وقال صلى الله عليه وسلم : فهذا ، أشد خلق خلقته» يتصدق بصدقة بيمينه فيخفيها عن شماله . « لما خلق الله الأرض مادت بأهلها فخلق الجبال فصيرها أوتادا للأرض فقالت الملائكة : ما خلق ربنا خلقا هو أشد من الجبال ، فخلق الله الحديد ، فقطع الجبال ، ثم خلق النار فأذابت الحديد ، ثم أمر الله الماء بإطفاء النار ، وأمر الريح فكدرت الماء ، فاختلفت الملائكة فقالت : نسأل الله تعالى ، قالوا : يا رب ما أشد ما خلقت من خلقك قال الله ؟ تعالى : لم أخلق خلقا هو أشد علي من قلب ابن آدم حين
وروى عبد الله بن المبارك بإسناده عن رجل أنه قال حدثني حديثا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فبكى لمعاذ بن جبل حتى ظننت أنه لا يسكت ، ثم سكت ، ثم قال : معاذ سمعت النبي صلى الله عليه وسلم قال لي : « يا قلت : لبيك بأبي أنت وأمي يا رسول الله ، قال : إني محدثك حديثا إن أنت حفظته نفعك ، وإن أنت ضيعته ولم تحفظه انقطعت حجتك عند الله يوم القيامة ، يا معاذ ، إن الله تعالى خلق سبعة أملاك قبل أن يخلق السموات والأرض ، ثم خلق السموات ، فجعل لكل سماء من السبعة ملكا بوابا عليها ، قد جللها عظما ، فتصعد الحفظة بعمل العبد من حين أصبح إلى حين أمسى ، له نور كنور الشمس ، حتى إذا صعدت به إلى السماء الدنيا زكته فكثرته فيقول الملك للحفظة اضربوا بهذا العمل وجه صاحبه ، أنا صاحب الغيبة ، أمرني ربي أن لا أدع عمل من اغتاب الناس يجاوزني إلى غيري . قال : ثم تأتي الحفظة بعمل صالح من أعمال العبد فتمر به ، فتزكيه وتكثره ، حتى تبلغ به إلى السماء الثانية ، فيقول لهم الملك الموكل بها : قفوا واضربوا ، بهذا العمل وجه صاحبه إنه ، أراد بعمله هذا عرض الدنيا أمرني ربي أن لا أدع عمله يجاوزني إلى غيري ؛ إنه كان يفتخر به على الناس في مجالسهم . قال : وتصعد الحفظة بعمل العبد يبتهج نورا من صدقة وصيام وصلاة ، قد أعجب الحفظة ، فيجاوزون به إلى السماء الثالثة ، فيقول لهم الملك الموكل بها قفوا واضربوا بهذا العمل وجه صاحبه ، أنا ملك الكبر ، أمرني ربي أن لا أدع عمله يجاوزني إلى غيري ؛ إنه كان يتكبر على الناس في مجالسهم . قال : وتصعد الحفظة بعمل العبد يزهر كما يزهر الكوكب الدري ، له دوي من تسبيح وصلاة وحج وعمرة ، حتى يجاوزوا به السماء الرابعة ، فيقول لهم الملك الموكل بها : قفوا ، واضربوا بهذا العمل وجه صاحبه ، اضربوا به ظهره وبطنه ، أنا صاحب العجب ، أمرني ربي أن لا أدع عمله يجاوزني إلى غيري ؛ إنه كان إذا عمل عملا أدخل العجب في عمله . قال : وتصعد الحفظة بعمل العبد حتى يجاوزوا به السماء الخامسة كأنه العروس المزفوفة إلى أهلها ، فيقول لهم الملك الموكل بها : قفوا واضربوا ، بهذا العمل وجه صاحبه ، واحملوه على عاتقه ، أنا ملك الحسد ؛ إنه كان يحسد الناس من يتعلم ويعمل بمثل عمله ، وكل من كان يأخذ فضلا من العبادة يحسدهم ويقع فيهم أمرني ربي أن لا أدع عمله يجاوزني إلى غيري . معاذ
قال : وتصعد الحفظة بعمل العبد من صلاة وزكاة وحج وعمرة وصيام ، فيجاوزون بها إلى السماء السادسة ، فيقول لهم الملك الموكل بها : قفوا ، واضربوا بهذا العمل وجه صاحبه ؛ إنه كان لا يرحم إنسانا قط من عباد الله أصابه بلاء أو ضر أضر به ، بل كان يشمت به ، أنا ملك الرحمة ، أمرني ربي أن لا أدع عمله يجاوزني إلى غيري .
قال : وتصعد الحفظة بعمل العبد إلى السماء السابعة من صوم وصلاة ونفقة وزكاة واجتهاد وورع ، له دوي كدوي الرعد ، وضوء كضوء الشمس ، معه ثلاثة آلاف ملك فيجاوزون ، به إلى السماء السابعة ، فيقول لهم الملك الموكل بها : قفوا ، واضربوا بهذا العمل وجه صاحبه واضربوا ، به جوارحه اقفلوا ، به على قلبه إني ، أحجب عن ربي كل عمل لم يرد به وجه ربي ؛ إنه أراد بعمله غير الله تعالى ؛ إنه أراد رفعة عند الفقهاء ، وذكرا عند العلماء ، وصيتا في المدائن ، أمرني ربي أن لا أدع عمله يجاوزني إلى غيري ، وكل عمل لم يكن لله خالصا فهو رياء ، ولا يقبل الله عمل المرائي .
قال : وتصعد الحفظة بعمل العبد من صلاة وزكاة وصيام وحج وعمرة وخلق حسن وصمت وذكر لله تعالى ، وتشيعه ملائكة السموات حتى يقطعوا به الحجب كلها إلى الله عز وجل فيقفون بين يديه ، ويشهدون له بالعمل الصالح المخلص لله .
قال : فيقول الله لهم : أنتم الحفظة على عمل عبدي وأنا الرقيب على نفسه ؛ إنه لم يردني بهذا العمل ، وأراد به غيري ، فعليه لعنتي ، فتقول الملائكة كلهم : عليه لعنتك ولعنتنا ، وتقول السموات كلها : عليه لعنة الله ولعنتنا ، وتلعنه السموات السبع والأرض ومن فيهن . قال قلت : يا رسول الله أنت رسول الله وأنا معاذ قال : اقتد بي ، وإن كان في عملك نقص يا معاذ ، معاذ من حملة القرآن ، واحمل ذنوبك عليك ، ولا تحملها عليهم ، ولا تزك نفسك بذمهم ، ولا ترفع نفسك عليهم ، ولا تدخل عمل الدنيا في عمل الآخرة ، ولا تتكبر في مجلسك لكي يحذر الناس من سوء خلقك ، ولا تناج رجلا وعندك آخر ، ولا تتعظم على الناس فينقطع عنك خير الدنيا ، ولا تمزق الناس فتمزقك كلاب النار يوم القيامة في النار ، قال الله تعالى : حافظ على لسانك من الوقيعة في إخوانك والناشطات نشطا أتدري من هن يا قلت : ما هن بأبي أنت وأمي يا رسول الله ، قال : كلاب في النار ، تنشط اللحم والعظم ، قلت : بأبي أنت وأمي يا رسول الله ، فمن يطيق هذه الخصال ? ومن ينجو منها ? قال : يا معاذ ؟ إنه ليسير على من يسره الله عليه . معاذ
قال : فما رأيت أكثر تلاوة للقرآن من للحذر مما في هذا الحديث معاذ ؛ .