الباب التاسع في ضمانه صلى الله عليه وسلم
وفيه أنواع :
الأول : في ضمانه صلى الله عليه وسلم ضمانا خاصا عن ربه تبارك وتعالى على أعمال من أعمال أمته :
وروى عن أبو داود -رضي الله تعالى عنه- قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أبي أمامة «أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقا ، وبيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب ، وبيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه» .
وروى بسند جيد عن الطبراني -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : عبادة بن الصامت «اضمنوا ستا من أنفسكم أضمن لكم الجنة : اصدقوا إذا حدثتم ، وأوفوا إذا وعدتم ، وأدوا إذا ائتمنتم ، واحفظوا فروجكم ، وغضوا أبصاركم ، وكفوا أيديكم» .
وروى الإمام أحمد برجال الصحيح عن والطبراني -رضي الله تعالى عنه- أنس لأبي الدحداح ، قالها مرارا . فأتى امرأته ، فقال : يا أم الدحداح ، اخرجي من الحائط؛ فإني قد ابتعته بنخلة في الجنة ، فقالت : ربح البيع ، أو كلمة تشبهها . أن رجلا قال : يا رسول الله ، إن لفلان نخلة وأنا أقيم حائطي بها ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : «أعطها إياه بنخلة في الجنة» ، فأبى ، فأتاه أبو الدحداح فقال : بعني نخلتك بحائطي ، ففعل ، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، إني ابتعت النخلة بحائطي فاجعلها له فقد أعطيتكها ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كم من عذق رداح
الثاني : في ضمانه -صلى الله عليه وسلم- دين بعض الصحابة
روى أبو داود عن وابن ماجه -رضي الله تعالى عنهما- ابن عباس أن رجلا لزم غريما له بعشرة دنانير ، فقال : والله ما أفارقك حتى تقضيني أو تأتيني تحميل أجره إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : كم تنظره ؟ قال : شهرا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «أنا أحمل» فتحمل بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأتاه بقدر ما وعده ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : من أين أصبت هذا ؟ قال : من معدن ، قال : لا حاجة لنا فيها ، ليس فيها خير ، فقضاها عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم .
[ ص: 24 ] الثالث : في ضمانه صلى الله عليه وسلم عن من مات وعليه دين ولم يترك وفاء
روى الشيخان عن -رضي الله عنه- أبي هريرة «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤتى بالرجل المتوفى عليه الدين ، فيسأل : هل ترك لدينه قضاء ؟ فإن حدث أنه ترك وفاء صلى عليه ، وإلا قال للمسلمين : صلوا على صاحبكم ، فلما فتح الله عليه الفتوح قام فقال : أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، فمن توفي من المؤمنين ، فترك دينا فعلي قضاؤه ، ومن ترك مالا فهو لورثته» .