الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                              سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

                                                                                                                                                                                                                              الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              الباب العاشر في شهوده صلى الله عليه وسلم حرب الفجار

                                                                                                                                                                                                                              وكان في شوال . كما قاله الواقدي . وقيل في شعبان كما في الروض .

                                                                                                                                                                                                                              لما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أربع عشرة أو خمس عشرة فيما قال ابن هشام ، وقال ابن إسحاق : عشرين سنة كان قبل المبعث بعشرين سنة هاجت حرب الفجار بين قريش ومن معها من كنانة وبين قيس عيلان . وكان الذي هاجها أن عروة الرحال ابن عتبة أجار لطيمة للنعمان بن المنذر فقال البراض بن قيس أحد بني ضمرة : أتجيرها على كنانة ؟ قال : نعم وعلى الخلق . فخرج فيها عروة الرحال وخرج البراض يطلب غفلته حتى إذا كان بتيمن ذي طلال بالعالية غفل عروة فوثب عليه البراض فقتله في الشهر الحرام ، فلذلك سمي الفجار . فأتى آت قريشا فقال : إن البراض قد قتل عروة وهم في الشهر الحرام بعكاظ . فارتحلوا وهوازن لا تشعر ، ثم بلغهم الخبر فاتبعوهم فأدركوهم قبل أن يدخلوا الحرم فاقتتلوا حتى جاء الليل ودخلوا الحرم فأمسكت عنهم هوازن ثم التقوا بعد هذا اليوم أياما ، وكان لكنانة وقيس فيه ستة أيام مذكورة : شمظة ويوم العبلاء وهما عند عكاظ ، ويوم الشرب وهو أعظمها يوما وفيه قيد أبو سفيان وأمية وحرب أبناء أمية أنفسهم كي لا يفروا فسموا العنابس . ويوم الحريرة عند نخلة انهزمت قريش إلا بني نصر منهم فإنهم ثبتوا وشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض أيامهم أخرجه أعمامه معهم .

                                                                                                                                                                                                                              وروى ابن سعد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : قد حضرته- يعني : حرب الفجار- مع عمومتي ورميت فيه بأسهم وما أحب أني لم أكن فعلته وكنت أنبل على أعمامي .

                                                                                                                                                                                                                              وكان آخر أيام الفجار أن هوازن وكنانة تواعدوا للعام القابل بعكاظ فجاءوا للموعد ، وكان حرب بن أمية رئيس قريش وكنانة ، وكان عتبة بن ربيعة يتيما في حجره فضربه حرب وأشفق من خروجه معه فخرج عتبة بغير إذنه فلم يشعر إلا وهو على بعيره بين الصفين ينادي : يا معشر مضر علام تفانون ؟ فقالت له هوازن : ما تدعو إليه ؟ قال : الصلح على أن ندفع لكم دية قتلاكم وتعفوا عن دمائنا . قالوا : وكيف ذاك ؟ قال : ندفع إليكم رهنا منا . قالوا : ومن لنا بهذا ، قال أنا : قالوا ، ومن أنت ؟ قال : أنا عتبة بن ربيعة بن عبد شمس . فرضوا ورضيت كنانة ودفعوا إلى هوازن أربعين رجلا فيهم حكيم بن حزام فلما رأت بنو عامر بن صعصعة الرهن في أيديهم عفوا عن الدماء وأطلقوهم وانقضت حرب الفجار .

                                                                                                                                                                                                                              وكان يقال : لم يسد من قريش مملق يعني فقيرا غير عتبة وأبي طالب فإنهما سادا بغير مال . [ ص: 153 ]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية