المهم الخامس : المنكح . وقد قال قائلون لا معنى للزهد في أصل النكاح ولا في كثرته وإليه ذهب سهل بن عبد الله وقال قد حبب إلى سيد الزاهدين النساء فكيف نزهد فيهن ووافقه على هذا القول وقال كان أزهد الصحابة ابن عيينة رضي الله عنه وكان له أربع نسوة وبضع عشرة سرية . علي بن أبي طالب
والصحيح ما قاله رحمه الله إذ قال : أبو سليمان الداراني والمرأة قد تكون شاغلا عن الله . كل ما شغلك عن الله من أهل ومال وولد فهو عليك مشئوم
وكشف الحق فيه أنه قد تكون العزوبة أفضل في بعض الأحوال كما سبق في كتاب النكاح ، فيكون وحيث يكون النكاح أفضل لدفع الشهوة الغالبة فهو واجب فكيف يكون تركه من الزهد ، وإن لم يكن عليه آفة في تركه ولا فعله ولكن ترك النكاح احترازا عن ميل القلب إليهن والأنس بهن بحيث يشتغل عن ذكر الله فترك ذلك من الزهد فإن علم أن المرأة لا تشغله عن ذكر الله ولكن ترك ذلك احترازا من لذة النظر والمضاجعة والمواقعة فليس هذا من الزهد أصلا فإن الولد مقصود لبقاء نسله وتكثير أمة ترك النكاح من الزهد محمد صلى الله عليه وسلم : من القربات واللذة التي تلحق الإنسان فيما هو من ضرورة الوجود لا تضره إذا لم تكن هي المقصد والمطلب وهذا كمن ترك أكل الخبز وشرب الماء احترازا من لذة الأكل والشرب وليس ذلك من الزهد في شيء ؛ لأن في ترك ذلك فوات بدنه فكذلك في ترك النكاح انقطاع نسله فلا يجوز أن يترك النكاح زهدا في لذته من غير خوف آفة أخرى وهذا ما عناه سهل لا محالة ولأجله نكح رسول الله صلى الله عليه وسلم : وإذا ثبت هذا فمن حاله حال رسول الله : صلى الله عليه وسلم : في أنه لا يشغله كثرة النسوة ولا اشتغال القلب بإصلاحهن والإنفاق عليهن فلا معنى لزهده فيهن حذرا من مجرد لذة الوقاع والنظر ولكن أنى يتصور ذلك لغير الأنبياء والأولياء فأكثر الناس يشغلهم .
كثرة النسوان فينبغي أن يترك الأصل إن كان يشغله وإن لم يشغله وكان يخاف من أن تشغله الكثرة منهن أو جمال المرأة فلينكح واحدة غير جميلة وليراع قلبه في ذلك .
قال أبو سليمان الزهد في النساء أن يختار المرأة الدون أو اليتيمة على المرأة الجميلة والشريفة .
وقال رحمه الله أحب للمريد المبتدي أن لا يشغل قلبه بثلاث وألا تغير حاله التكسب وطلب الحديث والتزوج وقال أحب للصوفي أن لا يكتب ولا يقرأ ؛ لأنه أجمع لهمه فإذا ظهر أن لذة النكاح كلذة الأكل فما شغل عن الله فهو محذور فيهما جميعا . الجنيد