الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
وفرقة أخرى جاوزت حد هؤلاء ، واجتنبت الأعمال وطلقت ، الحلال ، واشتغلت بتفقد القلب ، وصار أحدهم يدعي المقامات من الزهد ، والتوكل ، والرضا ، والحب من غير وقوف على حقيقة هذه المقامات وشروطها وعلاماتها وآفاتها فمنهم من يدعي الوجد والحب لله تعالى ، ويزعم أنه واله بالله ولعله قد تخيل في الله خيالات هي بدعة أو كفر فيدعي حب الله قبل معرفته ثم أنه لا يخلو عن مقارفة ما يكره الله عز وجل ، وعن إيثار هوى نفسه على أمر الله ، وعن ترك بعض الأمور حياء من الخلق ، ولو خلا لما تركه حياء من الله تعالى .

، وليس يدري أكل ذلك يناقض الحب وبعضهم ربما يميل إلى القناعة والتوكل فيخوض البوادي من غير زاد ليصحح دعوى التوكل ، وليس يدري أن ذلك بدعة لم تنقل عن السلف والصحابة وقد كانوا أعرف بالتوكل منه ، فما فهموا أن التوكل المخاطرة بالروح ، وترك الزاد ، بل كانوا يأخذون الزاد وهم متوكلون على الله تعالى لا على الزاد ، وهذا ربما يترك الزاد وهو متوكل على سبب من الأسباب واثق به وما من مقام من المقامات المنجيات إلا وفيه غرور ، وقد اغتر به قوم ، وقد ذكرنا مداخل الآفات في ربع المنجيات من الكتاب ، فلا يمكن إعادتها .

التالي السابق


(وفرقة أخرى جاوزت حد هؤلاء، واجتنبت الأعمال، وطلبت الحلال، واشتغلت بتفقد القلب، وصار أحدهم) بعد ذلك (يدعي المقامات من الزهد، والتوكل، والرضا، والحب من غير وقوف على حقيقة هذه المقامات وشروطها وعلاماتها وآفاتها) .

وهم فرق (فمنهم من يدعي الوجد) ، وهو فقدانه بمحو أوصافه البشرية (والحب لله تعالى، ويزعم أنه واله بالله) مشغوف به، (ولعله قد تخيل في الله خيالات هي بدعة أو كفر فيدعي حب الله قبل معرفته) ، ولا يتم حب شيء إلا بعد معرفته بحقيقته، (ثم إنه لا يخلو عن مقارفة ما يكره الله، وعن إيثار هوى نفسه على أمر الله، وعن ترك بعض الأمور حياء من الخلق، ولو خلا) بنفسه (ما تركه حياء من الله، وليس يدري أن كل ذلك يناقض الحب) ، ويضاده، (وبعضهم ربما يميل إلى القناعة والتوكل فيخوض البوادي) والقفار (من غير زاد ليصحح دعوى التوكل، وليس يدري أن ذلك بدعة لم ينقل عن السلف والصحابة) رضوان الله عليهم، كما عرف ذلك من سيرهم، (وقد كانوا أعرف بالتوكل منه، فما فهموا أن التوكل) هو (المخاطرة بالروح، وترك الزاد، بل كانوا يأخذون الزاد وهم متوكلون على الله لا على الزاد، وهذا ربما يترك الزاد وهو متوكل على سبب من الأسباب واثق به) ، فكيف يصح توكله؟! (وما من مقام من مقامات المنجيات) على ما سيأتي (إلا وفيه غرور، وقد اغتر به قوم، وقد ذكرنا مداخل الآفات في ربع المنجيات من الكتاب، فلا يمكن إعادتها) هنا .




الخدمات العلمية