الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
والأدوية أسباب مسخرة بحكم الله تعالى كسائر الأسباب فكما أن الخبز دواء الجوع ، والماء دواء العطش فالسكنجبين ، دواء الصفراء ، والسقمونيا دواء الإسهال ، لا يفارقه إلا في أحد أمرين أحدهما أن معالجة الجوع والعطش بالماء والخبز جلي واضح ، يدركه كافة الناس ، ومعالجة الصفراء بالسكنجبين يدركه بعض الخواص ، فمن أدرك ذلك بالتجربة التحق في حقه بالأول والثاني أن الدواء يسهل والسكنجبين يسكن الصفراء بشروط أخر في الباطن ، وأسباب في المزاج ربما يتعذر الوقوف على جميع شروطها ، وربما يفوت بعض الشروط ، فيتقاعد الدواء عن الإسهال وأما زوال العطش فلا يستدعي سوى الماء شروطا كثيرة ، وقد يتفق من العوارض ما يوجب دوام العطش مع كثرة شرب الماء ولكنه نادر واختلال الأسباب أبدا ينحصر في هذين الشيئين ، وإلا فالمسبب يتلو السبب لا محالة مهما تمت شروط السبب وكل ذلك بتدبير مسبب الأسباب ، وتسخيره ، وترتيبه بحكم حكمته ، وكمال قدرته ، فلا يضر المتوكل استعماله مع النظر إلى مسبب الأسباب ، دون الطبيب والدواء .

فقد روي عن موسى صلى الله عليه وسلم أنه قال : يا رب ، ممن الداء والدواء ، فقال تعالى : مني ، قال : فما يصنع الأطباء قال : يأكلون أرزاقهم ، ويطيبون نفوس عبادي حتى يأتي شفائي ، أو قضائي .

التالي السابق


(والأدوية أسباب مسخرة بحكم الله تعالى كسائر الأسباب) لا فرق فيها (فكما أن الخبز دواء الجوع، والماء دواء العطش، والسكنجبين دواء الصفراء، والسقمونيا دواء الإسهال، لا يفارقه إلا في أحد أمرين أحدهما أن معالجة الجوع والعطش بالخبز والماء جلي واضح، يدركه كافة الناس، ومعالجة الصفراء بالسكنجبين يدركه بعض الخواص، فمن أدرك ذلك بالتجربة التحق في حقه بالأول) فصار عنده جليا واضحا .

(و) الأمر الثاني (أن الدواء يسهل) المعدة (والسكنجبين يسكن الصفراء بشروط أخر في الباطن، وأسباب في المزاج ربما يتعذر الوقوف على جميع شروطها، وربما يفوت بعض الشروط، فيتقاعد الدواء عن الإسهال) فلا يعمل عمله، (وأما زوال العطش فلا يستدعي سوى الماء شروطا كثيرة، وقد يتفق من العوارض ما يوجب دوام العطش مع كثرة شرب الماء) ، كما في مرض الاستسقاء (ولكنه نادر واختلال الأسباب أبدا ينحصر في هذين الشيئين، وإلا فالمسبب يتلو السبب لا محالة مهما تمت شروط السبب [ ص: 520 ] وكل ذلك بتدبير مسبب الأسباب، وتسخيره، وترتيبه بحكم حكمته، وكمال قدرته، فلا يضر المتوكل اشتغاله) بالأسباب (مع النظر إلى مسبب الأسباب، دون الطبيب والدواء، فقد روي عن موسى -عليه السلام- أنه قال: يا رب، ممن الدواء والداء، فقال تعالى: مني، قال: فما يصنع الأطباء) حينئذ؟ (قال: يأكلون أرزاقهم، ويطيبون نفوس عبادي حتى يأتي شفائي، أو قضائي) نقله صاحب القوت، إلا أنه قال: أو قبضي، قال: ويقال: إن بين الدواء والداء حجاب المشيئة، فلا ينفع الدواء حتى ينكشف الحجاب .




الخدمات العلمية