الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اعلم أن (بيان nindex.php?page=treesubj&link=30413طعام أهل الجنة مذكور في القرآن، من الفواكه) الحسان، (والطيور السمان، والمن، والسلوى، والعسل، واللبن، وأصناف كثيرة لا تحصى، قال الله تعالى: nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=25كلما رزقوا منها من ثمرة رزقا قالوا هذا الذي رزقنا) قال nindex.php?page=showalam&ids=13926البيضاوي : صفة ثانية لجنات، أو خبر مبتدإ محذوف، أو جملة مستأنفة، كأن لما قيل إن لهم جنات، وقع في خلد السامع أثمارها مثل ثمار الدنيا، أو أجناس مختلفة أخر، فأريح بذلك، وكلما: نصب على الظرف، ورزقا: مفعول به، ومن الأولى، والثانية، للابتداء، واقعتان موقع الحال، وأصل الكلام، ومعناه: كل حين، ورزقوا: مرزوقا، مبتدأ، من ثمرة: قيد الرزق بكونه مبتدأ من الجنات، فابتداؤه منها بابتدائه من ثمرة، فصاحب الحال الأول رزقا، وصاحب الحال الثاني ضميره المستكن في الحال، ويحتمل أن يكون من ثمرة بيانا تقدم، كما في قولك: رأيت منك أسدا، وهذا إشارة إلى نوع ما رزقوا، كقولك مشيرا إلى نهر جار: هذا الماء لا ينقطع، فإنك لا تعني به العين المشاهدة منه، بل النوع المعلوم، المستمر، يتعاقب جريانه، وإن كانت الإشارة إلى عينه، فالمعنى: هذا مثل الذي، ولكن لما استحكم الشبهة بينهما، جعل ذاته ذاته، كقولك: أبو يوسف أبو حنيفة .
(من قبل) ، هذا في الدنيا، جعل ثمر الجنة كثمر الدنيا، أي: من جنسه; لتميل النفس إليه أول ما ترى، فإن الثمار مائلة إلى المألوف، منفرد عن غيره، وتتبين لها مزية، وكنه النعمة فيه; إذ لو كان جنسا، لم يعهد ظن أنه لا يكون إلا كذلك، أو في الجنة; لأن طعامها متشابه الصورة، كما حكي عن الحسن : أن أحدهم يؤتى بالصحفة، فيأكل منها، ثم يؤتى بأخرى، فيراها مثل الأولى، فيقول ذلك، فتقول الملائكة: كل فاللون واحد، والطعم مختلف.
أو كما روي: أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: والذي نفس محمد بيده، إن الرجل من أهل الجنة، ليتناول الثمرة ليأكلها، فما هي واصلة إلى فيه، حتى يبدل الله مكانها مثلها، فلعلهم إذا رأوها على الهيئة الأولى، قالوا ذلك، والأول أظهر; لمحافظته على عموم كلما، فإنه يدل على ترديدهم هذا القول كل مرة رزقوا، والداعي إلى ذلك فرط استغرابهم، وتبجحهم بما وجدوا من التفاوت العظيم في اللذة، والتشابه البليغ في الصورة .
(وأتوا به متشابها) : اعتراض يقرر ذلك، والضمير على الأول، راجع إلى ما رزقوا في الدارين، وعلى الثاني، إلى الرزق، فإن قيل: التشابه هو التماثل في الصفة، وهو مفقود بين ثمرة الدنيا والآخرة، قلت: التشابه بينهما حاصل في الصورة، التي هي مناط الاسم، دون المقدار، والطعم، وهو كاف في إطلاق المتشابه هذا، وإن للآية محملا آخر، وهو أن مستلذات أهل الجنة في مقابلة ما رزقوا في الدنيا من المعارف والطاعات متفاوتة في اللذة، بحسب تفاوتها، فيحتمل أن يكون المراد من هذا الذي رزقنا، أنه ثوابه، ومن تشابههما، تماثلهما في الشرف، والرتبة، وعلو الطبقة، فيكون هذا في الوعد نظير قوله تعالى: nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=55ذوقوا ما كنتم تعملون في الوعيد .