وقطع وفي هذه السنة خرج التشرينان والكانونان وشباط بلا مطر [إلا مطرة واحدة [ ص: 7 ] خفيفة لم يسل منها ميزاب الأكراد على قافلة خرجت إلى خراسان فأخذوا منها ما مبلغه ثلاثة آلاف دينار [وكان أكثر المال لبجكم] وزادت الفرات زيادة لم يعهد مثلها ، وغرقت العباسية ، ودخل الماء شوارع بغداد فسقطت القنطرة العتيقة والجديدة .
وفي شوال: اجتمعت العامة في جامع دار السلطان ، وتظلمت من الديلم ونزولهم في دورهم بغير أجرة ، وتعديهم عليهم في معاملاتهم ، فلم يقع إنكار لذلك فمنعت العامة الإمام من الصلاة ، وكسرت المنبرين وشعثت المسجد ، ومنعهم الديلم من ذلك فقتلوا من الديلم جماعة .
وفي هذا الشهر: تقلد أبو إسحاق محمد بن أحمد الإسكافي وزارة وخلع عليه . المتقي ،
ووقع الموت في المواشي والعلل في الناس ، وكثرت الحمى ووجع المفاصل ، ودام [الغلاء] حتى تكشف المتجملون ، وهلك الفقراء ، واحتاج الناس إلى الاستسقاء فرئي منام عجيب .
أخبرنا محمد بن عبد الباقي البزاز ، أنبأنا علي بن عبد المحسن ، عن أبيه [ ص: 8 ] قال: حدثني أبو الحسن أحمد بن يوسف الأزرق ، حدثنا أبو محمد الصلحي الكاتب قال: نادى منادي المتقي [بالله] في زمن خلافته في الأسواق أن أمير المؤمنين يقول لكم معشر رعيته إن امرأة صالحة رأت النبي صلى الله عليه وسلم في منامها فشكت احتباس القطر ، فقال لها: قولي للناس يخرجون في يوم الثلاثاء الأدنى ويستسقون ، ويدعون الله ، فإنه يسقيهم في يومهم ، وإن أمير المؤمنين يأمركم معاشر المسلمين بالخروج في يوم الثلاثاء كما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأن تدعوا وتستسقوا بإصلاح من نياتكم ، وإقلاع من ذنوبكم . قال: فأخبرني الجم الغفير أنهم لما سمعوا النداء ضجت الأسواق بالبكاء والدعاء ، فشق ذلك علي ، وقلت: في منام امرأة لا يدرى كيف تأويله ، وهل يصح أم لا ، ينادي به خليفة في أسواق مدينة السلام ، فإن لم يسقوا كيف يكون حالنا مع الكفار ، فليته أمر الناس بالخروج ولم يذكر هذا ، وما زلت قلقا حتى أتى يوم الثلاثاء ، فقيل لي إن الناس قد خرجوا إلى المصلى مع أبي الحسن أحمد بن الفضل بن عبد الملك إمام الجوامع ، وخرج أكثر أصحاب السلطان والفقهاء والأشراف ، فلما كان قبل الظهر ارتفعت سحابة ، ثم طبقت الآفاق ، ثم أسبلت عزاليها بمطر جود ، فرجع الناس حفاة من الوحل . [ ص: 9 ]
وفي هذه السنة: لم يمض الحاج إلى المدينة لأجل طالبي خرج في ذلك الصقع .