ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
218 - أسيد بن حضير بن سماك بن عتيك بن امرئ القيس .
كان أبوه شريفا في الجاهلية ، رئيس الأوس يوم بعاث ، وكان أسيد بعد أبيه شريفا في قومه ، يعد من ذوي العقول والآراء ، وكان يكتب بالعربية ، ويحسن العوم والرمي ، وكان في الجاهلية يسمون من جمع فيه هذه الخصال: "الكامل" . وأسلم هو على يدي وسعد بن معاذ في يوم واحد ، مصعب بن عمير أسيد العقبة الأخيرة مع السبعين ، وكان أحد النقباء الاثني عشر ، ولم يشهد وشهد بدرا لأنه لم يظن أنه يجري قتال ، وشهد أحدا وثبت يومئذ مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وجرح بسبع جراحات ، وشهد الخندق والمشاهد بعده .
[أخبرنا ابن أبي طاهر قال: أخبرنا أبو إسحاق البرمكي قال: أخبرنا قال: أخبرنا ابن حيويه ، ابن معروف قال: أخبرنا الحسين بن الفهم ، قال: حدثنا محمد بن سعد ، قال: أخبرنا وعفان ، يزيد بن هارون ، قالوا: حدثنا وسليمان بن حرب عن حماد بن سلمة ، ثابت ، ] عن قال: أنس أسيد بن حضير وعباد بن بشر عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في ليلة مظلمة حندس ، فتحدثا عنده حتى إذا خرجا أضاءت لهما عصا ، فمشيا في [ ص: 297 ] ضوئها ، فلما تفرق بهما الطريق أضاءت لكل واحد منهما عصاه ، فمشى في ضوئها . أخرجه كان . البخاري
أسيد [بن حضير] في شعبان في هذه السنة ، فصلى عليه توفي عمر بالبقيع
219 - بلال بن رباح ، مولى أبي بكر الصديق رضي الله عنه ، ويكنى أبا عبد الله .
من مولدي السراة ، واسم أمه حمامة ، وكان أدم شديد الأدمة ، نحيفا ، طوالا ، أحنى ، أشفر ، [له شعر كثير] ، خفيف العارضين ، به سمط كثير لا يغير .
[أخبرنا محمد بن أبي طاهر قال: أخبرنا الجوهري قال: أخبرنا قال: ابن حيويه
أخبرنا ابن معروف قال: أخبرنا ابن الفهم قال: حدثنا محمد بن سعد ، قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثنا محمد بن عبد الرحمن بن أبي مزود ، عن يزيد بن رومان ] ، عن قال: كان عروة بن الزبير من المستضعفين ، وكان يعذب حين أسلم ليرجع عن دينه فما أعطاه قط كلمة مما يريدون ، وكان الذي يعذبه بلال بن رباح أمية بن خلف .
[قال محمد بن سعد : وأخبرنا عثمان بن عمر ، ومحمد بن عبد الله الأنصاري قالا: حدثنا] عون بن عمير بن إسحاق قال: كان إذا اشتدوا عليه في العذاب قال: أحد أحد . قال: فيقولون له: قل كما نقول . فيقول: إن لساني لا يحسنه . [ ص: 298 ] بلال
[قال ابن سعد: وأخبرنا جرير ، عن منصور ] ، عن قال: أول من أظهر الإسلام بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: مجاهد أبو بكر ، وبلال ، وخباب ، وصهيب ، وعمار ، وسمية ، أم عمار . فأما رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فمنعه وأما عمر ، أبو بكر فمنعه قومه ، وأخذ الآخرون فألبسوهم أدراع الحديد ، ثم صهروهم في الشمس حتى بلغ الجهد منهم كل مبلغ فأعطوهم ما سألوا ، فجاء إلى كل رجل منهم قومه بأنطاع الأدم ، فيها الماء ، فألقوهم فيه ، وحملوا جوانبه إلا بلالا ، فلما كان العشاء جاء أبو جهل ، فجعل يشتم سمية ويرفث ، ثم طعنها فقتلها ، فهي أول شهيد استشهد في الإسلام . وأما بلال فإنه هانت عليه نفسه في الله . حتى ملوه ، فجعلوا في عنقه حبلا ، ثم أمروا صبيانهم أن يشتدوا به بين أخشبي مكة ، فجعل يقول: أحد أحد .
[قال ابن سعد: وأخبرنا عامر بن الفضل قال: حدثنا عن حماد بن زيد ، أيوب ] ، عن محمد : أن بلالا ألقوه في البطحاء وجلدوا ظهره ، فجعلوا يقولون: ربك اللات والعزى . فيقول: أحد أحد . فأتى عليه أبو بكر فقال: علام تعذبون هذا الإنسان؟ فاشتراه بسبع أواق فأعتقه ، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: "الشركة يا أبا بكر" قال: قد أعتقته يا رسول الله .
[قال ابن سعد: أنبأنا قال: حدثنا الحميدي عن سفيان بن عيينة ، إسماعيل ، ] عن قيس قال: اشترى أبو بكر بخمس أواق . [ ص: 299 ] بلالا
[وأخبرنا قال: حدثنا الفضل بن دكين عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة ، عن ] ، عن محمد بن المنكدر : أن جابر بن عبد الله رضي الله عنه كان يقول: عمر أبو بكر سيدنا ، وأعتق سيدنا؛ يعني بلالا .
قال علماء السير: بلال بدرا والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وأمره رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأذن يوم الفتح على ظهر شهد الكعبة ، والحارث بن هشام ، وصفوان بن أمية قاعدان ، فقال أحدهما للآخر: انظر إلى هذا الحبشي ، فقال الآخر: إن يكرهه الله يغيره .
ولما مات رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يؤذن ، فإذا قال: "أشهد أن محمدا رسول الله" انتحب الناس ، فلما دفن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال له بلال أبو بكر: أذن . فقال له: إن كنت إنما أعتقتني لأن أكون معك ، فسبيل ذلك ، وإن كنت أعتقتني لله فخلني ومن أعتقتني له .
فقال: ما أعتقتك إلا لله . قال: فإني لا أؤذن لأحد بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم . قال: فذاك إليك . قال: فأقام حتى خرجت بعوث الشام ، فسار معهم .
وقيل: إنما أقام حياة أبي بكر ، فلما ولي عمر رحل [إلى] الشام ، فمات هناك في هذه السنة . وهو ابن بضع وستين سنة .
220 - خويلد بن مرة ، أبو خراش الهذلي .
شاعر مجيد من شعراء هذيل ، أدرك الجاهلية والإسلام فأسلم ، ولم أر أحدا ذكره في الصحابة ، وعاش بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى مات في خلافة نهشته أفعى فمات ، وكان إذا عدا سبق الخيل . عمر ،
قال حدثني رجل من الأصمعي: هذيل قال: دخل أبو خراش الهذلي مكة وللوليد بن المغيرة فرسان يريد أن يرسلهما في الحلبة ، فقال للوليد: ما تجعل لي إن [ ص: 300 ] سبقتهما؟ قال: إن فعلت ذلك فهما لك . فأرسلا وعدا بينهما فسبقهما وأخذهما .
221 - زينب بنت جحش
تزوجها ثم طلقها ، فتزوجها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في سنة أربع ، زيد بن حارثة وكانت تفخر على النساء فتقول: زوجكن أهاليكن ، وزوجني الله من فوق سبع سماوات ، ولما نزل قوله عز وجل: وبسببها نزلت آية الحجاب ، زوجناكها دخل عليها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بلا إذن ، وكانت تعمل بيدها وتتصدق .
[أخبرنا عبد الله بن علي المقرئ ، ومحمد بن ناصر الحافظ قالا: أخبرنا أخبرنا طراد بن محمد ، علي بن محمد بن بشران ، حدثنا حدثنا ابن صفوان ، أبو بكر القرشي قال: حدثنا عن يزيد بن هارون ، محمد بن عمر قال: حدثني يزيد بن خصيفة ، عن عبد الله بن رافع ] ، عن برزة بنت رافع قالت: لما جاء العطاء بعث رضي الله عنه إلى عمر بالذي لها ، فلما دخل عليها قالت: غفر الله لعمر ، لغيري من أخواتي كان أقوى على قسم هذا مني . قالوا: هذا كله لك . فقالت: سبحان الله . واستترت دونه بثوب وقالت: صبوه واطرحوا عليه ثوبا . وقالت لي: أدخلي يدك فاقبضي منه قبضة ، فاذهبي بها إلى فلان وإلى فلان من أيتامها وذوي رحمها ، فقسمته حتى بقيت منه بقية فقالت لها برزة: غفر الله لك ، والله لقد كان لنا في هذا حظ ، قالت: فلكم ما تحت الثوب . قالت: فرفعنا الثوب فوجدنا خمسة وثمانين درهما ، ثم رفعت يديها فقالت: اللهم لا يدركني عطاء لعمر بعد عامي هذا ، فماتت [قبل الحول] . زينب بنت جحش
[أنبأنا أبو بكر بن عبد الباقي قال: أخبرنا الجوهري ، أخبرنا أخبرنا ابن حيويه ، أحمد بن معروف ، أخبرنا الحسين بن الفهم ، حدثنا محمد بن سعد ، قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني محمد بن عبد الله ، عن ] ، عن الزهري سالم ، عن أبيه ، [ ص: 301 ] قال: إنما عنى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بذلك الصدقة . قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو جالس مع نسائه: "أطولكن [باعا] أسرعكن لحوقا بي" ، فكن يتطاولن إلى الشيء ، زينب امرأة صناعا ، وكانت تتصدق به ، وكانت أسرع نسائه به لحوقا . وكانت
[قال محمد بن عمر : وحدثني موسى بن عمران ، عن عاصم بن عبد الله ، عن عبد الله بن عامر بن ربيعة قال: رأيت رضي الله عنه صلى على عمر بن الخطاب سنة عشرين ، في يوم صائف ، ورأيت ثوبا مد على قبرها وعمر قائم ، والأكابر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قيام ، فأمر زينب بنت جحش عمر محمد بن عبد الله بن جحش ، وأسامة بن زيد ، وعبد الله بن أبي أحمد بن جحش ، ومحمد بن طلحة -وهو ابن أختها- فنزلوا من قبرها .
قالوا: وتوفيت بنت ثلاث وخمسين سنة
222 - سعيد بن عامر بن حذيم بن سلامان .
أسلم قبل خيبر ، وشهدها مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وما بعدها .
[أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي قال: أخبرنا الجوهري قال: أخبرنا قال: أخبرنا ابن حيويه أحمد بن معروف قال: أخبرنا ابن الفهم قال: حدثنا ابن سعد قال: حدثنا مالك بن إسماعيل أبو غسان النهدي قال: حدثنا مسعود بن سعد الجعفي قال: حدثنا يزيد بن أبي زياد] ، عن عبد الرحمن بن سابط قال: أرسل إلى عمر سعيد بن عامر فقال: إنا مستعملوك على هؤلاء تسير بهم إلى أرض العدو فتجاهد بهم . فقال: يا عمر ، لا تفتني ، فقال عمر: والله لا أدعكم ، جعلتموها في عنقي ثم تخليتم مني ، إنما أبعثك على قوم لست بأفضلهم ، ولست أبعثك لتضرب أبشارهم ولا تنتهك أعراضهم ، ولكن تجاهد بهم عدوهم وتقسم بينهم فيهم . فقال: اتق الله يا عمر ، أحب لأهل الإسلام ما تحب لنفسك ، وحض العمرات إلى الحق حيث علمته ، ولا تخش في الله [ ص: 302 ] لومة لائم . فقال عمر: ويحك يا سعيد ، ومن يطق هذا؟ فقال: من وضع الله في عنقه مثل الذي وضع في عنقك ، إنما عليك أن تأمر فيطاع أمرك ، أو تترك فيكون لك الحجة .
فقال عمر: إنا سنجعل لك رزقا . قال: لقد أعطيت ما يكفيني دونه -يعني عطاءه- وما أنا بمزداد من مال المسلمين شيئا . قال: وكان إذا خرج عطاؤه نظر إلى قوت أهله من طعامهم وكسوتهم وما يصلحهم فيعزله ، وينظر إلى بقيته فيتصدق به ، فيقول أهله: أين بقية المال؟ فيقول: أقرضته . قال: فأتاه نفر من قومه ، فقالوا: لولا أن لأهلك عليك حقا وإن لأصهارك عليك حقا ، وإن لقومك عليك حقا . فقال: ما استأثر عليهم أن يرى لمع أيديهم ، وما أنا بطالب أو ملتمس رضى أحد من الناس بطلبي الحور العين ، الذي لو اطلعت واحدة منهن لأشرقت لها الأرض كما تشرق الشمس ، وما أنا بمستخلف عن العتق الأول بعد أن سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: [أخبرنا "يجيء فقراء المهاجرين يزفون كما يزف الحمام ، قال: فيقال لهم: قفوا للحساب . فيقولون: والله ما تركنا شيئا يحاسب به . فيقول الله عز وجل: صدق عبادي . فيدخلون الجنة [قبل الناس] بسبعين عاما" . عبد الوهاب بن المبارك ، أخبرنا أحمد بن أحمد ، أخبرنا أحمد بن عبد الله الأصبهاني ، حدثنا محمد بن عبد الله ، حدثنا الحسن بن علي الطوسي ، حدثنا محمد بن عبد الكريم العبدي ، حدثنا حدثنا الهيثم بن عدي ، حدثنا ثور بن يزيد ، قال: استعمل خالد بن معدان] عمر بن الخطاب بحمص سعيد بن عامر بن حذيم ، فلما قدم عمر حمص قال: يا أهل حمص ، كيف وجدتم عاملكم؟ فشكوه إليه ، وكان يقال لحمص "الكويفة" الصغرى لشكايتهم العمال ، قالوا: فشكوا أربعا: لا يخرج إلينا حتى يتعالى النهار . قال: أعظم بها . قال: وماذا؟ قالوا: لا يجيب أحدا بالليل . قال: وعظيمة . قال: وماذا؟ قالوا: وله يوم في الشهر لا يخرج فيه إلينا ، قال: وعظيمة . قال: وماذا؟ قالوا: يغبط الغبطة بين الأيام -أي: تأخذه موتة- قال: فجمع عمر بينهم وبينه ، وقال: اللهم لا يقبل رأي فيه اليوم ، ما تشكون منه . قال: ولا يخرج إلينا حتى يتعالى النهار . [ ص: 303 ]
قال: والله إن كنت لأكره ذكره؛ ليس لي ولأهلي خادم فأعجن عجيني ، ثم أجلس حتى يختمر ، ثم أخبز خبزي ، ثم أتوضأ ، ثم أخرج إليهم . فقال: ما تشكون منه؟ فقالوا: لا يجيب أحدا بالليل . قال: ما يقولون؟ قال: إن كنت لأكره ذكره؛ إني جعلت النهار لهم والليل لله عز وجل . قال: وما تشكون منه؟ قالوا: إن له يوما في الشهر لا يخرج إلينا فيه .
قال: ما يقولون؟ قال: ليس لي خادم يغسل ثيابي ولا لي ثياب أبدلها ، فأجلس حتى تجف ، ثم أدلكها ، ثم أخرج إليهم من آخر النهار . قال: ما تشكون منه؟ قالوا: يغبط الغبطة بين الأيام . قال: ما يقولون؟ قال: شهدت مصرع خبيب الأنصاري بمكة ، وقد بضعت قريش لحمه ، ثم حملوه على جدعه ، فقالوا: أتحب أن محمدا مكانك؟ قال: والله ما أحب أني في أهلي وولدي ، وأن محمدا أشيك بشوكة . ثم نادى: يا محمد . ما ذكرت ذلك اليوم ، وتركي نصرته في تلك الحال وأنا مشرك لا أؤمن بالله العظيم إلا ظننت أن الله لا يغفر لي ذلك الذنب أبدا ، فتصيبني تلك الغبطة . فقال عمر: الحمد لله الذي لم يقبل فراستي . فبعث إليه بألف دينار ، وقال: استعن بها على أمرك . فقالت امرأته: الحمد لله الذي أغنانا عن خدمتك . فقال لها: فهل لك في خير من ذلك؟ ندفعها إلى من يأتينا بها أحوج ما يكون إليها . قالت: نعم . فدعا رجلا من أهله يثق به ، فصررها صررا ، ثم قال: انطلق بهذه إلى أرملة آل فلان ، وإلى يتيم آل فلان ، وإلى مسكين آل فلان ، وإلى مبتلى آل فلان ، فبقيت منها ذهبية ، فقال: أنفقي هذه . ثم عاد إلى عمله . فقالت: ألا تشتري لنا خادما ، ما فعل ذلك المال؟! قال: سيأتيك أحوج ما تكونين .
توفي سعيد في هذه السنة .
223 - عياض بن غنم بن زهير الفهري
شهد الحديبية مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وحضر فتح المدائن مع وفتح فتوحا كثيرة ببلاد سعد بن أبي وقاص ، الشام ، ونواحي الجزيرة ، ولما احتضر أبو عبيدة بالشام ولى عمله ، فأقره عياض بن غنم رضي الله عنه وبعثه عمر بن الخطاب سعد إلى [ ص: 304 ] الجزيرة ، فنزل بجنده على الرها ، فصالحه أهلها على الجزية ، وصالحت حران حيث صالحت الرها ، فكان فتح الجزيرة ، والرها ، وحران ، والرقة على يده في سنة ثمان عشرة ، وكتب لهم كتابا ، وكان جوادا ، فقيل لعمر: إنه يبذر المال . فقال: إن سماحه في ذات يده ، فإذا بلغ مال الله لم يعط منه شيئا ، فلا أعزل من ولاه أبو عبيدة .
[أخبرنا قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال: حدثني أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الأزهري ، حدثنا أحمد بن إبراهيم حدثنا أحمد بن سليمان الطوسي ، حدثنا قال: كان الزبير بن بكار شريفا ، وله فتوح بنواحي الجزيرة . في زمان عياض بن غنم وهو عمر ، أول من أجاز الدرب إلى أرض الروم] .
[أنبأنا أبو بكر بن أبي طاهر قال: أخبرنا الجوهري قال: أخبرنا قال: أخبرنا ابن حيويه ابن معروف ، قال: أخبرنا ابن الفهم قال: حدثنا محمد بن سعد قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني أبو بكر بن عبد الله ] ، عن قال: لما ولي موسى بن عقبة قدم عليه نفر من أهل بيته يطلبون صلته ، فلقيهم بالبشر وأنزلهم وأكرمهم ، فأقاموا أياما ، ثم كلموه في الصلة ، وأخبروه بما لقوه من المشقة في السفر رجاء صلته ، فأعطى كل رجل منهم عشرة دنانير ، وكانوا خمسة ، فردوها وتسخطوا ونالوا منه فقال: أي بني عم ، والله ما أنكر قرابتكم ولا حقكم ولا بعد شقتكم ، ولكن -والله- ما خلصت إلى ما وصلتكم به إلا ببيع خادمي وبيع ما لا غنى لي عنه ، فاعذروا . قالوا: والله ما عذرك الله؛ فإنك والي نصف الشام ، وتعطي الرجل منا ما جهده يبلغه إلى أهله . قال: فتأمرونني أن أسرق مال الله ، فوالله لئن أشق بالمنشار أحب إلي من أن أخون فلسا أو أتعدى . قالوا: عذرناك في ذات يدك ، فولنا أعمالا من أعمالك نؤدي ما يؤدي الناس إليك ، ونصيب من المنفعة ما يصيبون ، فأنت تعرف حالنا ، وأنا ليس نعدو ما جعلت لنا . قال: والله لأني أعرفكم بالفضل والخير ، ولكن يبلغ عمر أني وليت نفرا من قومي فيلومني . قالوا: فقد ولاك أبو عبيدة وأنت منه في القرابة بحيث أنت ، فأنفذ ذلك عمر ، فلو [ ص: 305 ] وليتنا أنفذه . قال: إني لست عند عياض بن غنم عمر كأبي عبيدة . فمضوا لائمين له .
ومات ولا مال له ، ولا عليه دين لأحد ، سنة [عشرين] وهو ابن ستين سنة
224 - مالك بن التيهان ، أبو الهيثم
كان يكره الأصنام في الجاهلية ، ويقول بالتوحيد هو وكان وأسعد بن زرارة ، ثم شهد أول من أسلم من الأنصار الذين لقوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بمكة ، العقبة مع السبعين ، وهو أحد النقباء الاثني عشر ، شهد بدرا والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وبعثه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى خيبر خارصا .
وتوفي بالمدينة في هذه السنة
225 - هرقل ملك الروم
وقد سبقت أخباره ومكاتبة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم إياه ، وغير ذلك .
مات في هذه السنة ، وولي مكانه ابنه قسطنطين .
226 - أم ورقة بنت الحارث
أسلمت وبايعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وكانت قد جمعت القرآن ، وأمرها النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن تؤم أهل دارها ، فكانت تؤمهم .
[أخبرنا محمد بن عبد الباقي بن سليمان قال: أخبرنا أحمد بن أحمد الحداد ، قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله الحافظ ، قال: حدثنا أبو علي محمد بن أحمد بن الحسن ، قال: حدثنا إسحاق الحربي قال: حدثنا أبو نعيم قال]: حدثنا الوليد بن جميع قال:
حدثتني جدتي عن أمها أم ورقة بنت عبد الله بن الحارث الأنصارية -وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يزورها ويسميها الشهيدة ، وكانت قد جمعت القرآن ، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حين [ ص: 306 ] غزا بدرا قالت له: ائذن لي فأخرج معك وأداوي جرحاكم وأمرض مرضاكم لعل الله يهدي لي الشهادة . قال: "إن الله عز وجل مهد لك الشهادة" حتى عدا عليها جارية وغلام لها كانت قد دبرتهما فقتلاها في إمارة رضي الله عنه ، فقال عمر صدق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يقول: عمر: [ ص: 307 ] "انطلقوا بنا نزور الشهيدة" .