الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
وفرقة أخرى أحكموا العلم ، وطهروا الجوارح ، وزينوها بالطاعات ، واجتنبوا ظواهر المعاصي وتفقدوا أخلاق النفس وصفات القلب من الرياء ، والحسد والحقد ، والكبر ، وطلب العلو ، وجاهدوا أنفسهم في التبري منها ، وقلعوا من القلوب منابتها الجلية القوية ، ولكنهم بعد مغرورون ; إذ بقيت في زوايا القلب من خفايا مكايد الشيطان ، وخبايا خداع النفس ما دق وغمض مدركه فلم يفطنوا لها وأهملوها ، وإنما مثاله من يريد تنقية الزرع من الحشيش فدار عليه وفتش عن كل حشيش رآه فقلعه إلا أنه لم يفتش على ما لم يخرج رأسه بعد من تحت الأرض وظن ، أن الكل قد ظهر وبرز ، وكان قد نبت من أصول الحشيش شعب لطاف ، فانبسطت تحت التراب فأهملها وهو يظن أنه قد اقتلعها فإذا هو بها في غفلته وقد نبتت ، وقويت وأفسدت أصول الزرع من حيث لا يدري .

فكذلك العالم قد يفعل جميع ذلك ، ويذهل عن المراقبة للخفايا ، والتفقد للدفائن ، فتراه يسهر ليله ونهاره في جمع العلوم وترتيبها وتحسين ألفاظها وجمع التصانيف فيها ، وهو يرى أن باعثه الحرص على إظهار دين الله ، ونشر شريعته .

ولعل باعثه الخفي هو طلب الذكر وانتشار الصيت في الأطراف ، وكثرة الرحلة إليه من الآفاق وانطلاق ، الألسنة عليه بالثناء ، والمدح بالزهد ، والورع والعلم والتقديم له في المهمات وإيثاره في الأغراض ، والاجتماع حوله للاستفادة ، والتلذذ بحسن الإصغاء عند حسن اللفظ ، والإيراد والتمتع بتحريك الرءوس إلى كلامه والبكاء عليه ، والتعجب منه ، والفرح بكثرة الأصحاب والأتباع والمستفيدين ، والسرور بالتخصص بهذه الخاصية من بين سائر الأقران والأشكال ; للجمع بين العلم والورع وظاهر الزهد والتمكن به من إطلاق لسان الطعن في الكافة المقبلين على الدنيا لا عن تفجع بمصيبة الدين ، ولكن عن إدلال بالتمييز ، واعتداد بالتخصيص .

ولعل هذا المسكين المغرور حياته في الباطن بما انتظم له من أمر وإمارة ، وعز وانقياد ، وتوقير وحسن ثناء فلو تغيرت عليه القلوب ، واعتقدوا فيه خلاف الزهد بما يظهر من أعماله فعساه يتشوش عليه قلبه وتختلط أوراده ، ووظائفه .

وعساه يعتذر بكل حيلة لنفسه وربما يحتاج إلى أن يكذب في تغطية عيبه .

وعساه يؤثر بالكرامة والمراعاة من اعتقد فيه الزهد والورع ، وإن كان قد اعتقد فيه فوق قدره وينبو قلبه عمن عرف حد فضله وورعه ، وإن كان ذلك على وفق حاله وعساه يؤثر بعض أصحابه على بعض ، وهو يرى أنه يؤثره لتقدمه في الفضل والورع ، وإنما ذلك لأنه أطوع له ، وأتبع لمراده وأكثر ثناء عليه وأشد إصغاء إليه وأحرص على خدمته ، ولعلهم يستفيدون منه ، ويرغبون في العلم ، وهو يظن أن قبولهم له لإخلاصه وصدقه ، وقيامه بحق علمه ، فيحمد الله تعالى على ما يسر على لسانه من منافع خلقه ، ويرى أن ذلك مكفر لذنوبه ، ولم يتفقد مع نفسه تصحيح النية فيه .

وعساه لو وعد بمثل ذلك الثواب في إيثاره الخمول والعزلة وإخفاء العلم لم يرغب فيه لفقده في العزلة ولاختفاء ، لذة القبول وعزة الرياسة ، ولعل مثل هذا هو المراد بقول الشيطان : من زعم من بني آدم أنه بعلمه امتنع مني فبجهله وقع في حبائلي .

وعساه يصنف ويجتهد فيه ظانا أنه يجمع علم الله لينتفع به ، وإنما يريد به استطارة اسمه بحسن التصنيف ، فلو ادعى مدع تصنيفه ، ومحا عنه اسمه ونسبه إلى نفسه ثقل عليه ذلك مع علمه بأن ثواب الاستفادة من التصنيف إنما يرجع إلى المصنف ، والله يعلم بأنه هو المصنف لا من ادعاه ، ولعله في تصنيفه لا يخلو من الثناء على نفسه إما صريحا بالدعاوي الطويلة العريضة ، وإما ضمنا بالطعن في غيره ليستبين من طعنه في غيره أنه أفضل ممن طعن فيه ، وأعظم منه علما ولقد كان في غنية عن الطعن فيه ، ولعله يحكي من الكلام المزيف ما يريد تزييفه فيعزيه إلى قائله وما يستحسنه فلعله لا يعزيه إليه ليظن أنه من كلامه فينقله بعينه كالسارق له ، أو يغيره أدنى تغيير كالذي يسرق قميصا فيتخذه قباء ، حتى لا يعرف أنه مسروق ، ولعله يجتهد في تزيين ألفاظه ، وتسجيعه ، وتحسين نظمه كيلا ينسب إلى الركاكة ويرى أن غرضه ترويج الحكمة وتحسينها وتزيينها ، ليكون أقرب إلى نفع الناس .

وعساه غافلا عما روي أن بعض الحكماء وضع ثلاثمائة مصحف في الحكمة فأوحى الله إلى نبي زمانه قل له : قد ملأت الأرض نفاقا وإني لا أقبل من نفاقك شيئا .

ولعل جماعة من هذا الصنف من المغترين إذا اجتمعوا ظن كل واحد بنفسه السلامة عن عيوب القلب وخفاياه ، فلو افترقوا واتبع كل واحد منهم فرقة من أصحابه ، نظر كل واحد إلى كثرة من يتبعه ، وأنه أكثر تبعا أو غيره فيفرح ، إن كان أتباعه أكثر ، وإن علم أن غيره أحق بكثرة الأتباع منه ، ثم إذا تفرقوا ، واشتغلوا بالإفادة تغايروا وتحاسدوا ، ولعل من يختلف إلى واحد منهم إذا انقطع عنه إلى غيره ثقل على قلبه ، ووجد في نفسه نفرة منه فبعد ذلك لا يهتز باطنه لإكرامه ولا يتشمر لقضاء حوائجه ، كما كان يتشمر من قبل ، ولا يحرص على الثناء عليه كما أثنى مع علمه بأنه مشغول بالاستفادة ، ولعل التحيز منه إلى فئة أخرى كان أنفع له في دينه لآفة من الآفات كانت تلحقه في هذه الفئة ، وسلامته عنها في تلك الفئة ومع ذلك لا تزول النفرة عن قلبه ، ولعل واحدا منهم إذا تحركت فيه مبادئ الحسد لم يقدر على إظهاره فيتعلل بالطعن في ، دينه ، وفي ورعه ليحمل غضبه على ذلك ، ويقول : إنما غضبت لدين الله لا لنفسي .

ومهما ذكرت عيوبه بين يديه ربما فرح له وإن أثنى عليه ربما ساءه وكرهه ، وربما قطب وجهه إذا ذكرت عيوبه يظهر أنه كاره لغيبة المسلمين وسر قلبه راض به ، ومريد له ، والله مطلع عليه في ذلك .

فهذا وأمثاله من خفايا القلوب لا يفطن له إلا الأكياس ولا يتنزه عنه إلا الأقوياء ولا مطمع فيه لأمثالنا من الضعفاء ، إلا أن أقل الدرجات أن يعرف الإنسان عيوب نفسه ، ويسوءه ذلك ، ويكرهه ، ويحرص على إصلاحه ، فإذا أراد الله بعبد خيرا بصره بعيوب نفسه ومن سرته حسنته ، وساءته سيئته فهو مرجو الحال وأمره أقرب من المغرور المزكي لنفسه ، الممتن على الله بعمله وعلمه ، الظان أنه من خيار خلقه ، فنعوذ بالله من الغفلة والاغترار ، ومن المعرفة بخفايا العيوب مع الإهمال .

هذا غرور الذين حصلوا العلوم المهمة ولكن قصروا في العمل بالعلم .

التالي السابق


(وفرقة) منهم (أحكموا العلم، وطهروا الجوارح، وزينوها بالطاعات، واجتنبوا) ، وفي نسخة تركوا (المعاصي) الظاهرة، (وتفقدوا أخلاق النفس وصفات القلب من الرياء، والحسد، والكبر، والحقد، وطلب العلو، وجاهدوا أنفسهم في التبري منها، وقلعوا من القلوب منابتها الجلية) أي: الظاهرة (القوية، ولكنهم بعد مغرورون; إذ بقيت في زوايا القلب من خفايا مكايد الشيطان، وخبايا خداع النفس ما دق) منها (وغمض مدركه) ، ولم يتبين سره (فلم يفطنوا لها) لدقتها، وغموضها (وأهملوها، وإنما مثاله من يريد تنقية الزرع من الحشيش فدار عليه وفتش عن كل [ ص: 452 ] حشيش رآه) مضر للزرع، (فقلعه إلا أنه لم يفتش عما لم يخرج رأسه بعد من تحت الأرض، فظن أن الكل قد ظهر وبرز، وكان قد نبتت من أصول الحشيش شعب لطاف، فانبسطت تحت التراب فأهملها) ، ولم يلتفت إليها، (وهو يظن أنه قد قلعها) واستأصلها (فإذا هو بها في غفلته وقد نبتت، وقويت فأفسدت أصول الزرع من حيث لا يدري) ، ولا يشعر بها، (فكذلك العالم قد يفعل جميع ذلك، ويذهل عن المراقبة للخفايا، والتفقد للدقائق، فتراه يسهر ليله ونهاره في جمع العلوم وترتيبها وتحسين ألفاظها) ، وتركيب معانيها، (وجمع التصانيف فيها، وهو يرى أن باعثه الحرص على إظهار دين الله، ونشر شريعته، ولعل باعثه الخفي هو طلب الذكر) بين الناس، (وانتشار الصيت في الأطراف، وكثرة الرحلة إليه من الآفاق، وإطلاق الألسنة عليه بالثناء، والمدح بالزهد، والورع والعلم والتقديم في المهمات وإيثاره في الأغراض، والاجتماع حوله للاستفادة، والتلذذ بحسن الإصغاء عند حسن اللفظ، والإيراد) لكلامه، (والتمتع بتحريك الرؤوس) ، والتمايل يمينا وشمالا (على كلامه) حين يورده، (والبكاء عليه، والتعجب منه، والفرح بكثرة الأصحاب والأتباع والمستفيدين، والسرور بالتخصيص بهذه الخاصة من بين سائر الأقران والأشكال; للجمع بين العلم والورع وظاهر الزهد والتمكن به من إطلاق لسان الطعن في كافة المقبلين على الدنيا) المعرضين عن الله تعالى (لا عن تفجع بمصيبة الدين، ولكن عن إدلال بالتمييز، واعتداد بالتخصيص، ولعل هذا المسكين المغرور حياته في الباطن بما انتظم له من أمر وإمارة، وعز وانقياد، وتوقير وحسن ثناء) ، وطيب ذكر (فلو تغيرت عليه القلوب، واعتقدوا فيه خلاف الزهد بما يظهر من أعماله فعساه يتشوش عليه قلبه) ، ويتكدر بذلك خاطره (وتختلط أوراده، ووظائفه، وعساه يعتذر بكل حيلة لنفسه) يبديها، (وربما يحتاج إلى تكذب) أي: تكلف في الكذب (في تغطية عيبه، وعساه يؤثر بالكرامة والمراعاة من اعتقد فيه الزهد والورع، وإن كان قد اعتقد فيه فوق قدره) الذي هو فيه، (وينبو قلبه عمن عرف حد فضله وورعه، وإن كان ذلك على وفق حاله) ، ومساويا لقدره (وعساه يؤثر بعض أصحابه على بعض، وهو يرى أنه يؤثر لتقدمه في الفضل والورع، وإنما ذلك لأنه أطوع، وأتبع لمراده) أي: أكثر طوعا، وتبعا لهوى نفسه (وأكثر ثناء عليه) عند الناس (وأشد إصغاء لديه) إذا تكلم، (وأحرص على خدمته، ولعلهم يستفيدون منه، ويرغبون في العلم، وهو يظن أن قبولهم له لإخلاصه وصدقه، وقيامه بحق عمله، فيحمد الله تعالى على ما يسر على لسانه) أي: سهله (من منافع خلقه، ويرى أن ذلك مكفر لذنوبه، ولم يتفقد مع نفسه تصحيح النية فيه، وعساه لو وعد بمثل ذلك الثواب في إيثار الخمول والعزلة وإخفاء العلم لم يرغب فيه لفقده في العزلة، والاختفاء لذة القبول وعزة الرياسة، ولعل مثل هذا هو المراد بقول الشيطان: من زعم من بني آدم أنه بعمله امتنع مني فبجهله وقع في حبائلي) أي: أشراكي، (وعساه يصنف ويجتهد [ ص: 453 ] فيه) أي: في تصنيفه (ظانا أنه يجمع علم الله لينتفع به، وإنما مراده استطارة اسمه بحسن التصنيف، فلو ادعى أحد تصنيفه، ومحا عنه اسمه ونسبه إلى نفسه ثقل ذلك عليه) ، وقامت قيامته، وشكاه بكل لسان كما وقع ذلك لبعض العلماء، (مع أن علمه بأن ثواب الاستفادة من التصنيف) وأجر الانتفاع به (إنما يرجع للمصنف، والله يعلم بأنه هو المصنف لا من ادعاه، ولعله في تصنيفه لا يخلو من الثناء على نفسه إما صريحا بالدعاوي الطويلة العريضة، وإما ضمنا بالطعن في غيره) من معاصريه، أو ممن تقدم عليه (ليستبين من طعنه في غيره أنه أفضل ممن طعن فيه، وأعظم منه علما) ، وأغرز منه فهما، (ولقد كان في غنية من الطعن فيه، ولعله يحكي من الكلام المزيف ما يريد تزييفه) أي: توهينه (فيعزيه) أي: ينسبه (إلى قائله) ليحط بذلك عن مقامه (وما يستحسنه فلعله لا يعزيه إليه ليظن أنه من كلامه) فيرتفع قدره (فينقله بيمينه كالسارق له، أو يغيره أدنى تغيير) ، إما بقلب الألفاظ، أو تقديم، أو تأخير، أو اختصار، (كالذي يسرق قميصا فيتخذه قباء، حتى لا يعرف أنه مسروق، ولعله يجتهد في تزيين ألفاظه، وتسجيعه، وتحسين نظمه) ، وسبكه في قالب البلاغة (كي لا ينسب إلى الركاكة) أي: ضعف العقل والفهم، (ويرى أن عرضه ترويج الحكمة وتحسينها وتزيينها، ليكون أقرب إلى نفع الناس، وعساه غافلا عما روي أن بعض الحكماء) من بني إسرائيل (وضع ثلاثمائة مصحف في الحكمة) لينتفع بها الناس (فأوحى الله إلى نبي زمانه) أن (قل له: قد ملأت الأرض بقباقا) ، وفي نسخة بقاقا، وهو الكلام الكثير (وأنا لا أقبل من بقباقك شيئا) ، وفي نسخة: بقاقك، أورده أبو نعيم في الحلية في ترجمة الشعبي، وقد ذكر في كتاب العلم، وفي كتاب ذم الكبر (ولعل جماعة من هذا الصنف من المغترين إذا اجتمعوا ظن كل واحد بنفسه السلامة من عيوب القلب وخفاياه، فلو افترقوا واتبع كل واحد منهم فرقة من أصحابه، نظر كل واحد إلى كثرة من يتبعه، وأنه أكثر تبعا أو غيره فيفرح، إن كان أتباعه أكثر، وإن علم أن غيره أحق بكثرة الأتباع منه، ثم إذا تفرقوا، واشتغلوا بالإفادة) تغايروا تغاير التيوس في الزرب (وتحاسدوا، ولعل من يختلف إلى واحد منهم إذا انقطع عنه إلى غيره) فترك الحضور بين يديه (ثقل على قلبه، ووجد في نفسه نفرة منه فبعد ذلك لا يهتز باطنه لإكرامه) أي: لا ينتشط (ولا يتشمر لقضاء حوائجه، كما كان يتشمر من قبل، ولا يحرص على الثناء عليه كما أثنى عليه من قبل مع علمه بأنه مشغول بالاستفادة، ولعل التحيز منه إلى فئة أخرى أنفع له في دينه لآفة من الآفات كانت تلحقه في هذه الفئة، وسلامته عنها في تلك الفئة) ، وأصل التحيز هو الميل إلى حيز جماعة أي: ناحيتهم، وكذلك الانحياز، (ومع ذلك فلا تزول النفرة عن قلبه، ولعل واحدا منهم إذا تحركت فيه مبادئ الحسد لم يقدر على إظهاره فيتعلل بالطعن فيه، وفي دينه، وفي روعه) بكل ما أمكنه (ليحمل غضبه على ذلك، ويقول: إنما غضبت لدين الله لا لنفسي، ومهما ذكرت عيوبه بين يديه ربما فرح به)وله (وإن أثني عليه ربما ساءه وكرهه، وربما قطب وجهه) أي: عبسه كأنه (يظهر) من نفسه (أنه كاره لغيبة المسلمين) وذلهم [ ص: 454 ] (وسر قلبه) أي: باطنه (راض به، ومريد له، والله مطلع عليه في ذلك، فهذا وأمثاله من خفايا العيوب) ، ودقائقها (لا يفطن له إلا الأكياس) المستبصرون، (ولا يتنزه عنه إلا الأقوياء) الجلدون (ولا طمع فيه لأمثالنا من الضعفاء، إلا أن أقل الدرجات أن يعرف الإنسان عيوب نفسه، ويسوءه ذلك، ويكرهه، ويحرص على إصلاحه، فإذا أراد الله بعبد خيرا بصره بعيوب نفسه) ، روى الدارقطني في الأفراد، وابن عساكر في التاريخ من حديث أنس: "إذا أراد الله بأهل بيت خيرا فقههم في الدين، ووقر صغيرهم كبيرهم، ورزقهم الرفق في معيشتهم، والقصد في نفقاتهم، وبصرهم عيوبهم فيتوبوا منها، وإذا أراد بهم غير ذلك تركهم هملا" قال الدارقطني: تفرد به موسى بن محمد بن عطاء، عن ابن المنكدر، عن أبيه، عن أنس، وهو متروك .

(ومن سرته حسنته، وساءته سيئته فهو مرجو الحال) . روى الخطيب من حديث جابر، والطبراني من حديث أبي موسى: "من سرته حسنته، وساءته سيئته فهو مؤمن"، (وأمره أقرب من المغرور المزكي نفسه، الممتن على الله بعلمه وعمله، الظان أنه من خيار خلقه، فنعوذ بالله من الغفلة والاغترار، ومن المعرفة بخفايا العيوب مع الإهمال، هذا غرور الذين حصلوا العلم المهم) ، وفي نسخة: العلوم المهمة (وأهملوا العمل بالعلم) ، وفي نسخة: ولكن قصروا في العمل بالعلم .




الخدمات العلمية