مثال آخر للدنيا في مخالفة ظاهرها لباطنها اعلم أن فإذا وقفوا على باطنها ، وكشفوا القناع عن وجهها تمثل لهم قبائحها ، فندموا على اتباعها ، وخجلوا من ضعف عقولهم في الاغترار بظاهرها . الدنيا مزينة الظواهر ، قبيحة السرائر ، وهي شبه عجوز متزينة ، تخدع الناس بظاهرها ،
وقال ، العلاء بن زياد رأيت في المنام عجوزا كبيرة متعصية الجلد عليها من كل زينة الدنيا والناس عكوف عليها معجبون ينظرون إليها فجئت ، ونظرت ، وتعجبت من نظرهم إليها ، وإقبالهم عليها فقلت ، لها : ويلك من أنت ? قالت أو : ما تعرفني قلت : لا أدري من أنت قالت : أنا الدنيا قلت : أعوذ بالله من شرك ، قالت إن : أحببت أن تعاذ من شري فأبغض الدرهم قال رأيت الدنيا في النوم عجوزا مشوهة شمطاء ، تصفق بيديها ، وخلفها خلق يتبعونها ويصفقون ، ويرقصون ، فلما كانت بحذائي أقبلت علي ، فقالت : لو ظفرت بك لصنعت بك مثل ما صنعت بهؤلاء ، ثم بكى أبو بكر بن عياش وقال : رأيت هذا قبل أن أقدم إلى أبو بكر . بغداد وقال قال الفضيل بن عياض : يؤتى بالدنيا يوم القيامة في صورة عجوز شمطاء زرقاء أنيابها بادية مشوها خلقها فتشرف على الخلائق فيقال لهم أتعرفون : هذه ? فيقولون : نعوذ بالله من معرفة هذه فيقال : هذه الدنيا التي تناحرتم عليها بها تقاطعتم الأرحام ، وبها تحاسدتم ، وتباغضتم ، واغتررتم ، ثم يقذف بها في جهنم ، فتنادي ، أي رب ، أين أتباعي ، وأشياعي ? فيقول الله عز وجل : ألحقوا بها أتباعها ، وأشياعها وقال ابن عباس بلغني أن رجلا عرج بروحه ، فإذا امرأة على قارعة الطريق عليها من كل زينة من الحلي والثياب ، وإذا لا يمر بها أحد إلا جرحته ، فإذا هي أدبرت كانت أحسن شيء رآه الناس ، وإذا هي أقبلت كانت أقبح شيء رآه الناس عجوز ; شمطاء زرقاء عمشاء ، قال : فقلت : أعوذ بالله منك ، قالت : لا والله لا يعيذك الله مني حتى تبغض الدرهم ، قال فقلت : من أنت ? قالت : أنا الدنيا . الفضيل