كتاب ذكر الموت وما بعده .
وهو الكتاب العاشر من ربع المنجيات وبه اختتام كتاب إحياء علوم الدين .
بسم الله الرحمن الرحيم .
، الحمد لله الذي قصم بالموت رقاب الجبابرة وكسر به ظهور الأكاسرة وقصر به آمال القياصرة الذين لم تزل قلوبهم عن نافرة حتى جاءهم الوعد الحق فأرداهم في الحافرة فنقلوا من القصور إلى القبور ، ومن ضياء المهود إلى ظلمة اللحود ومن ملاعبة الجواري والغلمان إلى مقاساة الهوام والديدان ، ومن التنعم بالطعام والشراب إلى التمرغ في التراب ، ومن أنس العشرة إلى وحشة الوحدة ومن المضجع الوثير إلى المصرع الوبيل فانظر هل وجدوا من الموت حصنا وعزا واتخذوا من دونه حجابا وحرزا وانظر هل تحس منهم من أحد أو تسمع لهم ركزا فسبحان من انفرد بالقهر والاستيلاء واستأثر باستحقاق البقاء وأذل أصناف الخلق بما كتب عليهم من الفناء ثم جعل الموت مخلصا للأتقياء وموعدا في حقهم للقاء وجعل القبر سجنا للأشقياء ، وحبسا ضيقا عليهم إلى يوم الفصل والقضاء فله الإنعام بالنعم المتظاهرة وله الانتقام بالنقم القاهرة وله الشكر في السماوات والأرض ، وله الحمد في الأولى والآخرة والصلاة على ذكر الموت محمد ذي المعجزات الظاهرة والآيات الباهرة وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا .
، أما بعد ; فجدير بمن الموت مصرعه ، والتراب مضجعه ، والدود أنيسه ، ومنكر ونكير جليسه ، والقبر مقره ، وبطن الأرض مستقره ، والقيامة موعده ، والجنة أو النار مورده ، أن لا يكون له فكر إلا في الموت ولا ذكر إلا له ، ولا استعداد إلا لأجله ، ولا تدبير إلا فيه ، ولا تطلع إلا إليه ، ولا تعريج إلا عليه ولا اهتمام إلا به ، ولا حول إلا حوله ، ولا انتظار وتربص إلا له . وحقيق بأن يعد نفسه من الموتى ويراها في أصحاب القبور فإن كل ما هو آت قريب والبعيد ما ليس بآت وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
لما بعد الموت ولن يتيسر الاستعداد للشيء إلا عند تجدد ذكره على القلب ، ولا يتجدد ذكره إلا عند التذكر بالإصغاء إلى المذكرات له ، والنظر في المنبهات عليه . " الكيس من دان نفسه ، وعمل .
ونحن نذكر من أمر الموت ومقدماته ولواحقه وأحوال الآخرة ، والقيامة ، والجنة ، والنار ، ما لا بد للعبد من تذكاره على التكرار ، وملازمته بالافتكار والاستبصار ، ليكون ذلك مستحثا على الاستعداد فقد قرب لما بعد الموت الرحيل ، فما بقي من العمر إلا القليل ، والخلق عنه غافلون اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون ونحن نذكر ما يتعلق بالموت في شطرين .
: الشطر الأول في مقدماته ، وتوابعه ، إلى نفخة الصور ، وفيه ثمانية أبواب .
: الباب الأول في . فضل ذكر الموت والترغيب فيه
الباب الثاني في ذكر طول الأمل وقصره .
الباب الثالث في سكرات الموت وشدته ، وما يستحب من الأحوال عند الموت .
الباب الرابع في وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين من بعده .
الباب الخامس في كلام المحتضرين من الخلفاء ، والأمراء ، والصالحين .
* الباب السادس في أقاويل العارفين على الجنائز والمقابر ، وحكم زيارة القبور .
* الباب السابع في حقيقة الموت ، وما يلقاه الميت في القبر إلى نفخة الصور .
الباب الثامن فيما عرف من أحوال الموتى بالمكاشفة في المنام .