الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                              سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

                                                                                                                                                                                                                              الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              الباب الثالث

                                                                                                                                                                                                                              في غزوة الأبواء وهي ودان

                                                                                                                                                                                                                              قال أبو عمرو : أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة باقي ربيع الأول ، الشهر الذي قدم فيه ، وباقي العام كله إلى صفر ، من سنة اثنتين من الهجرة ، ثم خرج غازيا في صفر ، وحمل لواءه حمزة بن عبد المطلب ، وكان لواء أبيض ، واستعمل على المدينة فيما قال أبو سعد وأبو عمر : سعد بن عبادة ، وخرج بالمهاجرين ليس منهم أنصاري ، يعترض عيرا لقريش فلم يلق كيدا ، ووادع بني ضمرة بن عبد مناة بن كنانة ، وعقد ذلك معه سيدهم .

                                                                                                                                                                                                                              قال ابن إسحاق وابن سعد وأبو عمرو : جمع مخشي بن عمرو الضمري ، وقال ابن الكلبي : عمارة بن مخشي بن خويلد بن عبد فهم بن يعمر بن عوف بن جدى بن ضمرة ، كذا ذكر الأمير أبو نصر في جدى -بضم الجيم وفتح الدال- وكذا قال ابن حزم في الجمهرة : إنه عمارة بن مخشي ، فالله أعلم- ووادعهم على ألا يغزو بني ضمرة ولا يغزوه ، ولا يكثروا عليه جمعا ولا يعينوا عليه عدوا ، وكتب بينه وبينهم كتابا نسخته :

                                                                                                                                                                                                                              «بسم الله الرحمن الرحيم : هذا كتاب من محمد رسول الله لبني ضمرة بأنهم آمنون على أموالهم وأنفسهم ، وأن لهم النصرة على من رامهم إلا أن يحاربوا في دين الله ، ما بل بحر صوفة . وأن النبي صلى الله عليه وسلم إذا دعاهم لنصره أجابوه ، عليهم بذلك ذمة الله وذمة رسوله ، ولهم النصر على من بر منهم واتقى» .

                                                                                                                                                                                                                              ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ، وكانت غيبته خمس عشرة ليلة ، وهي أول غزاة غزاها رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه الكريمة .

                                                                                                                                                                                                                              تنبيه في بيان غريب ما سبق :

                                                                                                                                                                                                                              الأبواء -بفتح الهمزة وسكون الموحدة والمد- قرية بين مكة والمدينة ، قيل سميت بذلك لما فيها من الوباء ، ولو كان كما ذكر لكانت الأوباء ، أو يكون مقلوبا منه ، والصحيح أنها سميت بذلك لتبوئ السيول بها ، قاله ثابت بن قاسم .

                                                                                                                                                                                                                              ودان -بفتح الواو وتشديد الدال المهملة في آخره نون- وهي قرية جامعة من عمل الفرع .

                                                                                                                                                                                                                              وادعته : صالحته .

                                                                                                                                                                                                                              مخشي -بفتح الميم وإسكان الخاء وكسر الشين المعجمتين ، ثم ياء مشددة كياء النسب- لم أر من ذكر له إسلاما .

                                                                                                                                                                                                                              لم يلق كيدا : أي حربا .

                                                                                                                                                                                                                              ما بل بحر صوفة : أي ما دام في البحر ما يبل الصوفة .

                                                                                                                                                                                                                              ذمة الله -بكسر الذال المعجمة- أمانه . [ ص: 15 ]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية