الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                              سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

                                                                                                                                                                                                                              الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              الباب الثالث في آدابه في المصافحة والمعانقة والتقبيل

                                                                                                                                                                                                                              وفيه أنواع :

                                                                                                                                                                                                                              الأول : في مصافحته .

                                                                                                                                                                                                                              روى الإمام أحمد عن أبي إسحاق قال : لقيت البراء بن عازب فسلم علي وأخذ بيدي وضحك في وجهي ، وقال : أتدري لم فعلت هذا بك ؟ قلت : لا أدري ، ولكن لا أراك فعلت إلا الخير ، قال : إنه لقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم ففعل بي مثل الذي فعلت بك ، فسألني فقلت مثل الذي قلت لي ،

                                                                                                                                                                                                                              فقال : «ما من مسلمين يلتقيان فسلم أحدهما على صاحبه ويأخذ بيده لا يأخذ بيده إلا الله ، فلا يفترقان حتى يغفر لهما»
                                                                                                                                                                                                                              .

                                                                                                                                                                                                                              وروى النسائي عن حذيفة رضي الله تعالى عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا لقي الرجل من أصحابه مسحه ودعا له .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد عن رجل من عنزة أنه قال لأبي ذر حين سير من الشام : إني أريد أن أسألك عن حديث من حديث رسول الله قال أبو ذر : إذن أخبرك إلا أن يكون سرا ، قلت : إنه ليس بسر ، هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصافحكم إذا لقيتموه ؟ قال : ما لقيته قط إلا صافحني ، وبعث إلي يوما ولم أكن في البيت فلما جئت أخبرت برسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأتيته وهو على سرير ، فالتزمني فكأنه تلك أجوب أجود .

                                                                                                                                                                                                                              الثاني : في تقبيله وتقبيل يده ورجله .

                                                                                                                                                                                                                              روى ابن ماجه عن صفوان بن عسال أن قوما من اليهود قبلوا يد النبي صلى الله عليه وسلم ورجليه .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد والشيخان وأبو داود والترمذي عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال : قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم الحسن بن علي .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد والشيخان وابن ماجه عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت : قدم ناس من الأعراب على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : أتقبلون صبيانكم ؟ قالوا : نعم قالوا : لكنا والله ما نقبل ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : «ولذلك إن الله تعالى نزع منكم الرحمة» . [ ص: 151 ]

                                                                                                                                                                                                                              وروى الشيخان في الأدب عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت : ما رأيت أحدا كان أشبه حديثا برسول الله صلى الله عليه وسلم من فاطمة كانت إذا دخلت عليه قام إليها ورحب بها وقبلها ، وأجلسها في مجلسه ، وكان إذا دخل عليها قامت إليه فأخذت بيده ، ورحبت به ، وقبلته وأجلسته في مجلسها ، فدخلت عليه في مرضه الذي توفي فيه فرحب بها وقبلها .

                                                                                                                                                                                                                              وروى البخاري في الأدب وأبو يعلى وابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال : كنا في غزاة فحاص الناس حيصة قلنا : كيف نلقى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد فررنا ؟ فنزلت : إلا متحرفا لقتال [الأنفال 16] فقلنا : لا نقدم المدينة ، فلا يرانا أحدا ، فقلنا : لو قدمنا فخرج النبي صلى الله عليه وسلم من صلاة الفجر

                                                                                                                                                                                                                              فقلنا : يا رسول الله نحن الفرارون ، قال : «أنتم العكارون» فقلنا : بلى قال : «أنا فئتكم»
                                                                                                                                                                                                                              .

                                                                                                                                                                                                                              وروى البخاري في الأدب عن الوازع بن عامر رضي الله تعالى عنه قال : قدمنا فقبل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذنا بيديه ورجليه نقبلهما .

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية