الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                              سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

                                                                                                                                                                                                                              الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              ذكر إسلام عبد الله بن الزبعرى رضي الله عنه

                                                                                                                                                                                                                              روى محمد بن عمر عن شيوخه قال : هرب عبد الله بن الزبعرى إلى نجران ، فأرسل حسان بن ثابت - رضي الله عنه - أبياتا يريد بها ابن الزبعرى : [ ص: 251 ]

                                                                                                                                                                                                                              لا تعدمن رجلا أحلك بغضه نجران في عيش أحذ لئيم     بليت قناتك في الحروب فألفيت
                                                                                                                                                                                                                              خوارة خوفاء ذات وصوم     غضب الإله على الزبعرى وابنه
                                                                                                                                                                                                                              وعذاب سوء في الحياة مقيم

                                                                                                                                                                                                                              وذكر ابن إسحاق البيت الأول فقط فلما جاء ابن الزبعرى شعر حسان ، خرج إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو جالس في أصحابه ، فلما نظر إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : «هذا ابن الزبعرى ، ومعه وجه فيه نور الإسلام فلما وقف على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال السلام عليك يا رسول الله ، أشهد أن لا إله إلا الله وأنك عبده ورسوله ، الحمد لله الذي هداني للإسلام ، لقد عاديتك ، وأجلبت عليك وركبت الفرس والبعير ، ومشيت على قدمي في عداوتك ، ثم هربت منك إلى نجران ، وأنا أريد أن لا أقر بالإسلام أبدا ، ثم أزادني الله منه بخير ، وألقاه في قلبي ، وحببه إلي .

                                                                                                                                                                                                                              وذكرت ما كنت فيه من الضلالة واتباع ما لا ينبغي من حجر يذبح له ويعبد ، لا يدري من عبده ، ولا من لا يعبده .

                                                                                                                                                                                                                              قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «الحمد لله الذي هداك للإسلام ، إن الإسلام يجب ما كان قبله”


                                                                                                                                                                                                                              وقال عبد الله حين أسلم :


                                                                                                                                                                                                                              يا رسول المليك إن لساني     راتق ما فتقت إذ أنا بور
                                                                                                                                                                                                                              إذ أباري الشيطان في سنن الغي     ومن مال ميله مثبور
                                                                                                                                                                                                                              آمن اللحم والعظام لربي     ثم قلبي الشهيد أنت النذير
                                                                                                                                                                                                                              إنني عنك زاجر ثم حيا     من لؤي وكلهم مغرور

                                                                                                                                                                                                                              وقال عبد الله أيضا حين أسلم :


                                                                                                                                                                                                                              منع الرقاد بلابل وهموم     والليل معتلج الرواق بهيم
                                                                                                                                                                                                                              مما أتاني أن أحمد لامني     فيه فبت كأنني محموم
                                                                                                                                                                                                                              يا خير من حملت على أوصالها     عيرانة سرح اليدين غشوم
                                                                                                                                                                                                                              إني لمعتذر إليك من الذي     أسديت إذ أنا في الضلال أهيم
                                                                                                                                                                                                                              أيام تأمرني بأغوى خطة     سهم وتأمرني بها مخزوم
                                                                                                                                                                                                                              وأمد أسباب الردى ويقودني     أمر الوشاة وأمرهم مشئوم
                                                                                                                                                                                                                              فاليوم آمن بالنبي محمد     قلبي ومخطئ هذه محروم
                                                                                                                                                                                                                              مضت العداوة فانقضت أسبابها     ودعت أواصر بيننا وحلوم
                                                                                                                                                                                                                              فاغفر فدى لك والداي كلاهما     زللي فإنك راحم مرحوم
                                                                                                                                                                                                                              وعليك من علم المليك علامة     نور أغر وخاتم مختوم .
                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 252 ] أعطاك بعد محبة برهانه     شرفا وبرهان الإله عظيم
                                                                                                                                                                                                                              ولقد شهدت بأن دينك صادق     حق وأنك في العباد جسيم
                                                                                                                                                                                                                              والله يشهد أن أحمد مصطفى     مستقبل في الصالحين كريم
                                                                                                                                                                                                                              قرم علا بنيانه من هاشم     فرع تمكن في الذرى وأروم

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية