الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                              سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

                                                                                                                                                                                                                              الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              الباب الخامس في آداب متفرقة

                                                                                                                                                                                                                              وفيه أنواع :

                                                                                                                                                                                                                              الأول : في دعاء يوم العيد .

                                                                                                                                                                                                                              روى الطبراني ، عن ابن مسعود- رضي الله تعالى عنه- قال : «كان دعاء النبي- صلى الله عليه وسلم- في العيدين : «اللهم إنا نسألك عيشة تقية وميتة سوية ، ومردا غير مخز ولا فاضح ، اللهم لا تهلكنا فجأة ، ولا تأخذنا بغتة ، ولا تعجلنا عن حق ولا وصية ، اللهم إنا نسألك العفاف والغنى ، والتقى والهدى ، وحسن عاقبة الآخرة والدنيا ، ونعوذ بك من الشك والشقاق والرياء والسمعة في دينك ، يا مقلب القلوب لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا ، وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب » .

                                                                                                                                                                                                                              الثاني : في نهيه- صلى الله عليه وسلم- أن يلبس السلاح في بلاد الإسلام في العيدين .

                                                                                                                                                                                                                              روى ابن ماجه ، عن ابن عباس- رضي الله تعالى عنهما- «أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- نهى أن يلبس السلاح في بلاد الإسلام في العيدين إلا أن يكون بحضرة العدو» .

                                                                                                                                                                                                                              الثالث : في اللهو يوم العيد .

                                                                                                                                                                                                                              روى الشيخان ، عن عائشة- رضي الله تعالى عنها- قالت : «دخل علي رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وعندي جاريتان تغنيان بغناء يوم بعاث ، فاضطجع على الفراش ، وحول وجهه ، ودخل أبو بكر فانتهرني ، وقال : مزمارة الشيطان عند النبي- صلى الله عليه وسلم- فأقبل عليه رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فقال : «دعهما» ، فلما غفل غمزتهما فخرجتا» .

                                                                                                                                                                                                                              وكان يوم عيد يلعب السودان بالدرق والحراب فإما سألت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وإما قال : «تشتهين تنظرين ؟ » فقلت : نعم ، فأقامني وراءه ، خدي على خده ، وهو يقول : «دونكم يا بني أرفدة» ، حتى إذا مللت ، قال «حسبك ؟ » قلت : نعم ، قال : «فاذهبي»
                                                                                                                                                                                                                              .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد ، وابن ماجه- ولم يذكر قول جابر- عن قيس بن سعد بن عبادة [ ص: 326 ] - رضي الله تعالى عنهما- قال : «ما من شيء كان على عهد رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إلا قد رأيته إلا شيئا واحدا ، أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- كان يقلس له يوم الفطر ، قال جابر : هو اللعب» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى ابن ماجه ، عن عياض الأشعري- رضي الله تعالى عنه- «أنه شهد عيدا بالأنبار ، فقال : ما لي أراكم تقلسون كما كان يقلس لرسول الله- صلى الله عليه وسلم-» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الطبراني ، عن أم سلمة- رضي الله تعالى عنها- قالت : دخلت علينا جارية لحسان بن ثابت يوم فطر ناشرة شعرها معها دف فزجرتها أم سلمة ، فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- :

                                                                                                                                                                                                                              «دعيها يا أم سلمة ، فإن لكل قوم عيدا ، وهذا عيدنا»
                                                                                                                                                                                                                              .

                                                                                                                                                                                                                              الرابع : في قضائه- صلى الله عليه وسلم- صلاة العيد .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الطبراني ، عن أم سلمة- رضي الله تعالى عنها- قالت : دخلت علينا جارية من أصحاب رسول الله- صلى الله عليه وسلم- «أن ركبا جاءوا إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يشهدون أنهم رأوا الهلال بالأمس ، فأمرهم رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أن يفطروا ، فإذا أصبحوا غدوا إلى مصلاهم» .

                                                                                                                                                                                                                              الخامس : في تكبيره- صلى الله عليه وسلم- يوم العيد :

                                                                                                                                                                                                                              روى الدارقطني ، عن جابر- رضي الله تعالى عنه- «أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- كان يكبر في صلاة الفجر يوم عرفة إلى صلاة العصر من آخر أيام التشريق حين يسلم من المكتوبات» ،

                                                                                                                                                                                                                              وفي رواية : «كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إذا صلى الصبح من غداة عرفة يقبل على أصحابه ، فيقول : «على مكانكم» ، ويقول : «الله أكبر ، الله أكبر . الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر ، الله أكبر ولله الحمد» ، فيكبر من غداة عرفة إلى صلاة العصر من آخر أيام التشريق» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى أيضا- عن علي عمار- رضي الله تعالى عنهما- .

                                                                                                                                                                                                                              السادس : في تخييره- صلى الله عليه وسلم- من حضر العيد إذا كان يوم جمعة ، بين حضور الجمعة والانصراف إذا كان منزله بعيدا .

                                                                                                                                                                                                                              روى ابن ماجه ، عن ابن عمر- رضي الله تعالى عنهما- قال اجتمع عيدان على عهد [ ص: 327 ] رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فصلى بالناس ، ثم قال : «من شاء أن يأتي الجمعة فليأتها ، ومن شاء أن يتخلف فليتخلف» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد ، وأبو داود ، والنسائي ، والبيهقي عن إياس بن رملة الشامي- رحمه الله تعالى- قال : شهدت معاوية يسأل زيد بن أرقم شهدت مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- عيدين اجتمعا قال : نعم : صلى العيد أول النهار ، ثم رخص في الجمعة ، ثم قال : «من شاء أن يجمع فليجمع» . [ ص: 328 ]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية