِّمُكَ بِهَا، ثُمَّ اعْمَلْ مَا شِئْتَ .
فَمَضَى وَلَمْ يُكَلِّمْهَا، ثُمَّ وَقَفْتُ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى طَرِيقِهِ وَهُوَ يُرِيدُ مَنْزِلَهُ ، فَقَالَتْ لَهُ : يَا فَتَى ، اسْمَعْ مِنِّي كَلِمَاتٍ أُكَلِّمُكَ بِهَا فَأَطْرَقَ مَلِيًّا وَقَالَ لَهَا : هَذَا مَوْقِفُ تُهْمَةٍ ، وَأَنَا أَكْرَهُ أَنْ أَكُونَ لِلتُّهْمَةِ مَوْضِعًا . فَقَالَتْ لَهُ : وَاللَّهِ مَا وَقَفْتُ مَوْقِفِي هَذَا جَهَالَةً مِنِّي بِأَمْرِكَ ، وَلَكِنْ مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ يَتَشَوَّفَ الْعِبَادُ إِلَى مِثْلِ هَذَا مِنِّي ، وَالَّذِي حَمَلَنِي عَلَى أَنْ لَقِيتُكَ فِي مِثْلِ هَذَا الْأَمْرِ بِنَفْسِي لِمَعْرِفَتِي أَنَّ الْقَلِيلَ مِنْ هَذَا عِنْدَ النَّاسِ كَثِيرٌ ، وَأَنْتُمْ مَعَاشِرَ الْعُبَّادِ عَلَى مِثَالِ الْقَوَارِيرِ أَدْنَى شَيْءٍ يَعِيبُهَا ، وَجُمْلَةُ مَا أَقُولُ لَكَ إِنَّ جَوَارِحِي كُلَّهَا مَشْغُولَةٌ بِكَ ، فَاللَّهَ اللَّهَ فِي أَمْرِي وَأَمْرِكَ . قَالَ : فَمَضَى الشَّبَابُ إِلَى مَنْزِلِهِ ، وَأَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَ فَلَمْ يَعْقِلْ كَيْفَ يُصَلِّي ، فَأَخَذَ قِرْطَاسًا وَكَتَبَ كِتَابًا ، ثُمَّ خَرَجَ مِنْ مَنْزِلِهِ وَإِذَا ، بِالْمَرْأَةِ وَاقِفَةٌ فِي مَوْضِعِهَا ، فَأَلْقَى الْكِتَابَ إِلَيْهَا ، وَرَجَعَ إِلَى مَنْزِلِهِ وَكَانَ ، فِيهِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ، اعْلَمِي أَيَّتُهَا الْمَرْأَةُ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إِذَا عَصَاهُ الْعَبْدُ حَلِمَ ، فَإِذَا عَادَ إِلَى الْمَعْصِيَةِ مَرَّةً أُخْرَى سَتَرَهُ فَإِذَا لَبِسَ لَهَا مَلَابِسَهَا غَضِبَ اللَّهُ تَعَالَى لِنَفْسِهِ غَضْبَةً تَضِيقُ مِنْهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ ، فَمَنْ ذَا يُطِيقُ غَضَبَهُ ، فَإِنْ كَانَ مَا ذَكَرْتِ بَاطِلًا ، فَإِنِّي أُذَكِّرُكِ يَوْمًا تَكُونُ السَّمَاءُ فِيهِ كَالْمُهْلِ وَتَصِيرُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ وَتَجْثُو الْأُمَمُ لِصَوْلَةِ الْجَبَّارِ الْعَظِيمِ ، وَإِنِّي وَاللَّهِ قَدْ ضَعُفْتُ عَنْ إِصْلَاحِ نَفْسِي ، فَكَيْفَ بِإِصْلَاحِ غَيْرِي ، وَإِنْ كَانَ مَا ذَكَرْتِ حَقًّا ، فَإِنِّي أَدُلُّكِ عَلَى طَبِيبِ هُدًى يُدَاوِي الْكُلُومَ الْمُمْرِضَةَ وَالْأَوْجَاعَ الْمُرْمِضَةَ ذَلِكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ، فَاقْصِدِيهِ بِصِدْقِ الْمَسْأَلَةِ ؛ فَإِنِّي مَشْغُولٌ عَنْكِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=18وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطَاعُ nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=19يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ ، فَأَيْنَ الْمَهْرَبُ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ ؟ ثُمَّ جَاءَتْ بَعْدَ ذَلِكَ بِأَيَّامٍ فَوَقَفَتْ لَهُ عَلَى الطَّرِيقِ فَلَمَّا رَآهَا مِنْ بَعِيدٍ أَرَادَ الرُّجُوعَ إِلَى مَنْزِلِهِ كَيْلَا يَرَاهَا ، فَقَالَتْ : يَا فَتَى ، لَا تَرْجِعْ ، فَلَا كَانَ الْمُلْتَقَى بَعْدَ هَذَا الْيَوْمِ أَبَدًا إِلَّا غَدًا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ تَعَالَى ثُمَّ بَكَتْ بُكَاءً شَدِيدًا ، وَقَالَتْ: أَسْأَلُ لَكَ : اللَّهَ الَّذِي بِيَدِهِ مَفَاتِيحُ قَلْبِكَ أَنْ يُسَهِّلَ مَا قَدْ عَسُرَ مِنْ أَمْرِكَ . ثُمَّ إِنَّهَا تَبِعَتْهُ ، وَقَالَتْ : امْنُنْ عَلَيَّ بِمَوْعِظَةٍ أَحْمِلُهَا عَنْكَ ، وَأَوْصِنِي بِوَصِيَّةٍ أَعْمَلُ عَلَيْهَا فَقَالَ لَهَا : أُوصِيكِ بِحِفْظِ نَفْسِكِ مِنْ نَفْسِكِ وَأُذَكِّرُكِ قَوْلَهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=60وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ ، قَالَ : فَأَطْرَقَتْ وَبَكَتْ بُكَاءً شَدِيدًا أَشَدَّ مِنْ بُكَائِهَا الْأَوَّلِ ، ثُمَّ إِنَّهَا أَفَاقَتْ وَلَزِمَتْ بَيْتَهَا ، وَأَخَذَتْ فِي الْعِبَادَةِ فَلَمْ تَزَلْ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى مَاتَتْ كَمَدًا ، فَكَانَ الْفَتَى يَذْكُرُهَا بَعْدَ مَوْتِهَا ، ثُمَّ يَبْكِي ، فَيُقَالُ لَهُ : مِمَّ بُكَاؤُكَ وَأَنْتَ قَدْ أَيْأَسْتَهَا مِنْ نَفْسِكَ ؟ فَيَقُولُ : إِنِّي قَدْ ذَبَحْتُ طَمَعَهَا فِي أَوَّلِ أَمْرِهَا ، وَجَعَلْتُ قَطِيعَتَهَا ذَخِيرَةً لِي عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى فَأَنَا أَسْتَحِي مِنْهُ ، أَنْ أَسْتَرِدَّ ذَخِيرَةً ادَّخَرْتُهَا عِنْدَهُ تَعَالَى .
تَمَّ كِتَابُ كَسْرِ الشَّهْوَتَيْنِ بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى وَكَرَمِهِ، يَتْلُوهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى كِتَابُ آفَاتِ اللِّسَانِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ أَوَّلًا وَآخِرًا وَظَاهِرًا وَبَاطِنًا، وَصَلَاتُهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ خَيْرِ خَلْقِهِ، وَعَلَى كُلِّ عَبْدٍ مُصْطَفًى مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ وَالسَّمَاءِ وَسَلِّمْ تَسْلِيمًا كَثِيرًا .
كِتَابُ آفَاتِ اللِّسَانِ .
وَهُوَ الْكِتَابُ الرَّابِعُ مِنْ رُبْعِ الْمُهْلِكَاتِ مِنْ كِتَابِ إِحْيَاءِ عُلُومِ الدِّينِ .
.