وفي هذه السنة : كسوة الكعبة التي كانت عليها ، وكساها كسوة جديدة ، المهدي وذلك أن حجبة الكعبة رفعوا إليه أنهم يخافون على نزع الكعبة لكثرة ما عليها من الكسوة ، فأمر أن يكشف عنها فكشف ما عليها حتى بقيت مجردة ، ثم طلي البيت كله بالخلوق ، ولما بلغوا إلى كسوة هشام وجدوها ديباجا ثخينا ووجدوا كسوة من كان قبله عامتها من متاع اليمن .
وقسم في هذه السنة في أهل المهدي مكة والمدينة مالا كثيرا ، فذكر أنه قسم في تلك السفرة ثلاثين ألف ألف درهم حملت معه ، ووصل إليه من مصر ثلاثة مائة ألف دينار ومن اليمن مائتا ألف دينار قسم ذلك كله ، وفرق من الثياب مائة ألف ثوب وخمسين ألف ثوب ، ووسع في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأمر بنزع المقصورة التي في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزعت ، وأراد أن ينقض [منبر] مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فيعيده إلى ما كان عليه ، ويلقي ما كان زاده فيه ، فشاور في ذلك ، فقيل له: إن المسامير الذي أحدثه معاوية في الخشب الأول وهو عتيق لا نأمن إن خرجت المسامير التي فيه وزعزعت أن ينكسر ، فتركه على حاله ، وأمر معاوية أيام مقامه المهدي بالمدينة بإثبات خمسمائة رجل من الأنصار ليكونوا معه حرسا له بالعراق [وأنصارا] ، وأجرى عليهم أرزاقا سوى أعطياتهم ، وأقطعهم عند قدومهم معه بمدينة السلام قطيعة تعرف بهم ، ودخل عليه فاستعفاه من القضاء . [ ص: 239 ] عثمان بن طلحة
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد قال: أخبرنا قال: أبو بكر [أحمد] بن ثابت
أخبرنا عبد الصمد بن محمد بن محمد بن نصر بن مكرم قال: أخبرنا إسماعيل بن سعيد المعدل قال: حدثنا الحسين بن القاسم الكوكبي قال: حدثنا أبو الفضل الربعي قال: حدثني أبي قال: استقضى بعض أمراء المدينة عثمان بن طلحة بن عمر بن عبيد الله بن معمر ، فامتنع عليه ، فأشرف عليه بضرب السياط ، فلما رأى ذلك قضى بين الناس حتى استوجب رزق عشرة أشهر ، وقدم المهدي المدينة حاجا ، فدخل عليه فسأله أن يعزله عن القضاء ، فقال: ليس إلى ذلك سبيل ، قال له عثمان بن طلحة ، عثمان: والله يا أمير المؤمنين لو علمت أن بلد الروم تجيرني ولا تمنعني من الصلاة لاستجرت به ، قال : وإنك على ما قلت . قال: فإني والله لعلى ما قلت ، قال: المهدي
فإني قد عزلتك فاقبض ما لك عندنا من الرزق . قال: والله ما في عنه غنى ، ولكن كان لي نظر وأشباه [ذلك] يكرهون من هذا العمل ما أكره ، ثم أكرهوا عليه ، فدخلوا فيه ، فلما عزلوا كرهوا العزل ، فلم أجد معناهم في كراهتهم العزل إلا هذا الرزق ، فلذلك كرهت أخذه .
وتزوج في أيام مقامه المهدي بالمدينة رقية بنت عمرو العثمانية .
وفيها: رد على أهل بيته وغيرهم قطائعهم التي كانت مقبوضة عنهم . المهدي
وفيها: حمل محمد بن سليمان الثلج للمهدي ، حتى وافى مكة ، فكان أول من حمل له الثلج من الخلفاء إلى المهدي مكة .
وفيها : تزوج الهادي لبابة بنت جعفر بن المنصور ، وهي أخت زبيدة . [ ص: 240 ]
وكان في هذه السنة على صلاة الكوفة وأحداثها إسحاق بن الصباح الكندي ، وعلى قضائها شريك بن عبد الله النخعي ، وعلى صلاة البصرة وأحداثها وأعمالها ، وعلى كور دجلة ، والبحرين ، وعمان وكور الأهواز ، وفارس محمد بن سليمان ، وكان على قضاء البصرة عبيد الله بن الحسن ، وعلى خراسان معاذ بن سالم ، وعلى الجزيرة الفضل بن صالح ، وعلى السند رواح بن حاتم . وعلى إفريقية وعلى يزيد بن حاتم ، مصر سليمان بن علي .