الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                              سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

                                                                                                                                                                                                                              الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              الباب التاسع في ضمانه صلى الله عليه وسلم

                                                                                                                                                                                                                              وفيه أنواع :

                                                                                                                                                                                                                              الأول : في ضمانه صلى الله عليه وسلم ضمانا خاصا عن ربه تبارك وتعالى على أعمال من أعمال أمته :

                                                                                                                                                                                                                              وروى أبو داود عن أبي أمامة -رضي الله تعالى عنه- قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقا ، وبيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب ، وبيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الطبراني بسند جيد عن عبادة بن الصامت -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «اضمنوا ستا من أنفسكم أضمن لكم الجنة : اصدقوا إذا حدثتم ، وأوفوا إذا وعدتم ، وأدوا إذا ائتمنتم ، واحفظوا فروجكم ، وغضوا أبصاركم ، وكفوا أيديكم» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد والطبراني برجال الصحيح عن أنس -رضي الله تعالى عنه- أن رجلا قال : يا رسول الله ، إن لفلان نخلة وأنا أقيم حائطي بها ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : «أعطها إياه بنخلة في الجنة» ، فأبى ، فأتاه أبو الدحداح فقال : بعني نخلتك بحائطي ، ففعل ، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، إني ابتعت النخلة بحائطي فاجعلها له فقد أعطيتكها ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كم من عذق رداح لأبي الدحداح ، قالها مرارا . فأتى امرأته ، فقال : يا أم الدحداح ، اخرجي من الحائط؛ فإني قد ابتعته بنخلة في الجنة ، فقالت : ربح البيع ، أو كلمة تشبهها .

                                                                                                                                                                                                                              الثاني : في ضمانه -صلى الله عليه وسلم- دين بعض الصحابة

                                                                                                                                                                                                                              روى أبو داود وابن ماجه عن ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- أن رجلا لزم غريما له بعشرة دنانير ، فقال : والله ما أفارقك حتى تقضيني أو تأتيني تحميل أجره إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : كم تنظره ؟ قال : شهرا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «أنا أحمل» فتحمل بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأتاه بقدر ما وعده ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : من أين أصبت هذا ؟ قال : من معدن ، قال : لا حاجة لنا فيها ، ليس فيها خير ، فقضاها عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم .

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 24 ] الثالث : في ضمانه صلى الله عليه وسلم عن من مات وعليه دين ولم يترك وفاء

                                                                                                                                                                                                                              روى الشيخان عن أبي هريرة -رضي الله عنه- «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤتى بالرجل المتوفى عليه الدين ، فيسأل : هل ترك لدينه قضاء ؟ فإن حدث أنه ترك وفاء صلى عليه ، وإلا قال للمسلمين : صلوا على صاحبكم ، فلما فتح الله عليه الفتوح قام فقال : أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، فمن توفي من المؤمنين ، فترك دينا فعلي قضاؤه ، ومن ترك مالا فهو لورثته» .

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية