ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
1560 - بغا الشرابي
كان قد طغى وخالف أمر المعتز ، واستبد بالأموال والأمر ، فركب المعتز ليلا وقد تشاغل بغا بتزويجه صالح بن يوسف ابنته ، فوثب بغا على مال السلطان ومال أمه ، فأوقر منه عشرين بغلا فوقعوا به فقتلوه ، وجاءوا برأسه إلى المعتز ، فنصبه بسامراء ، وأعطى الذي جاء برأسه عشرة آلاف دينار ، ثم حدر برأسه إلى مدينة السلام ، وأمر بإحراق جسده ، وحبس جماعة من ولده ، ونفى خمسة من صغارهم إلى عمان والبحرين ، ونجا يونس بن بغا إلى بختيشوع .
[ ص: 74 ]
1561 - . سلم بن جنادة بن سلم بن خالد بن جابر بن سمرة ، أبو السائب السوائي الكوفي
ولد سنة أربع وسبعين ومائة ، فقدم بغداد وحدث بها عن ابن إدريس ، وابن فضيل ، ووكيع ، وأبي معاوية ، وحفص بن غياث ، ومعاوية ، وأبي نعيم .
روى عنه: ابن صاعد ، والمحاملي ، وابن مخلد ، قال: هو ثقة حجة ، لا يشك فيه ، يصلح للصحيح . البرقاني:
توفي في جمادى الآخرة من هذه السنة ، وله ثمانون سنة .
1562 - ، أبو الحسن الهاشمي . علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب
أحد من يعتقد فيه الشيعة الإمامة ، أشخصه في المتوكل مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بغداد ، ثم إلى سامراء فقدمها ، وأقام بها في هذه السنة [ودفن] في داره فلإقامته بالعسكر عرف بأبي الحسن العسكري ، وصلى عليه أبو أحمد بن المتوكل .
أخبرنا [قال:] أخبرنا أبو منصور القزاز [أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت] الخطيب [قال:] أخبرنا الأزهري ، أخبرنا أبو أحمد عبيد الله بن محمد المقرئ ، حدثنا محمد بن [ ص: 75 ] يحيى النديم [قال:] حدثنا الحسين بن يحيى قال: اعتل في أول خلافته ، فقال: لئن برئت لأتصدقن بدنانير كثيرة ، فلما برئ جمع الفقهاء فسألهم عن ذلك ، فاختلفوا ، فبعث إلى المتوكل علي بن محمد بن علي بن موسى ، فقال: تتصدق بثلاثة وثمانين دينارا . فعجب قوم من ذلك ، وتعصب قوم عليه ، وقالوا: تسأله يا أمير المؤمنين من أين له هذا ، فرد الرسول إليه .
فقال: قل لأمير المؤمنين: في هذا الوفاء بالنذر؛ لأن الله تعالى قال: لقد نصركم الله في مواطن كثيرة [9: 25] فروى أهلنا جميعا أن المواطن في الوقائع والسرايا والغزوات كانت ثلاثة وثمانين موطنا ، وأن يوم حنين كان الرابع والثمانين ، وكلما زاد أمير المؤمنين في فعل الخير كان أنفع له وأجدى عليه في الدنيا والآخرة .
1563 - محمد بن عبد الله بن المبارك ، أبو جعفر المخرمي .
قاضي حلوان ، سمع يحيى بن سعيد القطان ، وابن مهدي ، وغيرهم . ووكيعا ،
[روى عنه في صحيحه ، البخاري وإبراهيم الحربي ، والنسائي ، والباغندي ، وكان ثقة ، عالما بالحديث ، متقنا ، مبرزا على الحفاظ . وابن صاعد] .
1564 - محمد بن منصور بن داود بن إبراهيم ، أبو جعفر العابد الطوسي .
سمع إسماعيل بن علية ، وسفيان بن عيينة ، في آخرين . روى [ ص: 76 ] عنه: وعفان بن مسلم البغوي ، وابن صاعد ، وغيرهم . وكان ثقة خيرا صالحا . والمحاملي ،
أخبرنا [قال:] أخبرنا [أبو منصور] القزاز قال: أخبرني [أحمد بن علي] الخطيب الحسين بن علي الطناجيري ، حدثنا عمر بن أحمد الواعظ ، حدثنا أحمد بن محمد بن الفضل قال: سمعت محمد بن منصور الطوسي وحواليه قوم فقالوا له: يا أبا جعفر ، إيش اليوم عندك؟ قد شك الناس فيه ، يوم عرفة هو أو غيره؟ فقال: اصبروا .
فدخل البيت ثم خرج فقال: هو عندي يوم عرفة . فاستحيوا أن يقولوا له: من أين لك ذلك؟ فعدوا الأيام والليالي ، فكان اليوم الذي قال محمد بن منصور يوم عرفة . قال أبو العباس: [وكنت أصغر القوم] ، فجاء إليه أبو بكر بن سلام الوراق مع جماعة فسمعت ابن سلام يقول: من أين علمت أنه يوم عرفة؟ قال: دخلت البيت فسألت ربي تعالى فأراني الناس في الموقف .
توفي الطوسي يوم الجمعة لست بقين من شوال من هذه السنة ، وله ثمان وثمانون سنة .
1565 - . المؤمل بن إهاب بن عبد العزيز ، أبو عبد الرحمن الربعي
كوفي ، قدم بغداد ، وحدث بها عن أبي داود الطيالسي ، ويزيد بن هارون ، وغيرهم . روى عنه وعبد الرزاق ، ابن أبي الدنيا ، والنسائي ، وكان صدوقا . والباغندي ،
وله مع أصحاب الحديث قصة: أخبرنا بها [قال:] أخبرنا أبو منصور القزاز [أبو [ ص: 77 ] بكر أحمد بن علي بن ثابت] الخطيب قال: حدثني الصوري ، حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن الحاج ، حدثنا أحمد بن محمد بن الحسين بن السندي ، حدثنا محمد بن عمر بن الحسين قال: حدثني علي بن محمد بن سليمان قال:
قدم مؤمل بن إهاب الرملة ، فاجتمع عليه أصحاب الحديث ، وكان ذعرا متمنعا ، فألحوا عليه فامتنع أن يحدثهم فمضوا بأجمعهم ، وألفوا منهم فئتين فتقدموا إلى القاضي ، وقالوا: إن لنا عبدا خلاسيا له علينا حق صحبة وتربية ، وقد كان أدبنا فأحسن التأديب ، وآلت بنا الحال إلى الإضاقة بحمل المحبرة [لطلب الحديث ، وإنا] قد أردنا بيعه فامتنع علينا . فقال لهم السلطان: وكيف أعلم صحة ما ذكرتم؟ قالوا: إن معنا بالباب جماعة من جملة الأرباب ، وطلاب العلم ، وثقات الناس . نكتفي بالنظر إليهم دون السؤال عنهم ، وهم يعلمون ذلك فتأذن بوصولهم [إليك] لتسمع منهم . فأدخلهم ، وسمع منهم مقالتهم ووجه خلف المؤمل بالشرط والأعوان يدعونه إلى السلطان ، فتعزز فجذبوه وجروه ، فلما دخل عليه قال له: ما يكفيك ما أنت فيه من الإباق ، حتى تتعزز على السلطان ، امضوا به إلى الحبس .
فحبس مؤمل ، وكان من [ ص: 78 ] هيئته أنه أصفر طوال ، خفيف اللحية ، يشبه عبيد [أهل] الحجاز ، فلم يزل في حبسه أياما حتى علم جماعة من إخوانه ، فصاروا إلى السلطان وقالوا: إن هذا مؤمل بن إهاب في حبسك مظلوم . فقال لهم: ومن ظلمه؟ قالوا: أنت . قال: ما أعرف من هذا شيئا ، من مؤمل هذا؟ قالوا: الشيخ الذي اجتمع عليه الجماعة . قال: ذاك العبد الآبق؟ فقالوا: ما هو بعبد آبق بل هو إمام من أئمة المسلمين في الحديث .
فأمر بإخراجه وسأله عن حاله ، وصرفه وسأله أن يحله ، فلم ير مؤمل بعد ذلك متمنعا امتناعه الأول حتى لحق بالله تعالى .
توفي مؤمل بالرملة في رجب هذه السنة . [ ص: 79 ]