الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
الحالة الثالثة : أن يكون الحرب سجالا بين الجندين فتارة له اليد عليها ، وتارة لها عليه ، وهذا من المجاهدين يعد مثله لا من الظافرين ، وأهل هذه الحالة هم الذين خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا عسى الله أن يتوب عليهم هذا باعتبار القوة والضعف ويتطرق إليه أيضا ثلاثة أحوال باعتبار عدد ما يصبر عنه ، فإنه إما أن يغلب جميع الشهوات أو لا يغلب شيئا منها أو يغلب بعضها دون بعض وتنزيل قوله تعالى خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا على من عجز عن بعض الشهوات دون بعض أولى والتاركون للمجاهدة مع الشهوات مطلقا يشبهون بالأنعام بل هم أضل سبيلا ، إذ البهيمة لم تخلق لها المعرفة والقدرة التي بها تجاهد مقتضى الشهوات ، وهذا قد خلق ذلك له وعطله فهو الناقص حقا المدبر يقينا ولذلك قيل :


ولم أر في عيوب الناس عيبا كنقص القادرين على التمام

.

التالي السابق


(الحالة الثالثة: أن تكون الحرب سجالا) ودولا ( بين الجندين فتارة له اليد) أي: الغلبة والقهر (عليها، وتارة لها عليه، وهذا من المجاهدين بعد لا من الظافرين، وأهل هذه الحالة هم الذين) قال الله تعالى فيهم: وآخرون (اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا عسى الله أن يتوب عليهم) إن الله غفور رحيم . (هذا باعتبار القوة والضعف وتتطرق إليه ثلاثة أحوال باعتبار عدد ما يصبر عنه، فإنه) لا يخلو (إما أن يغلب جميع الشهوات أو لا يغلب شيئا منها أو يغلب بعضها دون بعض) ، فالحالة الأولى للسابقين، والثانية للظالمين، والثالثة للمقتصدين، (وتنزيل قوله تعالى) : وآخرون اعترفوا بذنوبهم (خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا) عسى الله أن يتوب عليهم إن الله غفور رحيم [ ص: 19 ] (على من غلب بعض الشهوات دون بعض أولى) من تنزيله على الحالة الثانية، (والتاركون للمجاهدة مع الشهوات مطلقا يشبهون بالأنعام بل هم أضل، إذ البهيمة لم تخلق لها المعرفة والقدرة التي بها تجاهد مقتضى الشهوات، وهذا قد خلق له وعطله) أي: أهمله، (فهو الناقص حقا المدبر يقينا ولذلك قيل:)

( ولم أر في عيوب الناس شيئا كنقص القادرين على التمام )

وفي نسخة: نقصا بدل شيئا، فإنه قبيح بذي العقل أن يكون بهيمة، وقد أمكنه أن يكون إنسانا، أو إنسانا وقد أمكنه أن يكون ملكا، وأن يرضى بقنية معارة، وحياة مستردة، وله أن يتخذ قنية مخلدة وحياة مؤبدة .




الخدمات العلمية