فصل
ثم إن رضي الله عنه أذن في الانسياح في بلاد عمر فارس في هذه السنة ، وانتهى في ذلك إلى رأي الذي قدمنا ذكره ، فأمر الأمراء وبعث إليهم الألوية ليخرجوا إلى الأحنف بن قيس الكور ، فلم يستتب مسيرهم حتى دخلت سنة ثمان عشرة ، وأمدهم وكان عمر ، يزدجرد بن شهريار بن كسرى وهو يومئذ ملك أهل فارس لما انهزم أهل جلولاء خرج يريد الري ، ثم خرج إلى أصبهان ، ثم إلى خراسان ، فنزل مرو ، وبنى للنار بيتا ، واتخذ بستانا ، وبنى فرسخين من مرو إلى البستان ، واطمأن في نفسه ، وأمن أن يؤتى ، وكاتب من بقي من الأعاجم مما لم يفتحه المسلمون ، فدانوا له . [ ص: 237 ]
وفي هذه السنة تزوج رضي الله عنه عمر رضي الله عنه . أم كلثوم بنت علي
وهي ابنة فاطمة رضي الله عنها ، وكان قد خطبها إلى فقال: يا أمير المؤمنين إنها صبية ، فقال: إنك والله ما بك ذلك ، ولكن قد علمنا ما بك ، فأمر علي بها فصنعت ، ثم أمر ببرد فطواه ، ثم قال: انطلقي بهذا إلى أمير المؤمنين فقولي: أرسلني أبي إليك وهو يقرئك السلام ويقول إن رضيت البرد فأمسكه ، وإن سخطته فرده ، فلما أتت عمر قال: بارك الله فيك وفي أبيك قد رضينا . قالت: فرجعت إلى أبيها ، فقالت: ما نشر البرد وما نظر إلا إلي ، فزوجها إياه ، ولم تكن قد بلغت ، فدخل بها في ذي القعدة ، ثم ولدت له علي ، زيدا .
[أخبرنا قال: أخبرنا ابن الحصين ، قال: حدثنا أبو طالب محمد بن محمد بن غيلان ، أبو بكر محمد بن عبد الله الشافعي ، قال: حدثني جعفر بن محمد بن كزال ، قال: حدثنا إسحاق بن المنذر ، قال: حدثنا محمد بن عبد الملك الأنصاري ، قال: حدثنا ] ، عن محمد بن المنكدر قال: تزوج جابر بن عبد الله ، عمر بن الخطاب أم كلثوم بنت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على أربعين ألف درهم .
[أنبأنا الحسين بن محمد بن عبد الوهاب بإسناده] عن قال: الزبير بن بكار ، رضي الله عنه خطب عمر بن الخطاب أم كلثوم إلى فقال له [علي]: إنها صغيرة ، فقال له عمر: زوجنيها يا أبا الحسن ، فإني أرصد من كرامتها ما لا يرصد أحد ، فقال له علي: أنا أبعثها إليك ، فإن رضيتها زوجتكها ، فبعثها إليه ببرد ، وقال لها: قولي له: هذا البرد الذي قلت لك ، فقالت ذلك لعمر ، فقال: قولي: قد رضيته رضي الله عنك ، وضع يده على ساقها وكشفها ، فقالت له: أتفعل هذا ، لولا أنك أمير المؤمنين لكسرت أنفك ، ثم خرجت حتى جاءت أباها ، فأخبرته الخبر وقالت: بعثتني إلى شيخ سوء ، فقال: مهلا يا بنية ، فإنه زوجك ، فجاء علي بن أبي طالب ، إلى مجلس [ ص: 238 ] المهاجرين في عمر بن الخطاب الروضة ، وكان يجلس فيه المهاجرون الأولون ، فجلس إليهم ، فقال لهم: رفئوني ، فقالوا: لماذا يا أمير المؤمنين ، قال: تزوجت سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: كل نسب وسبب وصهر منقطع يوم القيامة إلا نسبي وسببي وصهري ، فكان لي به السبب والنسب ، وأردت أن أجمع إليه الصهر ، فرفئوه رضي الله عنهم أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب ، . كان