وقال : (دخلت على إسماعيل القاضي وعلى رأسه أحداث صباح الوجوه روم ، فنظرت إليهم ، فلما أردت القيام . . . قال لي : أيها القاضي; والله ما حللت سراويلي على حرام قط ) . المعتضد
ودخلت مرة فدفع إلي كتابا ، فنظرت فيه ، فإذا قد جمع له فيه الرخص من زلل العلماء ، فقلت : (مصنف هذا زنديق ، فقال : أمختلق ؟ قلت : لا; ولكن من أباح المسكر . . . لم يبح المتعة ، ومن أباح المتعة . . . لم يبح الغناء ، وما من عالم إلا وله زلة ، ومن أخذ بكل زلل العلماء . . . ذهب دينه ، فأمر بالكتاب فأحرق ) .
شهما ، جلدا موصوفا بالرجلة المعتضد ، قد لقي الحروب وعرف فضله ، فقام بالأمر أحسن قيام ، وهابه الناس ، ورهبوه أعظم رهبة ، وسكنت الفتن في أيامه; لفرط هيبته . وكان
وكانت أيامه طيبة ، كثيرة الأمن والرخاء .
وكان قد أسقط المكوس ، ونشر العدل ، ورفع الظلم عن الرعية .
وكان يسمى السفاح الثاني; لأنه جدد ملك بني العباس ، وكان قد خلق وضعف ، وكاد يزول ، وكان في اضطراب من وقت قتل . المتوكل
[ ص: 573 ] وفي ذلك يقول ابن الرومي يمدحه :
هنيئا بني العباس إن إمامكم إمام الهدى والبأس والجود أحمد كما بأبي العباس أنشئ ملككم
كذا بأبي العباس أيضا يجدد إمام يظل الأمس يعمل نحوه
تلهف ملهوف ويشتاقه الغد
أما ترى ملك بني هاشم عاد عزيزا بعد ما ذللا
يا طالبا للملك كن مثله تستوجب الملك ، وإلا فلا
، ومنع القصاص والمنجمين من القعود في الطريق ، وصلى بالناس صلاة الأضحى ، فكبر في الأولى ستا وفي الثانية واحدة ، ولم تسمع منه الخطبة . وفي أول سنة استخلف فيها : منع الوراقين من بيع كتب الفلاسفة وما شاكلها
وفي سنة ثمانين دخل داعي إلى المهدي القيروان ، وفشا أمره ، ووقع القتال بينه وبين صاحب إفريقية ، وصار أمره في زيادة .
وفيها : ورد كتاب من الدبيل أن في شوال ، وأن الدنيا أصبحت مظلمة إلى العصر القمر كسف ، فدامت إلى ثلث الليل ، وأعقبها فهبت ريح سوداء ، فكان عدة من أخرج من تحت الردم : مائة ألف وخمسين ألفا . زلزلة عظيمة أذهبت عامة المدينة
[ ص: 574 ] وفي سنة إحدى وثمانين : الروم . فتحت ملورية في بلاد
وفيها : غارت مياه الري وطبرستان ، حتى أبيع الماء ثلاثة أرطال بدرهم ، وقحط الناس وأكلوا الجيف .
وفيها : المعتضد دار الندوة بمكة ، وصيرها مسجدا إلى جانب هدم المسجد الحرام .
وفي سنة اثنتين وثمانين : أبطل ما يفعل في النيروز; من وقيد النيران ، وصب الماء على الناس وأزال سنة المجوس .
وفيها : زفت إليه قطر الندى بنت خمارويه بن أحمد بن طولون ، فدخل عليها في ربيع الأول ، وكان في جهازها أربعة آلاف تكة مجوهرة ، وعشرة صناديق جوهر .
وفي سنة ثلاث وثمانين : كتب إلى الآفاق بأن يورث ذوو الأرحام ، وأن يبطل ديوان المواريث ، وكثر الدعاء للمعتضد .
وفي سنة أربع : بمصر حمرة عظيمة ، حتى كان الرجل ينظر إلى وجه الرجل فيراه أحمر ، وكذا الحيطان ، فتضرع الناس بالدعاء إلى الله تعالى ، وكانت من العصر إلى الليل . ظهرت
قال : (وفيها : ابن جرير على لعنة المعتضد على المنابر معاوية ، [ ص: 575 ] فخوفه عزم عبيد الله الوزير اضطراب العامة ، فلم يلتفت ، وكتب كتابا في ذلك : ذكر فيه كثيرا من مناقب وثلب علي ، فقال له معاوية : يا أمير المؤمنين; أخاف الفتنة عند سماعه ، فقال : إن تحركت العامة . . . وضعت السيف فيها ، قال : فما تصنع القاضي يوسف بالعلويين الذين هم في كل ناحية قد خرجوا عليك ؟ وإذا سمع الناس هذا من فضائل أهل البيت . . . كانوا إليهم أميل فأمسك عن ذلك ) . المعتضد
وفي سنة خمس : بالبصرة ، ثم صارت خضراء ، ثم صارت سوداء ، وامتدت في الأمصار ، ووقع عقبها هبت ريح صفراء ، برد وزن البردة مائة وخمسون درهما ، ومطرت قرية حجارة سودا وبيضا . وقلعت الريح نحو ستمائة نخلة
وفي سنة ست : أبو سعيد القرمطي وقويت شوكته - وهو ظهر بالبحرين أبو أبي طاهر سليمان الذي يأتي أنه قلع الحجر الأسود - ، ووقع القتال بينه وبين عسكر الخليفة ، وأغار على البصرة ونواحيها ، وهزم جيش الخليفة مرات .
[وفي سنة سبع : خرجت طيئ على الركب العراقي ليأخذوه أيضا ، فقاتلهم أمير الركب أبو الأغر يوما وليلة فنصره الله ، وقتل صالح أمير العرب ، وأسر من قومه خلق كثير ، ودخل الحجاج بالأسرى وبالرؤوس على الرماح .
[ ص: 576 ] وفي سنة ثمان : أبو عبد الله الشيعي بالمغرب ، فدعا قبيلة ظهر كنانة إلى الإمام ، فاستجابوا ، فهذا أول ظهور المهدي العبيدية الذين صاروا ملوك ديار مصر .
وفي سنة تسع : بالشام ابن زكرويه القرمطي ، وقصد أخذ خرج دمشق ، فحاربه متوليها الأمير طغج غير مرة ، ثم قتل القرمطي .
وفيها : وثبت طيئ وأميرهم صالح بن مدرك ، فانتهبوا الركب العراقي ، فذهب للحجاج فيه ما قيمته ألف ألف مثقال ] .