الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
وأقوى الطرق في قطع الجاه الاعتزال عن الناس والهجرة إلى موضع الخمول فإن المعتزل في بيته في البلد الذي هو به مشهور لا يخلو عن حب المنزلة التي ترسخ له في القلوب بسبب عزلته فإنه ربما ، يظن أنه ليس محبا لذلك الجاه وهو مغرور وإنما سكنت نفسه ؛ لأنها قد ظفرت بمقصودها ولو تغير الناس عما اعتقدوه فيه فذموه ، أو نسبوه إلى أمر غير لائق به جزعت نفسه وتألمت ، وربما توصلت إلى الاعتذار عن ذلك ، وإماطة ذلك الغبار عن قلوبهم ، وربما يحتاج في إزالة ذلك عن قلوبهم إلى كذب وتلبيس ولا يبالي به ، وبه يتبين بعد أنه محب للجاه والمنزلة .

التالي السابق


(وأقوى الطريق في قطع الجاه الاعتزال عن الناس) جملة (والهجرة إلى موضع الخمول) أي: موضع يصح له فيه خمول ذكره (فإن المعتزل في بيته في البلدة التي هو بها مشهور) ومعروف ومذكور (لا يخلو من حب المنزلة التي تترشح له في القلوب بسبب منزلته، فربما يظن أنه ليس محبا لذلك الجاه وهو مغرور) قد غره الشيطان بذلك، بل ربما تكون فتنة هذا أعظم من فتنة الذي هو مخالط للناس (وإنما سكنت نفسه؛ لأنها قد ظفرت بمقصودها) ولذا كان بعض الشيوخ يقول: لا أعرف لانكباب الناس علي وجها إلا لكوني اعتزلتهم في بيتي، وإلا فالذي عندي موجود عند غيري .

(ولو تغير الناس عما اعتقدوه فيه) من الصلاح والورع والزهد (وذموه، أو نسبوه إلى أمر غير لائق به جزعت نفسه) لا محالة (وتألمت، وربما توصلت إلى الاعتذار عن ذلك، وإماطة ذلك الغبار عن قلوبهم، وربما يحتاج في إزالة ذلك عن قلوبهم إلى كذب وتلبيس) وتزوير (ولا يبالى به) وهذا هو الفارق (وبه يتبين بعد أنه محب للجاه والمنزلة) وأنه لم يخرج ذلك من قلبه .




الخدمات العلمية