وهو أوفق الاستعمالات في اللغة لأن والإسلام هو تسليم ، إما بالقلب وإما باللسان وإما بالجوارح وأفضلها الذي بالقلب ، وهو التصديق الذي يسمى إيمانا والاستعمال لهما على سبيل الاختلاف وعلى سبيل التداخل وعلى سبيل الترادف ، كله غير خارج عن طريق التجوز في اللغة . الإيمان عمل من الأعمال ، وهو أفضلها
أما الاختلاف فهو أن يجعل الإيمان عبارة عن التصديق بالقلب فقط وهو موافق للغة والإسلام عبارة عن التسليم ظاهرا وهو أيضا موافق للغة ; فإن التسليم ببعض محال التسليم ينطلق عليه اسم التسليم فليس من شرط حصول الاسم عموم المعنى لكل محل يمكن أن يوجد المعنى فيه ; فإن من لمس غيره ببعض بدنه يسمى لامسا وإن لم يستغرق جميع بدنه ، فإطلاق اسم الإسلام على التسليم الظاهر عند عدم تسليم الباطن مطابق للسان وعلى هذا الوجه جرى قوله تعالى : قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا .
وقوله صلى الله عليه وسلم في حديث سعد " أو مسلم"; لأنه فضل أحدهما على الآخر ويريد بالاختلاف تفاضل المسميين .
وأما التداخل فموافق أيضا للغة في خصوص الإيمان وهو أن يجعل الإسلام عبارة عن التسليم بالقلب والقول والعمل جميعا والإيمان عبارة عن بعض ما دخل في الإسلام ، وهو التصديق بالقلب ، وهو الذي عنيناه بالتداخل ، وهو موافق للغة في خصوص الإيمان وعموم الإسلام للكل وعلى هذا خرج قوله " الإيمان "; في جواب قول السائل : أي الإسلام أفضل ؟ لأنه جعل الإيمان خصوصا من الإسلام ، فأدخله فيه وأما استعماله فيه على سبيل الترادف بأن يجعل الإسلام عبارة عن التسليم بالقلب والظاهر جميعا فإن كل ذلك تسليم وكذا الإيمان ويكون التصرف في الإيمان على الخصوص بتعميمه وإدخال الظاهر في معناه ، وهو جائز لأن تسليم الظاهر بالقول والعمل ثمرة تصديق الباطن ونتيجته وقد يطلق اسم الشجر ويراد به الشجر مع ثمره على سبيل التسامح فيصير بهذا القدر من التعميم مرادفا لاسم الإسلام ، ومطابقا له فلا يزيد عليه ولا ينقص ، وعليه خرج قوله : فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين .