إبراهيم الخليل عليه السلام ذو القرنين وكان ممن يتبع في زمن
وإن كانوا قد اختلفوا في زمان كونه .
فروي عن رضي الله عنه ، أنه قال: كان من القرون الأول من ولد علي يافث بن نوح . وقيل: إنه من ولد عيلم بن سام . وأنه ولد بأرض الروم حين نزلها ولد سام .
وقال كان بعد ثمود . الحسن البصري:
وذكر أنه كان في زمان أبو الحسين بن المنادي الخليل ، ومات في ذلك الزمان .
وهذا الأشبه .
فقد روى الفضل بن عطية ، عن عطاء ، عن أن ابن عباس: ذا القرنين لقي إبراهيم الخليل بمكة فسلم عليه وصافحه واعتنقه .
وجاء في حديث آخر: أن إبراهيم الخليل كان جالسا في مكان فسمع صوتا ، فقال: ما هذا الصوت؟ قيل له: هذا ذو القرنين في جنوده . فقال لرجل عنده: ائت ذا القرنين وأقرئه مني السلام ، فأتاه ، فقال: إن إبراهيم يقرأ عليك السلام ، قال: ومن إبراهيم؟ قال: خليل الرحمن ، قال: وإنه لهاهنا؟ قال: نعم ، فنزل [عن فرسه ومشى] ، فقيل له: إن بينك وبينه مسافة ، فقال: ما كنت أركب في بلد فيه إبراهيم ، فمشى إليه فسلم عليه ، وأوصاه ، وأهدى إليه إبراهيم بقرا وغنما .
واختلف العلماء في ذي القرنين على أربعة أقوال: اسم
أحدها: عبد الله . قاله رضي الله عنه . وقال علي اسمه ابن عباس: عبد الله بن الضحاك .
والثاني: الإسكندر ، قاله وهب . وقيل: هو الإسكندر بن قيصر . قاله وكان أبو الحسين [ ص: 287 ] ابن المنادي ، قيصر هذا أول القياصرة وأقدمهم ، وإنما سمي بذي القرنين بعد ذلك بزمان طويل .
والثالث: عياش ، قاله محمد بن علي بن الحسين . والرابع: الصعب بن جاثر بن القلمس . ذكره أبو بكر بن أبي خيثمة .
واختلفوا هل كان نبيا أم لا .
فقال عبد الله بن عمرو ، وسعيد بن المسيب ، والضحاك بن مزاحم: كان نبيا .
وخالفهم الأكثرون في هذا ، فروينا عن رضي الله عنه أنه قال: كان عبدا صالحا أمر قومه بتقوى الله ، لم يكن نبيا ولا ملكا . وقال علي وهب: كان ملكا ولم يوح إليه .
وقال كان على دين أحمد بن جعفر المنادي: إبراهيم .
واختلفوا في سبب تسميته بذي القرنين على عشرة أقوال:
أحدها: أنه دعا قومه إلى الله تعالى فضربوه على قرنه فهلك ، فغبر زمانا ثم بعثه الله تعالى فدعاهم إلى الله فضربوه على قرنه الآخر فهلك ، فذلك قرناه . قاله رضي الله عنه في رواية . علي بن أبي طالب
والثاني: أنه سمي بذي القرنين؛ لأنه سار إلى مغرب الشمس وإلى مطلعها . رواه أبو صالح ، عن ابن عباس .
وأخبرنا أخبرنا محمد بن عمر الأرموي ، أبو الحسين بن المهتدي ، أخبرنا عمر بن شاهين ، حدثنا محمد بن سليمان الباغندي ، حدثنا حدثنا عثمان بن أبي شيبة ، أبو أسامة ، قال: حدثني زائدة ، عن عن سماك بن حرب ، حبيب بن جادم ، قال: قال رجل رضي الله عنه: كيف بلغ لعلي ذو القرنين المشرق والمغرب؟ فقال سخر له السحاب ، ومدت له الأسباب ، وبسط له النور . وفي رواية أخرى عن علي: رضي الله عنه أنه قال: كان عبدا صالحا ناصح لله وأطاعه ، فسخر له السحاب فحمله عليه ، وبسط النور . علي
والثالث: لأن صفحتي رأسه كانتا من نحاس .
[ ص: 288 ]
والرابع: لأنه رأى في النوم كأنه امتد من السماء إلى الأرض ، فأخذ بقرني الشمس ، فقص ذلك على قومه فسمي بذي القرنين .
والخامس: لأنه ملك فارس والروم .
والسادس: لأنه كان في رأسه شبه القرنين . رويت هذه الأقوال الأربعة عن وهب بن منبه .
والسابع: لأنه كانت له غديرتان من شعر . قاله الحسن .
قال والعرب تسمي الضفيرتين من الشعر غديرتين وضفيرتين وقرنين . ومن قال سمي بذلك لأنه ملك فارس والروم قال: لأنهما عاليان على جانبين من الأرض ، فقال لهما قرنان . أبو بكر بن الأنباري:
والثامن: لأنه كان كريم الطرفين من أهل بيت ذوي شرف .
والتاسع: لأنه انقرض في زمانه قرنان من الناس وهو حي .
والعاشر: لأنه سلك الظلمة والنور . ذكر هذه الأقوال [الأربعة] أبو إسحاق الثعلبي .
قال ملك الأرض أربعة ، مؤمنان وكافران ، فالمؤمنان: مجاهد: سليمان بن داود ، وذو القرنين ، والكافران: نمرود ، وبخت نصر .
قال أبو الحسين أحمد بن جعفر: زعموا أن ذا القرنين أحد عظماء ملوك الأرض إلا أن الله أعطاه مع ذلك التوحيد والطاعة واصطناع الخير ، ومد له في الأسباب ، وأعانه على أعدائه ، وفتح المدائن والحصون ، وغلب الرجال ، وعمر عمرا طويلا ، بلغ فيه المشارق والمغارب ، وبنى السد فيما بين الناس وبين يأجوج ومأجوج ، وكان ذلك رحمة للمؤمنين ، وحرزا منيعا من البلاء الذي لا طاقة لهم به .