تنبيهات
الأول : الحكمة في بيان إيراد قوله : «والذي نفسي بيده»
مرة ثانية عقب الأولى إرادة تسلية الخارجين في الجهاد عن مرافقته صلى الله عليه وسلم ، فكأنه قال : الوجه الذي تسيرون فيه له من الفضل ما أتمنى لأجله أن أقتل مرات ، فمهما فاتكم من مرافقتي والقعود معي من الفضل ، يحصل لكم مثله أو فوقه من فراعى خواطر الجميع . وقد خرج صلى الله عليه وسلم في بعض المغازي ، وتخلف عن المشار إليهم وكان ذلك حيث [رجحت] مصلحة خروجه على مراعاة حالهم . فضل الجهاد ،
الثاني : استشكل صدور هذا التمني من النبي صلى الله عليه وسلم مع علمه بأنه لا يقتل ، وأجيب بأن تمني الفضل والخير لا يستلزم الوقوع ، فقد قال صلى الله عليه وسلم : «وددت لو أن موسى صبر»
فكأنه صلى الله عليه وسلم أراد المبالغة في بيان فضل الجهاد وتحريض المسلمين عليه .
الثالث : قال النووي رحمه الله تعالى : «في هذا الحديث حسن النية وبيان شدة شفقة النبي صلى الله عليه وسلم على أمته ورأفته بهم وجواز قول وددت [ ص: 10 ] حصول كذا من الخير ، وإن علم أنه لا يحصل ، وفيه ترك بعض المصالح لمصلحة راجحة أو أرجح ، أو لدفع مفسدة ، وفيه جواز تمني ما يمتنع في العادة» . واستحباب القتل في سبيل الله تعالى ،
الرابع : قال الطيبي رحمه الله تعالى ثم في قوله : «ثم أقتل»
إلى آخره ، وإن حملت على التراخي في الزمان هنا لكن الحمل على التراخي في الرتبة هو الوجه؛ لأن التمني حصول درجات بعد القتل ، والإحياء لم يحصل من قبل ، ومن ثمة كررها لنيل مرتبة بعد مرتبة إلى أن ينتهي إلى المقام الأعلى منه . [ ص: 11 ]