الفجار الأول:
وكانت الحرب فيه ثلاثة أيام ، وكان أول أمر الفجار ابن بدر بن معشر الغفاري كان منيعا مستطيلا بمنعته على من ورد عكاظ فاتخذ مجلسا بسوق عكاظ ، وقعد فيه ، وجعل يبذخ على الناس ويقول:
نحن بنو مدركة بن خندف من يضعوا في عينه لا يطرف
وهو باسط رجله وجعل يقول: أنا أعز العرب ، فمن زعم أنه أعز العرب فليضربها بالسيف . فوثب رجل من بني نصر بن معاوية يقال له : الأحمر بن مازن ، فضربه بالسيف على ركبته ، فأندرها ثم قال:خذها إليك أيها المخندف
ثم قام رجل من هوازن فقال:
نحن ضربنا ركبة المخندف إذ مدها في أشهر المعرف
وكان سبب ذلك: أن شبابا من قريش من بني كنانة رأوا امرأة من بني عامر وسيمة جالسة بسوق عكاظ في درع ، فأطافوا بها وسألوها أن تسفر فأبت ، فقام أحدهم فجلس خلفها ، وحل طرف درعها وشده إلى ما فوق عجزها بشوكة ، فلما قامت انكشف درعها عن دبرها ، فضحكوا وقالوا: منعتينا النظر إلى وجهك وجدت لنا بالنظر إلى دبرك .
فنادت: يا آل عامر . فتنادوا بالسلاح وحملت كنانة ، فاقتتلوا قتالا شديدا ووقعت [ ص: 291 ] بينهم دماء ، فتوسطها حرب بن أمية وأرضى بني عامر من مثلة صاحبتهم
ثم كان اليوم الثالث من أيام الفجار الأول:
وكان سببه: أنه كان لرجل من بني جشم بن بكر دين على رجل من بني كنانة .
فلواه به ، فجرت بينهما خصومة ، واجتمع الحيان ، فاقتتلوا ، وحمل ابن جدعان ذلك من ماله .