روى ابن حبان في "مسنده" عن وأبو داود الطيالسي قال : بلغ الشعبي -رضي الله تعالى عنه- أن ابن عمر -رضي الله تعالى عنهما- قد توجه إلى الحسين بن علي العراق ، فلحقه على مسيرة ليلتين أو ثلاث من المدينة ، فقال : أين تريد ؟ قال : العراق ، ومعه طوامير وكتب ، فقال : لا تأتهم ، فقال : هذه كتبهم وبيعتهم ، فقال له : إن الله -عز وجل- خير نبيه -صلى الله عليه وسلم- بين الدنيا والآخرة فاختار الآخرة ، وإنكم بضعة من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والله لا يليها أحد منكم أبدا ، وما صرفها عنكم إلا للذي هو خير لكم ، فارجعوا ، فأبى ، وقال : هذه كتبهم وبيعتهم ، قال : فاعتنقه وقال : أستودعك الله من قتيل . ابن عمر ،
وقد وقع ما فهمه -رضي الله تعالى عنهما- سواء بسواء من أهل هذا البيت؛ لأنها صارت ملكا ، والله -عز وجل- قد صان أهل بيت نبيه- عليه الصلاة والسلام- عن الملك والدنيا . ابن عمر
وروى عن أبو القاسم البغوي ، -رضي الله تعالى عنهما- قال : استشارني ابن عباس في الخروج فقلت : لولا أن يزرى بي وبك ، لنشبت يدي في رأسك ، فقال : لأن أقتل بمكان كذا وكذا أحب إلي من أن أستحل حرمتها ، يعني الحسين مكة ، وكان ذلك الذي سلى نفسي عنه .
وروي عن بشر بن غالب ، قال : كان يقول ابن الزبير -رضي الله تعالى عنهما- : تأتي قوما قتلوا أباك ، وطعنوا أخاك ، فقال للحسين -رضي الله تعالى عنه- لأن أقتل بموضع كذا وكذا أحب إلي من أن يستحل بي ، يعني الحسين الحرم .
الرابع عشر : في كرامات حصلت له ، وآيات ظهرت لمقتله ، رضي الله تعالى عنه
[ ص: 79 ] روى عمر الملا عن رجل من كلب قال : صاح -رضي الله تعالى عنهما- : اسقونا ماء ، فرماه رجل بسهم ، فشد شدقه ، فقال -رضي الله تعالى عنه- : لا أرواك الله عز وجل ، فعطش الرجل إلى أن رمى بنفسه في الحسين بن علي الفرات ، فشرب حتى مات .
وروى عن ابن أبي الدنيا العباس بن هشام بن محمد الكوفي ، عن أبيه عن جده ، قال : كان رجل يقال له زرعة شهد قتل -رضي الله تعالى عنه- فرمى الحسين -رضي الله تعالى عنه- بسهم فأصاب حنكه ، وذلك أن الحسين -رضي الله تعالى عنه- دعا بماء ليشرب ، فرماه ، فحال بينه وبين الماء ، فقال -رضي الله تعالى عنه- : اللهم ظمه ، فحدثني من شهد موته ، وهو يصيح من الحر في بطنه ، ومن البرد في ظهره ، وبين يديه الثلج والمراوح ، وخلفه الكانون ، وهو يقول : اسقوني ، أهلكني العطش ، فيؤتى بالعسل العظيم ، فيه السويق والماء واللبن ، لو شربه خمسة لكفاهم ، فيشربه فيعود ، ثم يقول : اسقوني أهلكني العطش ، فانقد بطنه كانقداد البعير . الحسين
وروى عن أبو القاسم البغوي علقمة بن وائل أو وائل بن علقمة أنه شهد هنالك قال : قام رجل فقال : أفيكم قالوا : نعم ، قال : أبشر بالنار ، قال -رضي الله تعالى عنه- : أبشر برب رحيم ، وشفيع مطاع ، من أنت ؟ قال : أنا الحسين ؟ جويرة ، قال : اللهم جره إلى النار ، فنفرت به الدابة ، فتعلقت رجله في الركاب ، فوالله ما بقي عليها منه إلا رجله .
روي أيضا عن أبي معشر عن بعض مشايخه قال : إن قاتل لما جاء الحسين ابن زياد ، وذكر له كيفية قتله اسود وجهه ، ولما قاله اسود وجهه . للحسين
وروى عمر الملا عن سفيان قال : حدثتني جدتي أنها رأت رجلين ممن شهدا قتل -رضي الله تعالى عنه- قالت : أما أحدهما فطال ذكره ، حتى كان يلفه ، وأما الآخر فإنه كان يستقبل الرواية فيشربها إلى آخرها فما يروى . الحسين
وروى عن سعيد بن منصور أبي محمد الهلالي قال : شرك رجلان مني في دم -رضي الله تعالى عنه- فأما أحدهما فابتلي بالعطش ، فكان لو شرب راوية ما روي ، وأما الآخر فابتلي بطول ذكره ، فكان إذا ركب الفرس يلفه على عنقه . الحسين بن علي
وروي أيضا عنه عن جدته أن رجلا ممن شهد قتل -رضي الله تعالى عنه- كان يحمل ورسا فصار ورسه رمادا . الحسين
وروى الإمام في المناقب عن أحمد أبي رجاء أنه كان يقول : لا تسبوا ولا أهل هذا البيت ، فإن جارا لنا من عليا بني الهجيم قدم من الكوفة فقال : ألم تروا هذا الفاسق ابن الفاسق ، إن [ ص: 80 ] الله تعالى قتله ، يعني -رضي الله تعالى عنه- فرماه الله تعالى بكوكبين في عينيه فطمس بصره . الحسين
وروى منصور بن عمار عن أبي قبيل قال : لما قتل -رضي الله تعالى عنه- بعث برأسه إلى الحسين بن علي يزيد ، فنزلوا أول مرحلة ، فجعلوا يشربون ويتحيون بالرأس ، فبينما هم كذلك إذ خرجت عليهم من الحائط يد معها قلم حديد ، فكتب سطرا بدم :
أترجو أمة قتلت حسينا شفاعة جده يوم الحساب ؟ !
وروى الحافظ -رحمه الله تعالى- أن طائفة من الناس ذهبوا في غزوة إلى بلاد ابن عساكر الروم فوجدوا في كنيسة :
أترجو أمة قتلت حسينا شفاعة جده يوم الحساب ؟ !
وروى في "الدلائل" عن أبو نعيم نضرة الأزدية أنها قالت لما قتل -رضي الله تعالى عنه- : أمطرت السماء دما فأصبحنا وجباهنا وجوارحنا مملؤة دما . الحسين
وروى عن أبو القاسم البغوي مروان مولى هند بنت المهلب قالت : حدثني أيوب بن عبيد الله بن زياد أنه لما جيء برأس -رضي الله تعالى عنه- رأيت دار الإمارة تسيل دما . الحسين
وروي أيضا عن جعفر بن سليمان قال : حدثتني خالتي قالت : لما قتل أم سلمة -رضي الله تعالى عنه- أمطرنا مطرا كالدم على البيوت ، والجدار ، قال : وبلغني أنه كان الحسين بخراسان والشام والكوفة .
وروى ابن السدي عن قالت : لما قتل الحسين -رضي الله تعالى عنه- مطرنا دما . أم سلمة
وروى أيضا عن قال : لما قتل ابن شهاب -رضي الله تعالى عنه- لم يرفع ولم يقلع حجر الحسين بالشام إلا عن دم .
وروى وصححه عن الترمذي عمارة بن عمير ، قال : لما جيء برأس إلى الحسين عبيد الله بن زياد وأصحابه نضدت في المسجد في الرحبة ، فانتهيت إليهم وهم يقولون : قد جاءت ، قد جاءت ، فإذا حية قد جاءت تتخلل الرؤوس حتى دخلت في منخري عبيد الله بن زياد وأصحابه ، فمكثت هنيهة ، ثم خرجت ، فذهبت حتى تغيبت ، ثم قالوا : قد جاءت ، قد جاءت ، ففعلت ذلك مرتين أو ثلاثا .
[ ص: 81 ] الخامس عشر : فيما جاء فيما يقتل به رضي الله تعالى عنه
روى عمر الملا عن -رضي الله تعالى عنهما- قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ابن عباس "إن جبريل -عليه الصلاة والسلام- أخبرني أن الله -عز وجل- قتل بدم يحيى بن زكريا سبعين ألفا ، وهو قاتل بدم سبعين ألفا وسبعين ألفا" الحسين انتهى .
في انتقام الله -عز وجل- من قتلة وتسليط الجبارين عليهم [ . . . . . . . ] . الحسين
السادس عشر : في رضي الله تعالى عنه الحسين ولد
ذكر الشيخ شمس الدين سبط -رحمه الله تعالى- : ابن الجوزي علي الأكبر ، وعلي الأصغر ، وهو زين العابدين والنسل له ، وجعفر ، وفاطمة ، وعبد الملك ، وسكينة ، ومحمد ، وأسقط البلاذري جعفرا .
وروي : قال المحب الطبري في الذخائر : ولد -رضي الله تعالى عنه- ستة بنين ، وثلاث بنات ، للحسين علي الأكبر استشهد مع أبيه ، وعلي زين العابدين ، وعلي الأصغر ، ومحمد ، وعبد الله ، استشهد مع أبيه ، وجعفر ، وسكينة ، وجعل وفاطمة ، المحب الطبري عليا الأصغر غير زين العابدين ، وهو غير موافق على ذلك .