ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
190 - البراء بن مالك بن النضر بن ضمضم بن زيد بن حرام :
أمه أم سليم بنت ملحان ، وهو أخو لأبويه ، شهد أنس أحدا والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وكان شجاعا ذا نكاية في الحروب ، وكان يكتب: لا تستعملوا عمر البراء على جيش من جيوش المسلمين ، إنه مهلكه ، يقدم بهم ، وإنه ركب فرسه يوم اليمامة ، وقال: يا أيها الناس ، إنها -والله- الجنة ، وما إلى المدينة [من] سبيل ، فمضغ فرسه مضغات ، ثم كبس وكبس الناس معه ، فهزم الله المشركين ، وكانت في مدينتهم ثلمة .
[أخبرنا محمد بن أبي طاهر ، قال: أنبأنا البرمكي ، أخبرنا أخبرنا ابن حيويه ، ابن معروف ، أخبرنا ابن الفهم ، أخبرنا محمد بن سعد ، قال: حدثنا حجاج بن محمد ، قال: أخبرنا السري بن يحيى ] ، عن : محمد بن سيرين
أن المسلمين انتهوا إلى حائط قد أغلق بابه فيه رجال من المشركين ، فقعد على ترس وقال: ارفعوني برماحكم فألقوني إليهم ، ففعلوا فأدركوه وقد قتل منهم خمسة عشر . [ ص: 239 ] البراء بن مالك
[أخبرنا أبو البركات ابن علي البزاز ، أخبرنا أحمد بن علي الطرثيثي ، أخبرنا هبة الله بن الحسن الطبري ، أخبرنا محمد بن عبد الرحمن ، حدثنا عبد الله بن محمد بن زياد ، حدثنا محمد بن عزيز ، قال: حدثني سلامة بن روح ، عن عقيل ، عن ] ، عن ابن شهاب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أنس بن مالك ، منهم "كم من ضعيف متضعف ذي طمرين ، لو أقسم على الله لأبره ، البراء بن مالك" . وأن البراء لقي زحفا من المشركين وقد أوجف المشركون في المسلمين ، فقالوا: يا براء ، إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال إنك لو أقسمت على الله لأبرك ، فاقسم على ربك ، فقال: أقسمت عليك يا رب لما منحتنا أكتافهم ، فمنحوا أكتافهم . ثم التقوا على قنطرة السوس فأوجفوا في المسلمين ، فقالوا: اقسم يا براء على ربك ، [فقال: أقسمت عليك يا ربي] لما منحتنا أكتافهم وألحقتني بنبيي صلى الله عليه وآله وسلم ، فمنحوا أكتافهم ، وقتل شهيدا .
قال مؤلف الكتاب: قد ذكرنا آنفا أنه قتل يوم تستر
191 - [ حدير :
جاء في الحديث أن فقال: يا محمد ، نسيت حديرا ، فأرسل النبي صلى الله عليه وآله وسلم في طلبه ، قال الذي ذهب في طلبه: فأدركته وهو يقول: سبحان الله ، والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ، فقلت: يا هذا ، ارجع إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقد عوتب فيك ، فقال: يا من لم تنس حديرا اجعل حديرا لا ينساك . رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قسم في بعض الأيام قسما ونسي حديرا ، فنزل جبريل
أخبرنا محمد بن ناصر ، أخبرنا المبارك بن عبد الجبار ، أخبرنا أخبرنا عبد العزيز بن علي الأزجي ، إبراهيم بن محمد بن جعفر الساجي ، حدثنا عبد العزيز بن [ ص: 240 ] جعفر ، حدثنا أبو بكر الجلال ، حدثنا أحمد بن يحيى بن عطاء بن مسلم الباهلي ، حدثنا المغيرة ، حدثنا عن عبد العزيز بن أبي رواد ، نافع ، عن : ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعث جيشا فيهم رجل يقال له: حدير ، وكانت تلك السنة قد أصابتهم شدة من قلة الطعام ، فزودهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ونسي أن يزود حديرا ، فخرج حدير صابرا محتسبا وهو في آخر الركب يقول: لا إله إلا الله ، والله أكبر ، وسبحان الله ، ولا حول ولا قوة إلا بالله ، ويقول: نعم الزاد هو يا رب ، فهو يرددها وهو في آخر الركب .
قال: فجاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وقال له: إن ربي أرسلني إليك يخبرك أنك زودت أصحابك ونسيت أن تزود حديرا ، وهو في آخر الركب يقول: لا إله إلا الله ، والله أكبر ، والحمد لله ، وسبحان الله ، ولا حول ولا قوة إلا بالله ، ويقول: نعم الزاد هو يا رب . قال: وكلامه ذلك له نور يوم القيامة ما بين السماء والأرض فابعث إليه بزاد ، فدعا النبي صلى الله عليه وآله وسلم رجلا فدفع إليه الزاد ، حفظ عليه ما يقول ، ويقول له: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقرئك السلام ورحمة الله ، ويخبرك أنه كان نسي أن يزودك ، وإن ربي تبارك وتعالى أرسل إلي جبريل يذكرني بك ، فذكره جبريل وأعلمه مكانك . قال: فانتهى إليه وهو يقول: لا إله إلا الله ، والله أكبر ، والحمد لله ، وسبحان الله ، ولا حول ولا قوة إلا بالله ، ويقول: نعم الزاد هذا يا رب . قال: فدنا منه ثم قال له: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقرئك السلام ورحمة الله ، وقد أرسلني إليك بزاد ويقول: إنما نسيتك فأرسل إلي جبريل من السماء يذكرني بك .
قال: فحمد الله وأثنى عليه ، وصلى على النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، ثم قال: الحمد لله رب العالمين ، ذكرني ربي من فوق سبع سماوات وفوق عرشه ورحم جوعي وضعفي ، يا رب كما لم تنس حديرا فاجعل حديرا لا ينساك . قال: فحفظ ما قال فرجع إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فأخبره بما سمع منه حين أتاه ، وبما قال حين أخبره ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "أما إنك لو رفعت رأسك إلى السماء لرأيت لكلامه نورا ساطعا ما بين السماء والأرض"
192 - الحباب بن المنذر بن الجموح [بن زيد بن حرام ، أبو عمرو ]:
وهو بدر بالمكان الذي نزل فيه ، فقال الذي أشار على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم جبريل: [ ص: 241 ]
الرأي ما أشار به الحباب ، وشهد بدرا وثبت مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم أحد ، وبايعه على الموت ، وشهد المشاهد كلها معه ، وهو القائل يوم السقيفة: أنا جذيلها المحكك وعذيقها المرجب ، منا أمير ومنكم أمير .
193 - ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب بن هاشم ، أبو أروى :
وكان من أولاده صبي استرضع له في هذيل فقتله بنو ليث بن بكر في حرب كانت بينهم ، وكان حينئذ يحبو أمام البيوت ، فرموه بحجر فرضخ رأسه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم الفتح: ألا إن كل دم في الجاهلية فهو تحت قدمي ، ابن] ربيعة بن الحارث وأول دم أضعه دم [ " . وقد اختلفوا في اسم هذا الصبي ، فقال بعضهم: تمام ، وقال بعضهم: إياس ، وقال بعضهم: آدم ، وكان غلط من هؤلاء؛ لأنهم رأوا في الكتاب دم ابن ربيعة ، فزادوا ألفا .
وكان ربيعة أسن من عمه العباس بسنتين ، ولما خرج المشركون إلى بدر كان ربيعة غائبا بالشام ، فلم يشهدها معهم ، فلما خرج العباس ونوفل إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سبقهما ربيعة بن الحارث إلى الأبواء ، ثم أراد الرجوع إلى مكة ، فقالا: أين ترجع؟ إلى دار الشرك يقاتلون رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ويكذبونه ، وقد عز وكثرت أصحابه ، ارجع . فرجع معهما حتى قدموا على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مسلمين ، فشهد ربيعة مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فتح مكة والطائف وحنين ، وثبت معه يومئذ ، وتوفي في خلافة رضي الله عنه بعد أخويه عمر نوفل وأبي سفيان .