الباب السادس في وسلام الحجر والشجر عليه ، زاده الله فضلا وشرفا لديه ابتدائه صلى الله عليه وسلم بالرؤيا الصادقة
قالت رضي الله تعالى عنها : عائشة . رواه أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصالحة ، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح البخاري .
وروى عن أبو نعيم علي بن الحسين رضي الله تعالى عنه وعن آبائه قال : إن أول ما أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم الرؤيا الصالحة ، فكان لا يرى شيئا في المنام إلا كان كما رأى .
وروى أيضا عن علقمة بن قيس قال : إن أول ما يؤتى به الأنبياء في المنام حتى تهدأ قلوبهم ثم ينزل الوحي .
وروى أيضا عن البيهقي رحمه الله تعالى قال : بلغنا أن الزهري أول ما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الله تعالى أراه رؤيا فشق ذلك عليه فذكرها لخديجة فقالت أبشر فإن الله لن يصنع بك إلا خيرا .
وروى ابن سعد عن برة بنت أبي تجراة- بكسر الفوقانية وسكون الجيم- قالت : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أراد الله كرامته وابتدأه بالنبوة كان إذا خرج لحاجته أبعد حتى لا يرى بيتا ويفضي إلى الشعاب وبطون الأودية فلا يمر بحجر ولا شجر إلا قال : السلام عليك يا رسول الله . وكان يلتفت عن يمينه وشماله وخلفه فلا يرى أحدا .
وروى الإمام أحمد عن ومسلم رضي الله تعالى عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : جابر بن سمرة «إني لأعرف حجرا كان يسلم علي قبل أن أبعث إني لأعرفه الآن» .
وقال عبد الملك بن عبد الله بن أبي سفيان العلاء بن جارية- بجيم وراء- الثقفي ، وكان واعية ، عن بعض أهل العلم ، مكة وأوديتها فلا يمر بحجر ولا شجر إلا قال : السلام عليك يا رسول الله . فيلتفت رسول الله صلى الله عليه وسلم خلفه وعن يمينه وعن شماله فلا يرى إلا الشجر وما حوله من الحجارة وهي تحييه بتحية النبوة : السلام عليك يا رسول الله . [ ص: 229 ] أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أراد الله تعالى كرامته وابتدأه بالنبوة كان إذا خرج لحاجته أبعد حتى تحسر عنه البيوت ويفضي إلى شعاب
رواه ابن إسحاق .
وروى ابن سعد عن عن أبيه رحمهما الله تعالى هشام بن عروة إني أرى ضوءا وأسمع صوتا لقد خشيت أن أكون كاهنا . قالت : إن الله تعالى لا يفعل ذلك بك إنك تصدق الحديث وتؤدي الأمانة وتصل الرحم . خديجة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : يا
وروى عن ابن الجوزي قال : أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة خمس عشرة سنة : ابن عباس
سبعا يرى الضوء والنور ويسمع الصوت ، وثماني سنين يوحى إليه .
وقال الخازن : وهذا إن صح فيحمل على سنتين قبل النبوة فيما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يراه من تباشير النبوة ، وثلاث سنين بعد النبوة قبل إظهار الدعوة وعشر سنين معلنا بالدعوة بمكة .
تنبيهان
الأول : قال السهيلي في بعض المسندات : إن هذا الحجر الذي كان يسلم على النبي صلى الله عليه وسلم هو الحجر الأسود .
وهذا التسليم الأظهر فيه أن يكون حقيقة ويكون الله تعالى أنطقه إنطاقا ، كما خلق الحنين في الجذع . ولهذا مزيد بيان في المعجزات .
الثاني : قال القاضي وغيره رحمهم الله تعالى : فبدئ بأوائل خصال النبوة وتباشير الكرامة ومن صدق الرؤيا وما جاء في الحديث الآخر من رؤية الضوءة وسماع الصوت وتسليم الحجر والشجر عليه بالنبوة حتى استشعر عظيم ما يراد به واستعد لما ينتظره فلم يأته الملك إلا بأمر عنده مقدماته . والله أعلم . [ ص: 230 ] وإنما ابتدئ رسول الله صلى الله عليه وسلم بالرؤيا لئلا يفجأه الملك ويأتيه بصريح النبوة بغتة فلا تحملها القوى البشرية ،