صفة . طول يوم القيامة
يوم تقف فيه الخلائق شاخصة أبصارهم منفطرة قلوبهم لا يكلمون ولا ينظر في أمورهم يقفون ثلاثمائة عام لا يأكلون فيه أكلة ولا يشربون فيه شربة ولا يجدون فيه روح نسيم قال كعب وقتادة يوم يقوم الناس لرب العالمين قال يقومون مقدار ثلاثمائة عام بل قال تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية ثم قال : كيف بكم إذا جمعكم الله كما تجمع النبل في الكنانة خمسين ألف سنة ولا ينظر إليكم ؟ وقال الحسن ما ظنك بيوم قاموا فيه على أقدامهم مقدار خمسين ألف سنة لا يأكلون فيها أكلة ولا يشربون فيها شربة حتى إذا انقطعت أعناقهم عطشا واحترقت أجوافهم جوعا انصرف بهم إلى النار فسقوا من عين آنية قد آن حرها واشتد لفحها ، فلما بلغ المجهود منهم ما لا طاقة لهم به طلب بعضهم بعضا في طلب من يكرم على مولاه ليشفع في حقهم فلم يتعلقوا بنبي إلا دفعهم وقال دعوني ، نفسي نفسي ، شغلني أمري عن أمر غيري ، واعتذر كل واحد بشدة غضب الله تعالى وقال : قد غضب اليوم ربنا غضبا لم يغضب قبله مثله ولا يغضب بعده مثله ، حتى يشفع نبينا صلى الله عليه وسلم لمن يؤذن له فيه عبد الله بن عمر لا تنفع الشفاعة إلا من أذن له الرحمن ورضي له قولا فتأمل في طول هذا اليوم وشدة الانتظار فيه حتى يخف عليك انتظار الصبر عن المعاصي في عمرك المختصر .
واعلم أن فإنه يقصر انتظاره في ذلك اليوم خاصة . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من طال انتظاره في الدنيا للموت لشدة مقاساته للصبر عن الشهوات فاجتهد أن تكون من أولئك المؤمنين فما دام يبقى لك نفس من عمرك فالأمر إليك والاستعداد بيديك فاعمل في : أيام قصار لأيام طوال تربح ربحا لا منتهى لسروره ، واستحقر عمرك بل عمر الدنيا وهو سبعة آلاف سنة فإنك لو صبرت سبعة آلاف سنة مثلا لتخلص من يوم مقداره خمسون ألفا لكان ربحك كثيرا وتعبك يسيرا . لما سئل عن طول ذلك اليوم فقال : والذي نفسي بيده إنه ليخفف على المؤمن حتى يكون أهون عليه من الصلاة المكتوبة يصليها في الدنيا