الباب الثاني : في عبد الله بن سلام بن الحارث أبي يوسف إسلام
وهو من ذرية سيدنا يوسف الصديق عليه السلام ، حليف القواقل من الخزرج ، الإسرائيلي ثم الأنصاري رضي الله عنه . كان اسمه الحصين فغيره النبي- صلى الله عليه وسلم- وكان عالم أهل الكتاب ، وكان إسلامه في اليوم الذي دخل فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم دار أول ما قدم ، كما في رواية أبي أيوب عبد العزيز بن صهيب عند وروى البيهقي . عن رجل من آل ابن إسحاق رضي الله عنه قال : عبد الله بن سلام "لما قدم رسول الله- صلى الله عليه وسلم- نزل بقباء في بني عمرو بن عوف . فأقبل رجل حتى أخبر بقدومه . . " الحديث . وفيه : "فخرجت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم- فأسلمت ورجعت إلى أهل بيتي . قال الحافظ عماد الدين بن كثير : "فلعله رآه أول ما رآه بقباء ، واجتمع به بعد ما صار إلى دار بني النجار ، والله أعلم" .
وروى البخاري عن والبيهقي أنس ، عن رجل من آل وابن إسحاق والإمام عبد الله بن سلام ، أحمد ، ويعقوب بن سفيان عن عبد الله بن سلام ، عن والبيهقي وعن موسى بن عقبة قال : لما سمعت برسول الله- صلى الله عليه وسلم- وعرفت صفته واسمه وهيئته وزمانه الذي كنا نتوكف له ، فكنت مسرا بذلك صامتا عليه حتى قدم رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ابن شهاب ، المدينة ، فلما قدم نزل بقباء في بني عمرو بن عوف ، فأقبل رجل حتى أخبر بقدومه ، وأنا في رأس نخلة لي أعمل فيها ، وعمتي خالدة بنت الحارث تحتي جالسة . فلما سمعت الخبر بقدوم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كبرت . فقالت عمتي حين سمعت تكبيري : "لو كنت سمعت بموسى بن عمران ما زدت" .
قلت لها : "أي عمة وهو ، والله أخو موسى بن عمران ، وعلى دينه ، بعث بما بعث به" . فقالت له :
"يا ابن أخي ، أهو النبي الذي كنا نخبر أنه يبعث مع نفس الساعة" ؟ قلت لها : "نعم" . قالت :
"فذاك إذا" . قال : "فخرجت إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فلما تبينت وجهه عرفت أنه ليس بوجه كذاب ، فكان أول شيء سمعته
يقول : . "أفشوا السلام ، وأطعموا الطعام ، وصلوا الأرحام ، وصلوا بالليل والناس نيام ، تدخلوا الجنة بسلام"
وعند عن البيهقي قال : أنس بقدوم النبي- صلى الله عليه وسلم- فأتى [ ص: 380 ] النبي فقال : "إني سائلك عن خلال لا يعلمهن إلا نبي : ما أول أشراط الساعة ، وما أول طعام أهل الجنة؟ وما بال الولد ينزع إلى أبيه أو إلى أمه؟ وما هذا السواد الذي في القمر؟" قال : "أخبرني بهن عبد الله بن سلام جبريل آنفا . قال : "جبريل" ؟ قال : "نعم" . قال "عدو اليهود من الملائكة" . "ثم قرأ : قل من كان عدوا لجبريل فإنه نزله على قلبك بإذن الله مصدقا لما بين يديه وهدى وبشرى للمؤمنين [البقرة 97] قال : "أما أول أشراط الساعة : فنار تخرج على الناس من المشرق [تسوقهم] إلى المغرب ، وأما أول طعام يأكله أهل الجنة :
فزيادة كبد حوت ، وأما الولد : فإذا سبق ماء الرجل ماء المرأة نزع الولد ، وإذا سبق ماء المرأة ماء الرجل نزعت الولد ، وأما السواد الذي في القمر : فإنهما كانا شمسين . قال الله تعالى : وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل [الإسراء 12] فالسواد الذي رأيت هو المحو" . فقال : "أشهد ألا إله إلا الله وأنك رسول الله" . ثم رجع إلى أهل بيته فأمرهم فأسلموا وكتم إسلامه . ثم خرج إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فقال : "يا رسول الله ، إن اليهود قد علمت أني سيدهم وابن سيدهم ، وأعلمهم وابن أعلمهم ، وأنهم قوم بهت ، وأنهم إن يعلموا بإسلامي قبل أن تسألهم عني بهتوني ، وقالوا في ما ليس في ، فأحب أن تدخلني بعض بيوتك" . فأدخله رسول الله بعض بيوته ، وأرسل إلى اليهود فدخلوا عليه فقال : "يا معشر يهود يا ويلكم اتقوا الله فوالله الذي لا إله إلا هو إنكم لتعلمون أني رسول الله قد جئتكم بالحق فأسلموا" . فقالوا : ما نعلمه . فقال : "أي رجل فيكم الحصين بن سلام" ؟ قالوا : "خيرنا وابن خيرنا وسيدنا وابن سيدنا وأعلمنا وابن أعلمنا" . فقال : "أرأيتم إن أسلم؟" قالوا : "أعاذه الله من ذلك" . فقال : "يا بن سلام اخرج إليهم"
فخرج عبد الله فقال : "أشهد ألا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله ، يا معشر يهود اتقوا الله واقبلوا ما جاءكم به ، فوالله إنكم لتعلمون أنه لرسول الله حقا ، تجدونه مكتوبا عندكم في التوراة :
اسمه وصفته ، فإني أشهد أنه رسول الله ، وأومن به وأصدقه وأعرفه . قالوا : "كذبت ، أنت شرنا وابن شرنا" ، وانتقصوه . قال : "هذا الذي كنت أخاف يا رسول الله ، ألم أخبرك ؟ قال : "وأظهرت إسلامي وإسلام أهل بيتي ، وأسلمت عمتي أنهم قوم بهت ، أهل غدر وكذب وفجور" خالدة بنت الحارث ، وحسن إسلامها" . سمع