الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                              سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

                                                                                                                                                                                                                              الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              ذكر رجوع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة

                                                                                                                                                                                                                              قال محمد بن عمر وابن سعد : انتهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الجعرانة ليلة الخميس لخمس ليال خلون من ذي القعدة ، فأقام بالجعرانة ثلاث عشرة ليلة ، وأمر ببقايا السبي فحبس بمجنة بناحية مر الظهران . قال في البداية والظاهر أنه - صلى الله عليه وسلم - إنما استبقى بعض المغنم ليتألف به من يلقاه من الأعراب بين مكة والمدينة : فلما أراد الانصراف إلى المدينة خرج ليلة الأربعاء لثنتي عشرة ليلة بقيت من ذي القعدة ليلا ، فأحرم بعمرة من المسجد الأقصى الذي تحت الوادي بالعدوة القصوى ، ودخل مكة فطاف وسعى ماشيا ، وحلق ورجع إلى الجعرانة من ليلته ، وكأنه كان بائتا بها ، واستخلف عتاب - بالمهملة وتشديد الفوقية وبالموحدة - ابن أسيد بالدال - كأمير - على مكة - وكان عمره حينئذ نيفا وعشرين سنة - وخلف معه معاذ بن جبل - زاد محمد بن عمر والحاكم : وأبا موسى الأشعري - رضي الله عنهم يعلمان الناس القرآن [ ص: 407 ]

                                                                                                                                                                                                                              والفقه في الدين ، وذكر عروة بن عقبة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خلف عتابا ومعاذا بمكة قبل خروجه إلى هوازن ، ثم خلفهما حين رجع إلى المدينة .

                                                                                                                                                                                                                              قال ابن هشام : وبلغني عن زيد بن أسلم - رحمه الله تعالى - أنه قال : لما استعمل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عتابا على مكة رزقه كل يوم درهما ، فقام فخطب الناس فقال : "أيها الناس ، أجاع الله كبد من جاع على درهم ! ! فقد رزقني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - درهما كل يوم ، فليست لي حاجة إلى أحد" .

                                                                                                                                                                                                                              قلت : ترجمته وبعض محاسنه في تراجم الأمراء .

                                                                                                                                                                                                                              قال محمد بن عمر وابن سعد : فلما فرغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أمره غدا يوم الخميس راجعا إلى المدينة ، فسلك في وادي الجعرانة ، حتى خرج على سرف ، ثم أخذ في الطريق إلى مر الظهران ، ثم إلى المدينة يوم الجمعة لثلاث بقين من ذي القعدة - فيما زعمه - أبو عمرو المدني .

                                                                                                                                                                                                                              قال أبو عمرو : وكانت مدة غيبته - صلى الله عليه وسلم - من حين خرج من المدينة إلى مكة فافتتحها ، وواقع هوازن ، وحارب أهل الطائف إلى أن رجع إلى المدينة شهرين وستة عشر يوما .

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية