فصل
يزدجرد الملقب بالأثيم ، فبعضهم يقول: هو ابن المقتول قبله ، وبعضهم يقول: هو أخوه ، وكان فظا غليظا مستطيلا على الناس ، سيئ الخلق ، يعاقب بما لا يطاق ، ويسفك الدماء ، فلذلك سمي الأثيم ، لأن ملوك ثم قام بالملك بعده فارس كانوا يستعملون العدل ، فأظهر هو الظلم ، فجار الناس إلى الله تعالى من ظلمه ، وابتهلوا إليه يسألون تعجيل الانتقام منه .
فبينا هو بجرجان إذ أقبل فرس عائر لم ير مثله في الخيل ، فوقف على بابه ، فتعجب الناس منه ، وأخبر يزدجرد خبره ، فأمر به أن يسرج ويلجم ، ويدخل عليه ، فحاول الناس إلجامه وإسراجه ، فلم يمكنه ، فأنهي إليه ذلك ، فخرج فألجمه بيده وأسرجه ، فلم يتحرك الفرس ، حتى إذا رفع ذنبه ليثفره رمحه على فؤاده رمحة فهلك منها ، وملأ الفرس فروجه جريا فلم يدرك ، فقالت الرعية: هذا من رأفة الله تعالى بنا ، وكان ملكه اثنتين وعشرين سنة ، وخمسة أشهر ، وستة عشر يوما . وقيل: إحدى وعشرين سنة ، وخمسة أشهر ، وثمانية عشر يوما .