الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وعن عائشة رضي الله عنها أنها كانت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر على بعير صعب ، فجعلت تصرفه يمينا وشمالا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا عائشة ، عليك بالرفق فإنه لا يدخل في شيء إلا زانه ولا ينزع من شيء إلا شانه .

التالي السابق


(وعن عائشة) - رضي الله عنها - (أنها كانت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر على بعير صعب، فجعلت تصرفه يمينا وشمالا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا عائشة، عليك بالرفق) ، أي: اللين، والملاطفة (فإنه لا يدخل) ، أي: الرفق (في شيء إلا زانه) ; إذ هو سبب لكل خير (ولا ينزع من شيء إلا شانه) ، أي: عابه .

قال العراقي: رواه مسلم في صحيحه .

قلت: رواه من طريق شعبة، عن المقدام بن شريح بن هانئ، عن أبيه، عن عائشة بالحديث فقط من غير قصة، ولفظه: إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا ينزع من شيء إلا شانه، ومن وجه آخر، عن شعبة بالقصة، ولفظها: ركبت عائشة بعيرا، فكانت فيه صعوبة، فجعلت تردده، فقال لها: فذكره .

وأخرجه البخاري في الأدب المفرد من طريق شعبة بلفظ: كنت على بعير فيه صعوبة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: عليك بالرفق... الحديث، ورواه أحمد في آخرين; منهم أبو داود، وابن أبي الدنيا في ذم الغضب، وابن حبان، والخرائطي في مكارم الأخلاق بلفظ: يا عائشة عليك بتقوى الله، والرفق، فإن الرفق لم يكن في شيء قط إلا زانه، ولا نزع من شيء قط إلا شانه، ورواه العسكري في الأمثال من طريق عبد الرزاق، عن معمر بن ثابت، عن أنس رفعه: ما كان الرفق في شيء إلا زانه، ولا كان الخرق قط في شيء إلا شانه.



(تتمة)

نذكر فيها الأحاديث الواردة في الرفق، فمن ذلك: يا عائشة، إن الرفق لو كان خلقا ما رأى الناس خلقا أحسن منه، ولو كان الخرق خلقا ما رأى الناس خلقا أقبح منه.

رواه الطبراني، والحاكم في الكنى من حديث عائشة، ورواه العسكري في الأمثال بذكر قصته من سلام اليهود، وردها عليهم، ومن ذلك حديث عائشة: ما كان الرفق في قوم إلا نفعهم، ولا كان الخرق في قوم إلا ضرهم.

رواه العسكري في الأمثال من طريق معمر، عن هشام بن عروة، عن أبيه عنها، ومن ذلك حديث جابر: الرفق في العيشة خير من بعض التجارة.

رواه الدارقطني في الأفراد، والإسماعيلي في معجمه، والطبراني في الأوسط، والبيهقي، وفي الأمثال للعسكري من طريق حجاج بن سلمان الرعيني، قال: قلت لابن لهيعة: كنت أسمع عجائز المدينة يقلن: إن الرفق في المعيشة خير من بعض التجارة، فقال: حدثني محمد بن المنكدر، عن جابر رفعه به، ورواه الطبراني من حديث جرير: الرفق زيادة بركة، وفي لفظ به بزيادة: والبركة، ومن يحرم الرفق يحرم الخير، وروى القضاعي في مسند الشهاب من حديث جرير: الرفق رأس الحكمة، ورواه أبو الشيخ في الثواب، والعسكري من طريق عبدة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، قال: بلغني أنه مكتوب في التوراة: إن الرفق رأس الحكمة، ورواه كذلك ابن أبي عاصم، وروى أحمد، والطبراني من حديث أبي الدرداء: من فقه الرجل رفقه في معيشته، ولفظ ابن عدي: من فقهك رفقك في معيشتك.




الخدمات العلمية