الباب الحادي عشر من بره وتوقيره صلى الله عليه وسلم توقير أصحابه وبرهم ومعرفة حقوقهم وحسن الثناء عليهم والاستغفار لهم والإمساك عما شجر بينهم
قال تعالى : محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه [الفتح 29] وقوله فاستغلظ [الفتح 29] أي : صار بعد قوته غليظا فاستوى على سوقه [الفتح 29] أي : قام على قضيبه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجرا عظيما [الفتح 29] وقال عز وجل : والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم [التوبة 100] وقال عز من قائل : لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة [الفتح 18] وقال تعالى : رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا [الأحزاب 23] .
وروي أنه عليه الصلاة والسلام قال : . الله الله في أصحابي لا تتخذوهم غرضا- بغين وضاد معجمتين بينهما مفتوحات- بعدي فمن أحبهم فبحبي أحبهم ، ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم ، ومن أذاهم فقد آذاني ، ومن آذاني فقد آذى الله ، فيوشك أن يأخذه
وروى الشيخان عن - رضي الله تعالى عنه- قال : أنس . «قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- : آية الإيمان حب الأنصار وآية النفاق بغض الأنصار»
وروى الطبراني والحارث بن أبي أسامة عن - رضي الله تعالى عنه- قال : ابن مسعود
قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- : . «إذا ذكر أصحابي فأمسكوا»
وروى الطبراني عن وابن ماجه - رضي الله تعالى عنه- قال : حذيفة . «أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم»
وروى البزار عن وأبو يعلى - رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال : «أصحابي» وزاد البغوي في «المصابيح» و «شرح السنة» أنس . «مثل أصحابي في أمتي كمثل الملح [ ص: 449 ] في الطعام لا يصلح الطعام إلا به»
وروى عن مسلم - رضي الله تعالى عنه- قال : قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أبي سعيد أحد ذهبا ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفه» «لا تسبوا أصحابي فوالذي نفسي بيده لو أنفق أحدكم مثل
لغة في النصف .
وروى الديلمي عن عويم بن ساعدة ، في «الحلية» ، عن وأبو نعيم - رضي الله تعالى عنه- أنه- عليه الصلاة والسلام- قال : جابر . «من سب أصحابي فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ، لا يقبل الله منهم صرفا» - أي توبة- أو نافلة- «ولا عدلا» أي : فدية أو فريضة
وروى الديلمي عنه أنه- صلى الله عليه وسلم- قال : والبزار أبا بكر وعمر وعثمان ، فجعلهم خير أصحابي ، وفي أصحابي كلهم خير» وعليا . «إن الله اختار أصحابي على جميع العالمين سوى النبيين والمرسلين ، واختار لي من أصحابي أربعة :
وروى في «الأوسط» بسند صحيح حسن ، عن الطبراني - رضي الله تعالى عنه- قال : قال- رسول الله- صلى الله عليه وسلم- : أبي سعيد الخدري فقد أحبني ، ومن أبغض عمر فقد أبغضني» عمر . «من أحب
وروى الطبراني عن وابن منده خالد بن عمرو عن سهل بن يوسف بن سهل ابن أخي كعب بن مالك عن أبيه عن جده قال : غريب لا يعرف إلا من هذا الوجه ابن منده المدينة من حجة الوداع صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال :
«أيها الناس إني راض عن لم يسؤني قط فاعرفوا ذلك له [وقال] : يا أيها الناس إني راض عن أبي بكر وعن عمر وعن عثمان وعن علي طلحة والزبير وسعد وعبد الرحمن بن عوف والمهاجرين والأنصار فاعرفوا لهم ذلك ، أيها الناس إن الله غفر لأهل بدر والحديبية وقال : أيها الناس احفظوني في أصحابي وفي أصهاري وأختاني لا يطلبنكم أحد منهم بمظلمة ، فإنها مظلمة لا توهب في القيامة غدا» . أنه- عليه الصلاة والسلام- لما قدم
وروى وضعفه عن الترمذي - رضي الله تعالى عنه- قال : جابر فأبغضه الله عثمان . أتي النبي- صلى الله عليه وسلم- بجنازة رجل يصلي عليه فلم يصل عليه فقيل : يا رسول الله ما رأيناك تركت الصلاة على أحد قبل هذا [ ص: 450 ] قال : إنه كان يبغض
وروى الشيخان عن رضي الله تعالى عنه أنس أنه- عليه الصلاة والسلام- قال في الأنصار «اعفوا من مسيئهم ، واقبلوا من محسنهم» وللبخاري . «أوصي الخليفة من بعدي بالمهاجرين والأنصار أن يقبل من محسنهم ، ويتجاوز عن مسيئهم»
وروى أبو نعيم والديلمي عن عياض الأنصاري ، عن وابن منيع - رضي الله تعالى عنه- أنس . أنه- عليه الصلاة والسلام- قال : «احفظوني في أصحابي وأصهاري ، فإنه من حفظني فيهم حفظه الله في الدنيا والآخرة ، ومن لم يحفظني فيهم تخلى الله عنه ، - أي : أعرض عنه- (وترك في غيه ) يتردد ومن تخلى الله عنه يوشك أن يأخذه»
وروى عن سعيد بن منصور مرسلا ، عطاء بن أبي رباح . أنه- عليه الصلاة والسلام- قال : «من حفظني فيهم كنت له حافظا يوم القيامة [وقال : ومن حفظني في أصحابي ورد علي الحوض] ومن لم يحفظني فيهم لم يرد علي الحوض ، ولم يرني يوم القيامة إلا من بعيد»
وقال رجل للمعافى بن عمران : أين من عمر بن عبد العزيز فغضب وقال : لا يقاس على أصحاب رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أحد ، أي : لحديث الشيخين معاوية «خير أمتي قرني ، ثم الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم» صاحبه وصهره وكاتبه وأمينه على وحي الله تعالى . معاوية
قال - رحمه الله تعالى- وغيره : من أبغض الصحابة وسبهم فليس له في المسلمين شيء ، ونزع من الإيمان بقوله تعالى مالك والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا . ربنا إنك رءوف رحيم [الحشر 10] .
وقال : من غاظ أصحاب محمد فهو كافر ، قال الله تعالى : ليغيظ بهم الكفار .
وقال : خصلتان من كانتا فيه نجا ، [الصدق وحب أصحاب عبد الله بن المبارك محمد ] وقال : من أحب أيوب السختياني فقد أقام الدين ، ومن أحب أبا بكر فقد أوضح السبيل ، ومن أحب عمر فقد استضاء بنور الله ، ومن أحب عثمان فقد أخذ بالعروة الوثقى ومن أحسن الثناء على أصحاب عليا محمد فقد برئ من النفاق ، ومن انتقص أحدا منهم فهو مبتدع مخالف للسنة والسلف الصالح ، وأخاف أن لا يصعد له عمل إلى السماء حتى يحبهم جميعا ويكون قلبه سليما . [ ص: 451 ]