[ ص: 273 ] ثم دخلت سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة
فمن الحوادث فيها:
أن دجلة زادت في يوم وليلة ستة عشر ذراعا وحملت الجسر قطعة واحدة ومن كان عليه .
وفي ذي القعدة: شغب الأتراك وخرجوا بالخيم إلى شاطئ دجلة واجتمعوا وتفاوضوا في الشكوى من تأخر الأقساط عليهم وامتناع الأقوات على كثير منهم ووقوع الاستيلاء على إقطاعاتهم فعرف السلطان هذا فكاتب دبيس بن علي بن مزيد وأبا الفتح بن ورام وأبا الفوارس بن سعدى للاستظهار بهم في أمر إن غلب وكتب إلى الغلمان رقعة يستعلم السبب فيما فعلوا ويقول فيها قد كان الأولى الاجتماع في دارنا ومطالعتنا بما تشكونه . فأعرضوا عن قراءة الرقعة وتفاوضوا فيما يؤكد الفساد وقالوا نريد أن يتوسط أمرنا الخليفة ثم كمن قوم منهم تحت دار المملكة فنزل قوم وثاوروهم [وقتلوا بعضهم] وأفلت قوم وألقى وألقى آخرون أنفسهم في دجلة وركب جماعة منهم في ذي الحجة على أن يحيطوا بدار المملكة ويحاصرون من فيها وعبر السلطان فانزعج الناس وبذل لهم السلطان شيئا معروفا وقال: إن قنعتم بما بذلنا وإلا فأعطونا قدر ما نحتاج إليه لمؤونتنا وتسلموا جميع المعاملات وإلا اعتزلناكم وعملتم ما تريدون . [ ص: 274 ]
فقالوا أقوالا لا ترجع إلى محصول وزادت البلوى بنهب النواحي فغلا السعر وصار الناس لا يستطيعون الورود من المحول والياسرية والخروج إليها إلا بخفير يأخذ من الماشي دانقين ومن الراكب الحمار أربعة دوانيق وأحرقت عدة دواليب وجرى على السواد في جانبي بغداد من النهب والاجتياح وأخذ العوامل والمواشي ما درسه حتى أن الخطيب صلى يوم الجمعة يوم عيد الأضحى ببراثا وليس وراءه إلا ثلاثة نفر ونودي في جمعة أخرى! من أراد الصلاة بجامع براثا فثلاثة أنفس بدرهم خفارة وخرج الملك أبو طاهر لزيارة المشهدين بالحائر والكوفة ومعه أولاده والوزير كمال الملك وجماعة من الأتراك والأتباع فبدأ بالحائر ومشى حافيا من القبر إلى المشهد وزار الكوفة فمشى [حافيا] من الخندق إلى المشهد فقدر ذلك فرسخا .