الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                              سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

                                                                                                                                                                                                                              الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              تنبيهات

                                                                                                                                                                                                                              الأول : اختلف أي صلاة كانت ذلك ؟ ففي الصحيح عن [البراء] أن أول صلاة صلاها- أي : متوجها- صلاة العصر .

                                                                                                                                                                                                                              والأكثر على أنها صلاة الظهر .

                                                                                                                                                                                                                              قال الحافظ : والتحقيق أن أول صلاة صلاها في بني سلمة الظهر ، وأول صلاة صلاها بالمسجد النبوي العصر .

                                                                                                                                                                                                                              الثاني : قال الحافظ : طريق الجمع بين رواية ستة عشر وسبعة عشر شهرا ورواية الشك في ذلك ، أن من جزم ستة عشر لفق من شهر التحويل وشهر القدوم شهرا وألغى الأيام الزائدة ، ومن جزم بسبعة عشرة شهرا عدهما معا ، ومن شك تردد في ذلك ، وذلك أن القدوم كان في شهر ربيع الأول بلا خلاف ، وكان التحويل في نصف رجب من السنة الثانية على الصحيح . [ ص: 58 ]

                                                                                                                                                                                                                              وبه جزم الجمهور ورواه الحاكم بسند صحيح عن ابن عباس ، وقول ابن حبان : سبعة عشر شهرا وثلاثة أيام مبني على أن القدوم كان في ثاني عشر ربيع الأول .

                                                                                                                                                                                                                              قال الحافظ : وأسانيد رواية ثلاثة عشر وتسعة عشر ونحوها شاذة .

                                                                                                                                                                                                                              الثالث : فرض صوم رمضان على رأس سبعة عشر شهرا ، وزكاة الفطر قبل العيد بيومين ، وصلى العيد بالمصلى وضحى ضحوه في ذي الحجة صلى وضحى بكبشين أحدهما عن أمته ، والآخر عنه وعن آله .

                                                                                                                                                                                                                              روى ابن سعد عن ابن عمر وأبي سعيد الخدري وعائشة -رضي الله تعالى عنهم- قالوا : نزل فرض شهر رمضان بعد ما صرفت القبلة إلى الكعبة بشهر في شعبان على رأس ثمانية عشر شهرا من مهاجر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في هذه السنة بزكاة الفطر قبل أن تفرض الزكاة في الأموال ، وأن تخرج عن الصغير والكبير ، والحر والعبد ، والذكر والأنثى ، صاع من تمر ، أو صاع من شعير ، أو صاع من زبيب أو مدان من بر ، وكان يخطب قبل الفطر بيومين ، فيأمر بإخراجها قبل أن يغدو إلى المصلى ، وقال : اغنوهم -يعني المساكين- عن طواف هذا اليوم ، وكان يقسمها إذا رجع ، وصلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- العيد يوم الفطر بالمصلى قبل الخطبة ، وصلى العيد يوم الأضحى ، وأمر بالأضحية ، وأقام بالمدينة عشر سنين يضحي كل عام .

                                                                                                                                                                                                                              وروى ابن سعد عن ابن عمر -رضي الله تعالى عنه- قال : أقام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالمدينة عشر سنين لا يدع الأضحى . انتهى .

                                                                                                                                                                                                                              قالوا : وكان يصلي العيدين قبل الخطبة بغير أذان ولا إقامة ، وكان بلال يحمل العنزة بين يديه ، وكانت العنزة للزبير بن العوام ، قدم بها من أرض الحبشة ، فأخذها منه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- .

                                                                                                                                                                                                                              وروى ابن سعد عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كانت تحمل له عنزة يوم العيد يصلي إليها . انتهى .

                                                                                                                                                                                                                              قالوا : وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا ضحى اشترى كبشين سمينين أقرنين أملحين ، فإذا صلى وخطب أتى بأحدهما وهو قائم في مصلاه فذبحه بيده بالمدينة ، ثم يقول : اللهم هذا عن أمتي جميعا من شهد لك بالتوحيد ولي بالبلاغ ، ثم يؤتى بالآخر فيذبحه بيده ، ثم يقول : هذا عن محمد وآل محمد ، فيأكل هو وأهله منه ويطعم المساكين ، وكان يذبح عند طرف الزقاق عند دار معاوية .

                                                                                                                                                                                                                              قال محمد بن عمر الأسلمي : وكذلك تصنع الأئمة عندنا بالمدينة . [ ص: 59 ]

                                                                                                                                                                                                                              وفيها : قدم عبد الله بن مسعود -رضي الله تعالى عنه- من الحبشة فسلم عليه- فلم يرد عليه [الصلاة] والسلام- وفيها : كانت أول غنيمة وقعت في الإسلام في سرية عبد الله بن جحش -رضي الله تعالى عنه- إلى نخلة .

                                                                                                                                                                                                                              وفيها : أعرس علي بفاطمة -رضي الله تعالى عنها- قاله مغلطاي وغيره .

                                                                                                                                                                                                                              قال المحب الطبري : تزوجها في صفر ، وبنى بها في ذي الحجة على رأس اثنين وعشرين شهرا من التاريخ .

                                                                                                                                                                                                                              قال أبو عمر : بعد وقعة أحد .

                                                                                                                                                                                                                              وقال غيره : بعد بنائه بعائشة بأربعة أشهر ونصف .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد في «المناقب» وابن حبان عن أنس -رضي الله تعالى عنه- قال : جاء أبو بكر ثم عمر يخطبان فاطمة إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فسكت ، ولم يرجع إليهما شيئا ، وقد تقدم في أبواب أولاده -صلى الله عليه وسلم- .

                                                                                                                                                                                                                              وفيها ولد النعمان بن بشير والمسور بن مخرمة .

                                                                                                                                                                                                                              النوع السادس : في حوادث السنة الثالثة .

                                                                                                                                                                                                                              فيها : تزوج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بحفصة بنت عمر في شعبان على الأصح ، وزينب بنت خزيمة أم المساكين في رمضان ، فمكثت عنده شهرين .

                                                                                                                                                                                                                              وقيل : ثلاثة .

                                                                                                                                                                                                                              وقيل : ثمانية ، وماتت .

                                                                                                                                                                                                                              وفيها : مات عبد الله بن عثمان بن عفان -رضي الله تعالى عنهما- ابن رقية بنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو ابن ست سنين .

                                                                                                                                                                                                                              وقيل : في الرابعة .

                                                                                                                                                                                                                              وفيها تزوج عثمان -رضي الله تعالى عنه- بأم كلثوم بنت سيدنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- .

                                                                                                                                                                                                                              وفيها : ولد الحسن بن علي -رضي الله تعالى عنهما- في منتصف رمضان ، وعلقت أمه بالحسين بعد خمسين ليلة .

                                                                                                                                                                                                                              وفيها : كان تحريم الخمر .

                                                                                                                                                                                                                              وقيل : في الرابعة كما سيأتي .

                                                                                                                                                                                                                              قال الحافظ : والذي يظهر أن تحريمها كان عام الفتح سنة ثمان . [ ص: 60 ]

                                                                                                                                                                                                                              قال السيد : واستدل بشيء فيه نظر .

                                                                                                                                                                                                                              وفيها :

                                                                                                                                                                                                                              أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- زيد بن ثابت أن يتعلم كتاب يهود ، وقال : لا آمن أن يبدلوا كتابي .

                                                                                                                                                                                                                              وفيها : صلى صلاة الخوف في غزوة ذات الرقاع ، قاله القطب .

                                                                                                                                                                                                                              وقيل : في الرابعة ، ونزول آية التيمم ، وبراءة الله تعالى لأم المؤمنين عائشة مما رميت به ، وضياع العقد .

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية