الباب الثاني في أي وقت كان يبعث سراياه ووداعه بعضهم ومشيه مع بعضهم وهو راكب إلى خارج المدينة ووصيته صلى الله عليه وسلم لأمراء السرايا ، وفيه أنواع :
الأول : في أي وقت كان يبعث سراياه .
عن صخر- بصاد مهملة فخاء معجمة- ابن وداعة- بفتح الواو والدال المهملة- الغامدي- بغين معجمة فألف فميم مكسورة فدال مهملة فياء نسب- رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «اللهم بارك لأمتي في بكورها»
. قال :
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بعث سرية بعثها أول النهار ، وكان صخر رجلا تاجرا وكان لا يبعث غلمانه إلا من أول النهار فكثر ماله حتى لا يدري أين يضع ماله . رواه والثلاثة وحسنه الإمام أحمد الترمذي .
وعن رضي الله تعالى عنهما عمران بن حصين . رواه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا بعث سرية أغزاها أول النهار وقال : «اللهم بارك لأمتي في بكورها» . الطبراني
الثاني : في وداعه صلى الله عليه وسلم بعض سراياه .
روى عن الإمام أحمد البراء بن عازب ، والإمام أحمد بإسناد صحيح وأبو يعلى رضي الله عنهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مشى مع الذين وجههم لقتل ابن عباس كعب بن الأشرف إلى بقيع الغرقد . ثم وجههم وقال : «انطلقوا على اسم الله ، اللهم أعنهم» ثم رجع . عن
البقيع بفتح الموحدة وكسر القاف وسكون التحتية وبالعين المهملة ، والغرقد بفتح الغين المعجمة وسكون الراء وفتح القاف وبالدال المهملة . من شجر العضاة أو العوسج أو العظام منه .
رضي الله تعالى عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا شيع جيشا فبلغ عبد الله بن زيد عقبة الوداع قال : «أستودع الله تعالى دينكم وأمانتكم وخواتيم أعمالكم» الحديث . رواه وعن رحمه الله . ابن أبي شيبة
الثالث : في وذلك البعض راكب . مشيه صلى الله عليه وسلم مع بعض أمراء سراياه ،
رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بعثه إلى معاذ بن جبل اليمن خرج معه يوصيه ، ومعاذ راكب ورسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي تحت ظل راحلته ، فلما فرغ قال : «يا إنك عسى ألا تلقاني بعد [ ص: 6 ] عامي هذا ، ولعلك أن تمر بمسجدي وقبري» فبكى معاذ؛ رضي الله عنه جشعا لفراق رسول الله صلى الله عليه وسلم ، معاذ وذكر الحديث ، رواه عن الإمام أحمد برجال ثقات وأبو يعلى
وسيأتي بتمامه في موضعه من السرايا والبعوث .
جشعا : بفتح الجيم وكسر الشين المعجمة وبالعين المهملة؛ أي جزعا لفراقه صلى الله عليه وسلم .
وروى ابن عساكر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مشى معه ميلا معاذ بن جبل ومعاذ راكب لأمره صلى الله عليه وسلم بذلك . عن
النوع الرابع : في وصيته صلى الله عليه وسلم لأمراء السرايا .
عن بريدة بالموحدة والتصغير رضي الله عنه ، قال : رواه مسلم كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أمر أميرا على جيش أو سرية أوصاه في خاصته بتقوى الله ومن معه من المسلمين خيرا ثم قال : «اغزوا باسم الله في سبيل الله ، قاتلوا من كفر بالله ، اغزوا ولا تغلوا ولا تغدروا [ولا تمثلوا] ولا تقتلوا وليدا . وإذا لقيت عدوك من المشركين؛ فادعهم إلى ثلاث خصال أو خلال ، فأيتهن ما أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم وادعهم إلى الإسلام ، فإن أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم ، ثم ادعهم إلى التحول من دارهم إلى دار المهاجرين ، وأخبرهم أنهم إن فعلوا ذلك فلهم ما للمهاجرين وعليهم ما على المهاجرين ، فإن أبوا أن يتحولوا منها فأخبرهم أنهم يكونون كأعراب المسلمين يجري عليهم حكم الله الذي يجري على المؤمنين ، ولا يكون لهم في الغنيمة والفيء شيء إلا أن يجاهدوا مع المؤمنين ، فإن هم أبوا فسلهم الجزية ، فإن هم أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم ، فإن هم أبوا فاستعن عليهم بالله وقاتلهم ، وإذا حاصرت أهل حصن فأرادوك أن تجعل لهم ذمة الله وذمة نبيه فلا تجعل لهم ذمة الله ولا ذمة نبيه . ولكن اجعل لهم ذمتك وذمة أصحابك؛ فإنكم إن تخفروا ذممكم وذمم أصحابكم أهون من أن تخفروا ذمة الله وذمة رسوله . وإذا حاصرت أهل حصن فأرادوك أن تنزلهم على حكم الله فلا تنزلهم على حكم الله ولكن أنزلهم على حكمك؛ فإنك لا تدري أتصيب حكم الله فيهم أم لا . ثم اقضوا فيهم بعد ما شئتم» وأبو داود واللفظ والترمذي ورواه لمسلم عن البزار رضي الله عنهما . ابن عباس
وعن رضي الله عنهما قال : ابن عباس . رواه كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بعث جيوشه [ ص: 7 ] قال : «اخرجوا باسم الله تقاتلون في سبيل الله من كفر بالله ، لا تغدروا ولا تغلوا ولا تمثلوا ولا تقتلوا الوالدين ولا أصحاب الصوامع» ابن أبي شيبة والإمام أحمد . وأبو يعلى
وعن عبد الرحمن بن عائذ- رحمه الله تعالى- قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بعث جيشا قال : «تألفوا الناس وتأتوهم ولا تغيروا عليهم حتى تدعوهم إلى الإسلام فما على الأرض من أهل بيت مدر ولا وبر إلا تأتوني بهم مسلمين أحب إلي من أن تقتلوا رجالهم وتأتوني بنسائهم» . رواه مسدد والحارث بن أبي أسامة مرسلا .
رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثه وجها ، ثم قال لرجل : الحقه ولا تدعه من خلفه؛ فقل له : إن النبي صلى الله عليه وسلم يأمرك أن تنتظره وقل له : «لا تقاتل قوما حتى تدعوهم» علي . رواه وعن بسند فيه انقطاع . إسحاق بن راهويه
رضي الله تعالى عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بعث أحدا من أصحابه في بعض أمره قال : «بشروا ولا تنفروا ويسروا ولا تعسروا» أبي موسى رواه وعن مسلم .
وعن رضي الله عنه قال : أنس رواه كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بعث جيشا قال : «انطلقوا باسم الله ، لا تقتلوا شيخا فانيا ولا طفلا صغيرا ولا امرأة ، ولا تغلوا ، وضموا غنائمكم ، وأصلحوا وأحسنوا؛ إن الله يحب المحسنين» أبو داود . والترمذي
وعن ابن عصام المزني- بالزاي والنون- رضي الله عنه عن أبيه قال : . رواه كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بعث جيشا أو سرية يقول : «إذا رأيتم مسجدا أو سمعتم مؤذنا فلا تقتلوا أحدا» أبو داود . والترمذي
رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسل ابن عمر معاذا وأبا موسى فقال : «تشاورا وتطاوعا ويسرا ولا تعسرا وبشرا ولا تنفرا» رواه وعن . [ ص: 8 ] البزار