الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
فما ذكره الله سبحانه هو المنتهى في الهداية والتعريف .

.

التالي السابق


(فما ذكره الله سبحانه هو المنتهى في الهداية و) عليه المعول في (التعريف) قال المصنف في "المقصد الأسنى": للعبد حظ من وصف العلم، ولكن يفارق علمه علم الله -عز وجل- في خواص ثلاث:

إحداها: المعلومات في كثرتها؛ فإن معلومات العبد وإن اتسعت فهي محصورة في قلبه؛ فأنى تناسب ما لا نهاية له؟

والثانية: إن كشفت أوان الفتح فلا يبلغ الغاية التي لا ممكن وراءها، بل كالبصر الظاهر، وفرق بين ما يتضح وقت الإسفار وبين ما يتضح أول صحوة النهار .

والثالثة: أن علم الله تعالى بالأشياء غير مستفاد من الأشياء، بل الأشياء مستفادة منه، وعلم العبد بالأشياء تابع الأشياء وحاصل بها، وشرف العبد من سبب العلم من حيث إنه من صفات الله تعالى، ولكن العلم الأشرف ما معلومه أشرف، وأشرف المعلومات هو الله تعالى، فلذلك كانت معرفته أفضل المعارف، بل معرفة سائر الأشياء إنما تشرف لأنها معرفة لأفعال الله تعالى، أو معرفة للطريق الذي يقرب العبد من الله تعالى، فلا نظر إذا إلا في الله تعالى. اهـ .

وأما المحدث فيستدل بقوله تعالى: قل اللهم فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة ، وبحديث الاستخارة، وفيه: "فإنك تعلم ولا أعلم"، وأما الصوفي فيقول: العلم حقيقته من كانت الأشياء حاضرة لديه، وليس تكون الأشياء حاضرة لديه إلا من أفادها الشيئية، ولا مفيد للأشياء شيئية إلا الله تعالى، فلا عالم إلا الله تعالى؛ إذ هو المفيد لكل حقيقة عين تلك الحقيقة، حتى المحال إن كانت له حقيقة عقلية أو وهمية، فهو المفيد لها، وهو المجلي لها في الأذهان، وبالضرورة من أجلى الحقائق لعبده، فكيف لا تكون منجلية له؟ بل لم تنجل بالتحقيق إلا له؛ إذ ليس لغيره على التحقيق إحاطة بشيء، والله أعلم .




الخدمات العلمية