ذكر محاصرته - صلى الله عليه وسلم - الطائف
قال - رحمه الله تعالى - : ثم مضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى نزل قريبا من ابن إسحاق الطائف ، فضرب عسكره ، وأشرفت ثقيف على حصنهم - ولا مثال له في حصون العرب - وأقاموا رماتهم ، وهم مائة رام ، فرموا بالسهام والمقاليع من بعد من حصنهم ، ومن دخل تحت الحصن دلوا عليه سكك الحديد محماة بالنار يطير منها الشرر ، فرموا المسلمين بالنبل رميا شديدا ، كأنه رجل جراد حتى أصيب ناس من المسلمين بجراح ، وقتل منهم اثنا عشر رجلا ، فارتفع - صلى الله عليه وسلم - إلى موضع مسجده اليوم ، الذي بنته ثقيف بعد إسلامها ، بناه أمية بن عمرو بن وهب بن معتب بن مالك ، وكانت فيه سارية لا تطلع عليها الشمس صبيحة كل يوم حتى يسمع لها نقيض أكثر من عشر مرات ، فكانوا يرون أن ذلك تسبيح ، وكان معه من نسائه أم سلمة وزينب ، فضرب لهما قبتين وكان يصلي بين القبتين طول حصار الطائف كله ، وقال عمرو بن أمية الثقفي - وأسلم بعد ذلك ، ولم يكن عند العرب أدهى منه - لا يخرج إلى محمد أحد إذا دعا أحد من أصحابه إلى البراز ، ودعوه يقيم ما أقام ، وأقبل ونادى : من يبارز ؟ فلم يطلع إليه أحد ، ثم عاد فلم ينزل إليه أحد ، ثم عاد فلم ينزل إليه أحد ، فنادى عبد [ ص: 384 ] ياليل : لا ينزل إليك أحد ، ولكنا نقيم في حصننا ، خبأنا فيه ما يصلحنا سنين ، فإذا أقمت حتى يذهب هذا الطعام خرجنا إليك بأسيافنا جميعا حتى نموت عن آخرنا . خالد بن الوليد
فقاتلهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالرمي عليهم وهم يقاتلونه بالرمي من وراء الحصن ، فلم يخرج إليه أحد ، وكثرت الجراحات له من ثقيف بالنبل ، وقتل جماعة من المسلمين .