ثم دخلت سنة ست عشرة وأربعمائة
فمن الحوادث فيها :
] [انبساط العيارين انبساطا أسرفوا فيه
أن العيارين انبسطوا انبساطا أسرفوا فيه ، وخرقوا هيبة السلطان ، وواصلوا العملات وأراقوا الدماء .
مشرف الدولة ] [وفاة الملك
وفي ربيع الآخر : توفي الملك ، ونهبت الخزائن ، واستقر الأمر على تولية مشرف الدولة جلال الدولة أبي طاهر فخطب له على المنابر وهو بالبصرة ، فخلع على شرف الملك ابن ماكولا وزيره ولقبه علم الدين سعد الدولة أمين الملة شرف الملك ، وهو أول من لقب بالألقاب الكثيرة ، ثم تأخر إصعاده لما عليه الأمور من الانتشار ، وأعلم بأن الملك يحتاج إلى المال وليس عنده فأظهر الجند الخوض في أمر الملك أبي كاليجار ، ثم تظاهروا بعقد الأمر له ، وانحدر الأصفهلارية إلى دار الخلافة ، وراسلوا الخليفة وعددوا ما عاملهم به جلال الدولة من إغفال أمرهم ، وإهمال تدبيرهم ، وإنهم قد عدلوا إلى أبي كاليجار ثم تظاهروا بعقد الأمر له إذ كان ولي عهد أبيه سلطان الدولة الذي استخلفه عليهم ، فتوقف الجواب ، ثم عادوا فقيل لهم : نحن مؤثرون لما تؤثرونه ، وخرج الأمر بإقامة الخطبة للملك بهاء الدولة أبي كاليجار ، وأقيمت له في يوم [ ص: 171 ] الجمعة سادس عشر شوال ، فكوتب جلال الدولة بذلك ، فأصعد من واسط .
وكان صاحب مصر قد أنفذ إلى يمين الدولة محمود بن سبكتكين خلعة مع أبي العباس أحمد بن محمد الرشيدي الملقب زين القضاة إلى الخليفة ، فجلس في يوم الخميس لتسع بقين من جمادى الآخرة القادر بالله لأبي العباس الرشيدي بعد أن جمع القضاة والشهود والفقهاء والأماثل وأحضر أبو العباس ما كان حمله صاحب مصر ، وأدى رسالة يمين الدولة بأنه الخادم المخلص الذي يرى الطاعة فرضا ويبرأ من كل ما يخالف الدولة العباسية ، فلما كان فيما بعد هذا اليوم أخرجت الثياب إلى باب النوبي ، وحفرت حفرة وطرح فيها الحطب ، ووضعت الثياب فوقه وضربت بالنار وأبو الحسن علي بن عبد العزيز والحجاب حاضرون ، والعوام ينظرون وسبك المركب ، فخرج وزن فضة أربعة آلاف وخمسمائة واثنتين وستين درهما ، فتصدق به على ضعفاء بني هاشم .
] [زيادة أمر العيارين
وفي هذه السنة : زاد أمر العيارين وكبسوا دور الناس نهارا وفي الليل بالمشاعل والموكبيات ، وكانوا يدخلون على الرجل فيطالبونه بذخائره ويستخرجونها منه بالضرب كما يفعل المصادرون ، ولا يجد المستغيث مغيثا ، وقتلوا ظاهرا وانبسطوا على الأتراك ، وخرج أصحاب الشرط من البلد ، وقتل كثير من المتصلين بهم ، وعملت الأبواب ، وأوثقت على الدروب ، ولم يغن ذلك شيئا ، وأحرقت دار على الشريف المرتضى الصراة ، وقلع هو باقيها ، وانتقل إلى درب جميل وكان الأتراك قد أحرقوا طاق الحراني لفتنة جرت بينهم وبين العيارين والعامة ، وكان هذا الاختلاط من شهر رجب سنة خمس عشرة إلى آخر سنة ست عشرة .
] [غلاء الأسعار
وغلت الأسعار ، وفي هذه السنة بيع الكر بثمانين دينارا ، فخرج خلق من أوطانهم .
] [تأخر ورود الحاج الخراسانية
وتأخر في هذه السنة ورود الحاج الخراسانية ، فلم يحج أحد من خراسان ولا من العراق . [ ص: 172 ]