الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                              سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

                                                                                                                                                                                                                              الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              ذكر محاصرته - صلى الله عليه وسلم - الطائف

                                                                                                                                                                                                                              قال ابن إسحاق - رحمه الله تعالى - : ثم مضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى نزل قريبا من الطائف ، فضرب عسكره ، وأشرفت ثقيف على حصنهم - ولا مثال له في حصون العرب - وأقاموا رماتهم ، وهم مائة رام ، فرموا بالسهام والمقاليع من بعد من حصنهم ، ومن دخل تحت الحصن دلوا عليه سكك الحديد محماة بالنار يطير منها الشرر ، فرموا المسلمين بالنبل رميا شديدا ، كأنه رجل جراد حتى أصيب ناس من المسلمين بجراح ، وقتل منهم اثنا عشر رجلا ، فارتفع - صلى الله عليه وسلم - إلى موضع مسجده اليوم ، الذي بنته ثقيف بعد إسلامها ، بناه أمية بن عمرو بن وهب بن معتب بن مالك ، وكانت فيه سارية لا تطلع عليها الشمس صبيحة كل يوم حتى يسمع لها نقيض أكثر من عشر مرات ، فكانوا يرون أن ذلك تسبيح ، وكان معه من نسائه أم سلمة وزينب ، فضرب لهما قبتين وكان يصلي بين القبتين طول حصار الطائف كله ، وقال عمرو بن أمية الثقفي - وأسلم بعد ذلك ، ولم يكن عند العرب أدهى منه - لا يخرج إلى محمد أحد إذا دعا أحد من أصحابه إلى البراز ، ودعوه يقيم ما أقام ، وأقبل خالد بن الوليد ونادى : من يبارز ؟ فلم يطلع إليه أحد ، ثم عاد فلم ينزل إليه أحد ، ثم عاد فلم ينزل إليه أحد ، فنادى عبد [ ص: 384 ] ياليل : لا ينزل إليك أحد ، ولكنا نقيم في حصننا ، خبأنا فيه ما يصلحنا سنين ، فإذا أقمت حتى يذهب هذا الطعام خرجنا إليك بأسيافنا جميعا حتى نموت عن آخرنا .

                                                                                                                                                                                                                              فقاتلهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالرمي عليهم وهم يقاتلونه بالرمي من وراء الحصن ، فلم يخرج إليه أحد ، وكثرت الجراحات له من ثقيف بالنبل ، وقتل جماعة من المسلمين .

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية