[ ص: 166 ] الآية الثامنة عشرة : قوله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=116nindex.php?page=treesubj&link=18979ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون } فيها ثلاث مسائل :
المسألة الأولى : في قراءتها : قرأها الجماعة الكذب بنصب الكاف ; وخفض الذال ، ونصب الباء . وقرأها
الحسن وغيره مثله ، إلا أن الباء مخفوضة ، وقرأها قوم بضم الكاف والذال .
فالقراءة الأولى يكون فيها الكذب على الإتباع لموضع ما يقولون . ومن رفع الكاف والذال جعله نعتا للألسنة . ومن نصب الكاف والباء جعله مفعول قوله : تقولوا ، وهو بين كله .
المسألة الثانية : معنى الآية : لا تصفوا الأعيان بأنها حلال أو حرام من قبل أنفسكم ; إنما المحرم المحلل هو الله سبحانه . وهذا رد على
اليهود الذين كانوا يقولون : أن الميتة حلال ، وعلى
العرب الذين كانوا يقولون : ما في بطون هذه الأنعام خالصة لذكورنا ، ومحرم على أزواجنا ; افتراء على الله بضلالهم ، واعتداء ، وإن أمهلهم الباري في الدنيا فعذاب الآخرة أشد وأبقى .
[ ص: 166 ] الْآيَةُ الثَّامِنَةَ عَشْرَةَ : قَوْله تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=116nindex.php?page=treesubj&link=18979وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمْ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ } فِيهَا ثَلَاثُ مَسَائِلَ :
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : فِي قِرَاءَتِهَا : قَرَأَهَا الْجَمَاعَةُ الْكَذِبَ بِنَصْبِ الْكَافِ ; وَخَفْضِ الذَّالِ ، وَنَصْبِ الْبَاءِ . وَقَرَأَهَا
الْحَسَنُ وَغَيْرُهُ مِثْلُهُ ، إلَّا أَنَّ الْبَاءَ مَخْفُوضَةٌ ، وَقَرَأَهَا قَوْمٌ بِضَمِّ الْكَافِ وَالذَّالِ .
فَالْقِرَاءَةُ الْأُولَى يَكُونُ فِيهَا الْكَذِبُ عَلَى الْإِتْبَاعِ لِمَوْضِعِ مَا يَقُولُونَ . وَمَنْ رَفَعَ الْكَافَ وَالذَّالَ جَعَلَهُ نَعَتَا لِلْأَلْسِنَةِ . وَمَنْ نَصَبَ الْكَافَ وَالْبَاءَ جَعَلَهُ مَفْعُولَ قَوْلِهِ : تَقُولُوا ، وَهُوَ بَيِّنٌ كُلُّهُ .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : مَعْنَى الْآيَةِ : لَا تَصِفُوا الْأَعْيَانَ بِأَنَّهَا حَلَالٌ أَوْ حَرَامٌ مِنْ قِبَلِ أَنْفُسِكُمْ ; إنَّمَا الْمُحَرِّمُ الْمُحَلِّلُ هُوَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ . وَهَذَا رَدٌّ عَلَى
الْيَهُودِ الَّذِينَ كَانُوا يَقُولُونَ : أَنَّ الْمَيْتَةَ حَلَالٌ ، وَعَلَى
الْعَرَبِ الَّذِينَ كَانُوا يَقُولُونَ : مَا فِي بُطُونِ هَذِهِ الْأَنْعَامِ خَالِصَةٌ لِذُكُورِنَا ، وَمُحَرَّمٌ عَلَى أَزْوَاجِنَا ; افْتِرَاءً عَلَى اللَّهِ بِضَلَالِهِمْ ، وَاعْتِدَاءً ، وَإِنْ أَمْهَلَهُمْ الْبَارِي فِي الدُّنْيَا فَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى .